شهيد العلم إيهاب.. انتظرته أسرته طبيباً فعاد إليها شهيداً

شهيد العلم إيهاب.. انتظرته أسرته طبيباً فعاد إليها شهيداً
الشهيد إيهاب الخطيب
خاص دنيا الوطن- علاء الهجين
قبل 5 سنوات، توجه الشاب ابن الـ (23 عاماً) إيهاب الخطيب من محافظة خانيونس جنوب قطاع غزة، إلى جمهورية مصر العربية، لدراسة الطب في إحدى جامعاتها، وأخذ يحقق حلمه شيئاً فشيئاً، متأملاً أن يحصل على شهادته ويرجع بها إلى بلده، لكي يعمل على إثرها ويعيل أسرته التي تعاني من ظروف اقتصادية سيئة، وبعد أن قضى 4 سنوات من الجد والاجتهاد، ولم يتبق على تخرجه سوى عام واحد، بات الحلم سراباً حيث وُجد ميتاً على رصيف أحد الشوارع في مصر، في ظروف غامضة، كما تحدث البعض من أقربائه.

أسرته فقدت الاتصال به قبل أسبوع من علمهم بخبر وفاته، وعندما تواصلوا مع صديق له وأخبرهم أنه تم إيجاده جثة هامدة في أحد شوارع محافظة الإسكندرية في جمهورية مصر العربية، هنا كانت الصدمة كونهم كانوا ينتظرون عودته طبيباً بفارغ الصبر، لكنه عاد إليهم محملاً على أكف الناس يرتدي كفنه الأبيض، متوجهين به إلى مثواه الأخير.

وعندما علمت والدته خبر وفاته، أغمي عليها من شدة الصدمة، ولم تفق إلا بعد مرور يوم كامل، وحينما فاقت من غيبوبتها، أخذت تكذب نفسها بسماعها خبر وفاة فلذة كبدها، ولكن في نهاية المطاف أدركت أن عليها مواجهة حقيقة ما حل بها وبأسرتها من مصاب.

يوضح شقيق إيهاب الأكبر، محمد الخطيب، أنه منذ أن خرج شقيقه إيهاب من قطاع غزة متوجهاً إلى جمهورية مصر العربية لدراسة الطب، وهو دائم الاتصال به يطمئن عليه، يرسل له كافة مستلزمات دراسته، لأنه كان ينتظر عودة شقيقه طبيباً تفتخر به أسرته، ويساعد في إعالة أسرته لأن والده وافته المنية منذ سنوات.

ويؤكد الخطيب، أن أخاه الفقيد كان يستشيره دائماً بكل خطوة قبل أن يخطوها، حتى وصل إلى مرحلة التخصص في دراسته، فأشرت عليه أن يتخصص في طب "الجلدية"، ولكن وفاته حالت دون تحقيق حلمه.

ويبين، أن والدته اتصلت به، وأخبرته أن شقيقه إيهاب لم يتواجد في منزله منذ يومين كاملين، وأن أصدقاءه اتصلوا عليها ليطمئنوا عليه، كون هاتفه كان مغلقاً، وفوراً حاولت الاتصال به دون فائدة، وبعد ذلك تواصلت مع صديقه المقرب، فقال لي إنه لم ير إيهاب منذ يومين، وحين استفسر من حارس العمارة التي يقطن بها، فكان الرد منه أنه مختفي منذ فترة قريبة، ومن هنا بدأت الشكوك تنتاب قلوبهم، فطلب من صديقه التواصل مع السفارة الفلسطينية في مصر، وإخبارهم عن اختفاء إيهاب، وفعلاً بدأت بالمتابعة والبحث، ففي اليوم التالي تواصل شقيقه مع السفارة، وأخبره أحدهم أن الاحتمال الأسوأ غير موجود، "كان يقصد إصابته أو سجنه أو وفاته بعد التحري بكافة مستشفيات وسجون المحافظة"، وبعد تلك المحاولات، تأكد أهله أن مكروهاً قد أصابه.

ويضيف شقيقه الأكبر: "أصدقاء إيهاب باتوا يكثفون البحث عنه في كافة الأماكن التي كان يرتادها باستمرار، ولكنهم لم يجدوه، وانتاب الشك أحد أصدقائه، وبات يبحث عنه بالمستشفيات لوحده، وبعد عدة محاولات سأل أحد الأطباء بأحد المشافي عن وجود جثة لشاب فلسطيني من عائلة الخطيب، فأجابه بأنه يوجد جثة لم يتعرف أحد عليها منذ 4 أيام، فأسرع الشاب إلى المشرحة ليتعرف عليه، وهنا كانت الصدمة، عندما وجد صديقه مكفن بوشاح أبيض، ينتظر أن ينقله أحد إلى مثواه الأخير".

ويتابع: "عندما علم كافة أصدقائه بخبر وفاته، توجهوا جميعاً إلى المشفى التي تتواجد بها جثته، فسألوا الطبيب عن كيفية تواجده داخل المستشفى ومن أتى به، فأخبرهم أن رجلاً أتى به إلينا، بعد أن شاهده ملقى على الأرض بأحد شوارع محافظة الإسكندرية، وكان مغمى عليه، وبعد عدة فحوصات تبين أنه يعاني من نزيف داخلي أدى إلى وفاته".

ويتطرق: "بعد يومين طالبنا الجهات المختصة، بترحيل الجثة إلى قطاع غزة، لنستلمها ونودعه ونقوم بدفنه، ولكن كان هناك تباطؤ شديد، من قبل الجانب المصري بإحضار جثته إلى المعبر بحجة إصدار شهادة وفاة له، وبعد عدة محاولات من الضغط على السفارة الفلسطينية، تعهدت السفارة بالضغط على الجانب المصري لإدخال جثة الفقيد إلى القطاع، وبعد ذلك تم إدخالها وقمنا بتوديعه ثم ذهبنا به إلى مثواه الأخير".

ويردف: "عندما رأيناه محملاً على أكف الناس، لم نستطع تمالك أنفسنا من شدة الحزن، كون إيهاب كان طيب القلب، حنوناً جداً على أمه وأخواته، كان دائم التحدث إلى والدته، يوعدها بأن يأتي إليها طبيباً تفتخر به أمام الناس، ويساعدها في إعالة أسرتنا، كون والدنا قد توفي منذ عدة سنوات، فكانت والدتنا لها النصيب الأكبر من الحزن عليه، لدرجة أنها فقدت وعيها، وباتت في غيبوبة استمرت يوماً كاملاً من شدة حزنها على إيهاب، ولغاية اليوم لم تصدق أن شقيقنا قد توفي، وما زالت تعتقد أنه في سنته الأخيرة يكمل دراسته التي حلم بها".

أما ابن عمه، مهند الخطيب، قد تفاجأ من معرفته خبر وفاة إيهاب، وشعر بالصدمة كون علاقتهما كانت قوية جداً، وبعيداً عن قرابتهما، كانت تجمعهما صداقة حقيقية، وكانا دائمي الحديث واللهو مع بعضهما، كونهما عاشا بالحي نفسه ومن جيل بعضهما.

ويؤكد الخطيب، أن ابن عمه الفقيد، ومن خلال معاشرته لسنين طويلة، كان من أطيب الشباب، وأكثرهم أدباً واحتراماً، وكان دائم التحدث عن تحقيق حلمه بأن يصبح طبيباً، يعالج ويساعد أبناء وطنه في قطاع غزة.

ويضيف: "شكوك تنتابني بأن وفاة إيهاب ليس حادثة كما يُقال، لأنه وصلتنا عدة روايات مختلفة من مصادرة عدة، كانت على مقربة من إيهاب، وأن الجهات المختصة بالتحقيق في كيفية وفاته، كانت روايتها مختلفة تماماً عما قاله الرجل الذي وجده ملقى على الأرض، فاقد الوعي".