تطبيق صراحة.. هل كشف المستور؟

تطبيق صراحة.. هل كشف المستور؟
تطبيق صراحة
خاص دنيا الوطن- نضال الفطافطة
بين الجراءة والوقاحة والصراحة شعرة واحدة قطعها تطبيق صراحة، هذا التطبيق الذي أنشأه المبرمج السعودي زين الدين توفيق، أحدث جدلاً واسعاً حول  الرسائل. 

التطبيق ومنذ إنشائه يهدف إلى المساعدة في التعرف على العيوب والمزايا عن طريق الحصول على نقد من موظفيك وأصدقائك بسرية تامة دون معرفة المرسل.

زين العابدين، أطلق تطبيق "صراحة" قبل شهرين فقط، حيث يشرف عليه بشكل فردي ولم تتبناه أي جهة. 

ويؤكد أنه تلقى مجموعة من العروض في الأمر، من أهم ما يتميز به التطبيق هو السرية التامة وعدم الإفصاح عن مرسل الرسالة، لا يسرق التطبيقات بيانات المستخدم، لكن البرامج والمواقع المقلدة له قد تفعل ذلك، وحالياً لا يوجد تطبيق على الجوال وكل ما هو موجود تقليد.

في الشارع الفلسطيني، نال هذا البرنامج حيزاً واسعاً من الجدل وحب الاطلاع وتجربته، وبقي السؤال الأهم والدافع من يرسل هذه الرسائل، وهل استفدنا من هذا النقد ومستوى الصراحة.

آراء في صراحة

محمود حريبات المتخصص في "السوشيال ميديا" قال: إن تطبيق صراحة هو تطبيق مهم وهو يعتبر فرصة جيدة من أجل زيادة المحتوى العربي وإنشاء مواقع مميزة، وأيضاً كفكرة قد تعتبر تقليدية أو منسوخة إلا أنه الواجهة العربية في التطبيق ووجودها مهم جداً.

وأكد أن هناك دراسات تفيد أن هناك تنمراً وتحريضاً وكراهية في كافة مواقع التواصل الاجتماعي، وليس فقط صراحة المشكلة ليست في صراحة، هي وفرت انتقاداً بغير معرفة الهوية؛ ولذلك رأينا هذا الكم من الحقد الإلكتروني.

هناك كمية انتقاد وحقد عندما تزيد الصراحة عن حدها تصبح وقاحة وهنا تصبح مشكلة حقيقة وخطيرة.

ماجد عودة الناشط الصحفي، يعتبر أن التطبيق جيد نوعاً ما لكن يحتاج إلى الرد مقابل السؤال ويحتاج إلى مراقبة أكثر بسبب وجود نوع من التهجم اللا منطقي من قبل البعض على البنات خصوصاً، وعن التطبيق وفكرته قال: "أول مرة يطلق برنامج تجربته رائعه لكن كما أسلفت البرنامج يفتقر للموضوعية من حيث الأسئلة الموجهة".

الصحفية في الحدث ريمي ابو لبن، وفي ذات السياق تضيف أن التطبيق بحد ذاته هي فكرة جديدة وتمكن الشخص من مصارحة الشخص الآخر وبالخفية وهذا الأمر غير محبب للبعض وتحديداً حينما يخفي هوية الشخص الذي أرسل الرسالة، مؤكدة أنها لا تعارض والتطبيق، ولكنها لم تحبذه فقد قمت بالتسجيل فيه من باب الفضول ليس أكثر، ولا أكترث كثيراً للرسائل فيها ما هو مديح وفيها ما هو ذم ولم يكن تعليقاً بناء حسب ما هو مذكور.

وتعتقد أن منصة صراحة هي فقط للتفريغ عن الذات وتتمنى أن يتم الكشف عن هوية المرسل حتى نكون أكثر صراحة مع أنفسنا وغيرنا وأن نواجه الآخر وجهاً لوجه، وليس من وراء شاشة.

أما الصحفية آمنة الحساسنة رئيسة تحرير حديث اليوم في فلسطين لم تتقبل الفكرة نهائياً لأنها تعتقد   أنه يجب أن تعبر عما بداخلك لأي شخص بطريقة مباشرة وبدون حواجز، وعن نفسها تقول: عندما تريد أن تنتقد أو تمدح أي شخص يكون بوجهه بشكل مباشر، أما بخصوص التعليقات السلبية قترى أنه  كل شخص يكتب بأسلوبه ولأن ثقافتنا ربتنا على المجاملات، فإن الكثيرين رأوا في هذه المنصة  فرصة للتعبير عن كرههم لأي شخص دون أن يخافوا أن يخسروه أو حتى يحدوا من علاقته بهم.

الصراحة وأثرها على النفس 

الأستاذ محمد عمرو أخصائي الصحة النفسية   وضح لـ "دنيا الوطن" مفهوم المصارحة هي الإيجابية في إعطاء وجهة نظر شخص في شخص أو موضوع بحيث تعتمد وجهة النظر هذه على حقائق موضوعية، وليست مجرد رأي لا يستند إلى منطقية أو علمية.

وينطبق هذا المفهوم ولا يبتعد عن التصريح بما يخفي الشخص من خبرات سابقة أو مشاعر دفينة تجاه شخص آخر، وغالباً ما تكون هذه المعلومات أو المشاعر مهددة لصورة الشخص أمام غيره، أو لأمنه النفسي والشخصي، مما قد يؤدي إلى ارتفاع نسبة التوتر والقلق كلما اقترب أي شخص آخر من هذه المعلومات أو التجارب، بحيث تجد أن هناك ردة فعل قد تكون قوية، أو رادعة لمنع الكشف عن أو الوصول إلى هذه المعلومات "الأسرار".

والمصارحة أصلاً لا تتم إلا إذا وصل الشخص إلى درجة من الثقة في الشخص الذي يريد أن يصرح له بما في نفسه أو ذهنه من أفكار أو مشاعر، بحيث إنه لا يشعر أن هذا الشخص سيستغل هذه المشاعر أو المعلومات أو التجارب ضده.

هل نقبل الصراحة

يضيف عمرو، إن قبول الشخص لمفهوم الانتقاد - إعطاء الرأي أو المصارحة- فيما يخص الذات، يعتمد على فهمه لذاته واستعداده لقبول رأي غيرة فيه باعتبار أن هناك سمات قد لا يدركها هو في حين يدركها الناس.

أما إذا كان الفرد يعتقد بأنه يعرف نفسه أكثر من غيره وأنه لا أحد يمكن أن يعرفه أكثر منه لنفسه (وهذا يجب أن يكون إلى حد ما صحيحاً)، فإن مثل هذا الشخص لا يسمح لأحد بقول رأيه فيه، بل قد يثير حفيظته وينشأ عن هذا النقد نزاع أو صراع أو قطيعة مع ذا الشخص.

ويشير إلى أن عملية تقبل رأي غيره أو نقدهم يعتمد على مفهوم الشخص لذاته، وقبوله بالذات الواقعية، وعدم تمترسه أمام الذات المثالية التي يراها كل شخص فينا في ذاته. 

ولا شك أن هذه المفاهيم تنشأ في ثقافة الفرد منذ الصغر نتيجة الأسلوب التربوي الذي يعتمده الوالدان في التعامل مع الأبناء وهو لا يرى هناك أي فروق في تقبل الرأي الآخر مرده إلى الجنس بقدر ما يكون الفرق عائداً إلى شخصية الفرد سماته وثقافته ونمط التربية الوالدية التي تلقاها في صغره.

كيف نواجه الانتقادات

ويوضح أنه لكي نكون قادرين على مواجهة رأي غيرنا أو مصارحتهم لنا، لا بد من أن نستشعر أن حياتنا ليست مربوطة بالكلية بغيرنا، وأن سر جمال هذا الكون أن فيه اختلافاً وتنوعاً في كل شيء، وأنه ليس مطلوباً من أحد أن يكون تماماً مثل أحد، بل أن نتقبل بعضنا البعض كما نحن، وأنني لم أخلق من أجل أن أرضي البشر، بل من أجل أن أرضي رب البشر باتباعي منهجه، والسير على هداه، بحيث أنظم علاقتي بالله وبالكون وبنفسي، بحسب ما أمر الله، وهنا نصل إلى النفس المطمئنة، والتي لا تهتز لانتقاد من هنا أو هناك.

أما عن رأيه في تطبيق صراحة  فهو يعتقد أنه من المهم أن يفهم الإنسان أنه في هذه الدنيا مراقب، وأن عدم كتابة اسمه الصريح، لا يعني شيئاً إطلاقاً، فالله سبحانه يقرر قاعدة لا بد من أن يستشعرها الفرد وهي قوله تعالى: "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد"، وقوله تعالى: "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره".

ولذلك، فهو يرى أنه إذا استقر في قلب الإنسان ووجدانه بأنه محاسب بين يدي من يعلم السر وأخفى، فإنه لا يحتاج لأن يخفي اسمه أو نفسه، بل يعتبر أنه إذا قدم رأيه في غيره، فإنما يقدم النصح والتوجيه والإرشاد لأناس يحرص كل الحرص على إبعادهم عن الخطأ والزلل، وأن ما يقوم به هو من دافع الحب لهم، وأنه إنما يبتغي وجه الله تعالى والأجر من الله، ولكن هذا لا يحتاج لأن يكون على صفحات التواصل الاجتماعي.

ويوضح أن الفرد في أيامنا هذه يهتم بالقشور، ويتخفى وراء أسماء زائفة، مما يعني عدم الثقة بالذات، وعدم القدرة على إسناد رأيه بالدليل والحجة، ولخوفه وضعفه اتخذ أسماء براقة وقوية ليستعيض بها عن عجزه أو ليرى فيها ذاته، فإنه والحالة هذه لا يُقبل منه رأي، ولا يُؤخذ منه إلا ما كان موافقاً للواقع.

ومن هنا أنا شخصياً لا أرى أن في استخدام هذا التطبيق أي خير للفرد ولا للمجتمع ولا يجوز أن نقبل أن تقترب الذئاب من حمانا، عوضاً عن أن تفترس مواشينا.

قال تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم).