لماذا في إسطنبول وليس في القدس او رام الله؟؟

لماذا في إسطنبول وليس في القدس او رام الله؟؟
صورة الكاتب
نبيل عمرو

منصتان عالميتان شارك فيهما الالاف، ونقلتهما وسائل الاعلام وعالجتهما من زاوية واحدة، هي مدى تأثير المنصتين على وحدانية تمثيل منظمة التحرير للفلسطينيين.

في المنصتين كان الغياب الفلسطيني الرسمي عن مؤتمر إسطنبول هو اللافت للنظر والمعزز لشتى التحذيرات والتفسيرات السلبية، وفي طهران كان الحضور الفلسطيني الرسمي باهتا، خصوصاً حين لم ينبري أحد للرد على الاتهامات الفظيعة التي وجهت لمنظمة التحرير والسلطة الوطنية، حتى اذا كان هنالك رد لا نعلم به، فالذي احتل الواجهة هو الاتهام بالعمالة والخيانة العظمى.

في زمننا لا توجد مؤتمرات بريئة، ولا مضامين توفر لها العناوين مصداقية وجدارة، فلقد تعودت فلسطين على ان تكون يافطة ترفع على الاجندات وليست هدفاً من أهدافها.

قولٌ عربي مأثور يبدو كما لو أنه صنع لوصف حالتنا مع أنه قيل في الزمن القديم .."أوسعتهم شتماً وفازوا بالإبل".

وهل غير الشتم واجهنا المؤتمرات التي نُجمع ويجمع العالم معنا على أنها تحدٍ لأثمن ما نملك، أي وحدانية التمثيل الفلسطيني.

في إسطنبول أطلّت ظاهرة تقسيم جديدة للفلسطينيين، مع الاعتذار من ميدان تقسيم الشهير، إعتبر المجتمعون هناك أنهم يمثلون سبعة ملايين فلسطيني يعيشون في الشتات، وهذا تقسيم لا يضاهيه الانقسام المستفحل تحت عنوان غزة ورام الله، وهو امتداد لانقسام أفدح بين مستسلم ومقاوم، ووطني وخائن، ومحارب للاستيطان والاحتلال ومتحالف ومتعامل معه.

ولو فتشنا أكثر لتوصلنا الى أن هنالك من يجسد انقساما بكتيرياً بين مكونات الشعب الفلسطيني لا تنجو منه قرية ومدينة وحتى عائلة.

 لم تكن الأمور كذلك في زمن تكرس منظمة التحرير الفلسطينية كوعاء جامع ومؤسسات فعالة تلاحق كل كبيرة وصغيرة في الشأن الفلسطيني، ولم تكن الأمور كذلك حين كانت اتحاداتنا الشعبية وممثلياتنا السياسية تضم كل الفلسطينيين أينما وجدوا، وكانت حين تنشأ نواة تشكك بوحدانية التمثيل والقيادة، تجد منظمة التحرير وسيلة حاسمة لوأدها في مهدها، وما كان للعالم والعرب اولهم أن يسلّموا بتمثيل المنظمة لولا قوة حضورها بين الفلسطينيين أولاً، ولم يكن الامر بأي حال متعلقاً بكم بندقية تمتلك المنظمة، وكم دبابة وكم مقاتل على أهمية ذلك في الحسابات البديهية، بل كانت المؤسسات القوية والفعالة هي الملاذ والحارس والمخرج .

حين كان ينعقد مجلس وطني في أي مكان على الأرض العربية، وتبث جلساته على شاشات التلفاز، كانت الشوارع تخلو من المارة، وكان الناس يتحلقون حول أجهزة التلفزيون لمتابعة ارقى مشهد ديموقراطي عرفوه من الفلسطينيين قبل ان يعرفوه في بلدانهم.

فأين نحن من هذا كله الان؟؟ هل يكفي ان نعالج ظواهر المؤتمرات الصاخبة بالشتم والادانة ؟ فللذين ينظمون هذه المؤتمرات قدرات على الشتم والتخوين اكثر بكثير من قدراتنا.

لو كانت الأمور تسير باتجاه صحيح لكان مؤتمر المغتربين عقد في رام الله او نابلس او الخليل، او حتى على اطراف القدس او على أبوابها، فما الذي ينقصنا لنفعل ذلك؟؟ لو قلنا المال لما صَدَقنا أحد، ولو قلنا إسرائيل فما المانع ان نتحداها بمؤتمر شعبي كهذا، حين تفقد الاعذار مصداقيتها لا يبقى في الذهن غير التقصير وهذا افدح ما في الامر.