وقف استيراد السمك المصري يعيد الحياة لصيادي غزة

وقف استيراد السمك المصري يعيد الحياة لصيادي غزة
صيادي غزة
خاص دنيا الوطن- كمال عليان
بدت نظرات الفرح والسعادة على وجه الصياد الستيني محمد النحال، وهو جالس على رصيف ميناء غزة، يرقب حركات أبنائه وأحفاده وهم يخرجون ثمرة ما جنته شباكهم من صيد الأسماك من مركبهم، الذي رسى مؤخراً في حوض الميناء بعد أيام طويلة من الركون.

ويعرب الحاج محمد عن سعادته من قرار وزارة الزراعة الفلسطينية منع استيراد أسماك "البوري والبلطي" من الجانب المصري مؤخراً، معتبراً أن ذلك القرار شجعهم على النزول إلى البحر للصيد وبيع صيدهم في الأسواق المحلية التي امتلأت في الفترة الأخيرة بالأسماك المصرية.

ورغم مطاردة الاحتلال للصيادين ببحر غزة، وندرة الأسماك في مساحة الصيد الضيقة المسموح بها من قبل الاحتلال، إلا أن الرجل الذي أمضى عقوداً طويلة من عمره في مهنة الصيد، يؤكد أن قرار وزارة الزراعة شجع الكثير من الصيادين على المخاطرة بحياتهم والنزول إلى الصيد مجدداً.

وقررت وزارة الزراعة بقطاع غزة الأسبوع الماضي منع استيراد الأسماك المصرية سواء عبر الأنفاق أو معبر رفح البري، وذلك بعد نشر وسائل إعلام مصرية فيديوهات، تظهر تربية الأسماك في مزارع مياه عادمة "صرف صحي"، وليست في مياه نظيفة.

لم يعد مجدٍ

ويقول الحاج النحال لـ"دنيا الوطن" إن الأسماك المصرية غزت الأسواق المحلية بغزة، ولم يعد الصيد مجدياً في ظل إقبال الناس على السمك المصري رخيص الثمن، مبيناً أن أسعار السمك الغزي مرتفعة نسبياً بسبب ارتفاع تكلفة وقود محركات مراكب الصيد، وندرة الأسماك في المساحة المسموح بها للصيد من قبل الاحتلال.

ولم يخف لومه للحكومة الفلسطينية بغزة لسماحها للتجار بتهريب السمك المصري عبر الأنفاق والإضرار بصمود الصيادين الذين يعانون ألف معاناة بشكل يومي في سبيل توفير قوت أبنائهم، وفق تعبيره.

وتراجعت مهنة صيد الأسماك بشكل كبير في قطاع غزة، نتيجة لتراجع حجم الصيد اليومي لمئات الصيادين، بسبب القيود التي يفرضها الاحتلال على المساحات التي يسمح لهم بالصيد فيها.

وبحسب نقابة الصيادين، فإن نحو 4 آلاف صياد في غزة يعيلون أكثر من 50 ألف فرد، يعملون بشكل شبه يومي على صيد الأسماك.

أما بائع الأسماك خالد العمري، فيؤكد أن الأسماك المصرية التي كانت تدخل القطاع عبر الأنفاق ومعبر رفح ألحقت بهم خسائر فادحة، نظراً لرخص أسعارها مقارنة بأسماك غزة، وبالتالي عدم تمكنهم من بيعها آنذاك.

وأوضح في حديثه لـ"دنيا الوطن" أنه اضطر الشهر الماضي إلى بيع السمك المصري والابتعاد عن بيع السمك المحلي، خصوصاً وأن سمك مصر يأتي بكثرة، وله أنواع عديدة مثل الجرع والدنيس والبوري وغيرها من الأنواع الأخرى، مبيناً أن سعر السمك المصري يصل لنصف سعر السمك المحلي.

وأضاف "غير أن ذلك أضر كثيراً بالصيادين الذين شعروا بالغضب من السماح بدخول السمك المصري إلى غزة، لأنهم محاربون في عملهم، والمساحة المخصصة لعملهم لا تسمح بتوفر أنواع متعددة الأسماك".

وتمنى العمري أن تتحسن ظروف الصيادين بغزة، وأن يسمح الاحتلال بمساحة أكبر للصيد حتى لا يضطر أحد لشراء السمك المصري مرة أخرى، وحتى تكفي الأسماك المحلية لحاجة السوق وبأسعار مناسبة.

حاجة السوق

من جانبه، أكد مدير عام التسويق في وزارة الزراعة جلال إسماعيل، أن قرار وقف إدخال البوري والبلطي من مصر ليست له علاقة بجودة السمك أو سلامته، إنما لوجود ترتيبات تتخذها الوزارة حالياً.

وقال إسماعيل في تصريح صحفي وصل "دنيا الوطن" نسخة عنه: "إن طواقم الزراعة تراقب جيداً السمك المستورد، والوضع منضبط، والكميات التي عبرت للقطاع سليمة"، لافتاً إلى أن من يورّد يحصل على موافقة فنية من قبلهم، وعلى أماكن سليمة للاستيراد منها، وهناك تواصل دائم مع المعنيين.

واعتبر أن إدخال الأسماك المصرية لا ينعكس سلباً على الصيادين في غزة، موضحاً أنهم يجلبون كمية محدودة من الأسماك وفقاً لما يحتاجه السوق، في ظل الصيد القليل للموسم الحالي.

يذكر، أنه بموجب تفاهمات التهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل في أعقاب عدوان صيف 2014 يحق للصيادين الفلسطينيين الإبحار حتى مسافة ستة أميال بحرية، لكن البحرية الإسرائيلية لا تلتزم في معظم الأوقات بتلك التفاهمات وتطارد الصيادين على مسافة ثلاثة أميال.

وسمح الاحتلال الإسرائيلي في الثالث من نيسان/أبريل الماضي، بتوسعة مسافة الصيد في شواطئ قطاع غزة لتصل 9 أميال بحرية بدلاً من 6 أميال، إلا أنها في أواخر حزيران/يونيو الماضي، أعادت تقليص المساحة إلى 6 أميال فقط.

وتنص اتفاقية أوسلو، وما تبعها من بروتوكولات اقتصادية، على حق صيادي الأسماك في قطاع غزة، بالإبحار لمسافة 20 ميلاً، بهدف صيد الأسماك، إلا أن ذلك لم ينفذ منذ 15 عاماً.