هموم مناضل - "وقفة مع الذات"

هموم مناضل - "وقفة مع الذات"
حسن لافي

ونحن على أعتاب مئة عام من وعد بلفور, و خمسين عام من احتلال المسجد الأقصى, مازالت فلسطين ترزح تحت الاحتلال الصهيوني, والانقسام الفلسطيني هو سيد الموقف, وما تبقى من تواجد فلسطيني على أرضه مهدد بالاستيطان والتهويد و الترانسفير المبرمج , حتى حلم حل الدولتين التي راهنت عليه قيادة منظمة التحرير الفلسطينية كطريق لإقامة دولة فلسطينية على 22% من الأرض الفلسطينية, وما واكبه من اتفاقيات أوسلو , لفظ أنفاسه الأخيرة على يد اليمين الإسرائيلي, مدعومًا بإدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب", وفلسطين التي كانت شعار العرب , وهتافهم على مر العقود السابقة وعنوان وحدتهم, تحولت لعبئ ثقيل هي و مقاومتها على تحالفاتهم الجديدة .

ناهيك عن التخبطات في برامج الفصائل الفلسطينية في ظل غياب البرنامج الوطني الجامع, و فشل النخب السياسية الفلسطينية من إعادة بوصلة القضية من جديد صوب برنامج وطني شامل, يجمع الكل الفلسطيني تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية, التي هي بعينها تعاني من التآكل والشلل وعدم التفعيل المقصود لحساب أجندات شخصية وحزبية مقيتة .

في ظل هذه الظروف التي تمر بها قضيتنا الفلسطينية , التي بإجماع الكل الفلسطيني, هي الأصعب والأخطر على مر تاريخ فلسطين المعاصر, ألا تستحق القدس وحيفا ويافا وقفة تقيميه مع الذات الفلسطينية , أليس أمال العودة  لأكثر من ستة مليون لاجئ فلسطيني لترابهم, كافٍ لدفع فصائلنا للبدء بصياغة إستراتيجية وطنية بعيدا عن الحزبيات الضيقة, ألا تكفي آهات سبعة ألاف أسير لتحريك ضمير نخبنا السياسية لإبعاد الأنا الذاتية , والتركيز على الهموم العامة للوطن والمواطن, أدماء "محمد أبو خضير" و"علي دوابشة"  وقوافل الشهداء, الذين ارتقوا على طريق المقاومة والحرية, ألم تثر في ضمير متخذي القرار الفلسطيني التساؤل حول صوابية سياساتهم وتوجهاتهم؟, التي لم تثمر حتى الآن تقدما نحو التحرير, أإنتفاضة القدس وشبابها الثائر وحده, ألا يضع شرعية فصائلنا على المحك؟ , بالله عليكم أبلطجة أكثر من ثمانية آلاف مستوطن في أراضي الضفة الغربية والقدس لا تكفي أن توقف التنسيق الأمني المجاني, وإطلاق العنان لشعبنا بكافة أطيافه وتوجهاته, لحماية نفسه من هذا الاستيطان الذي لا يرحم بشرًا ولا حجرًا ولا شجرًا ؟.

 أشبابنا الذي يفقد الأمل تدريجيًا في حياة كريمة على ثرى وطنه, وُيلقي بنفسه في قوارب الموت هروبًا من انسداد الأفق, والبطالة المسيطرة على المشهد الاقتصادي, ألا يتطلب من الجميع وعلى رأسهم المقاومة_ صاحبة الكلمة العليا في غزة_ التفكير مليًا بتلبية احتياجات هؤلاء الشباب دون استثناء  ولو بالحد الأدنى , وتعزيز تجذره بالوطن, وقناعاته بخيار المقاومة؟, فشعبنا مقاوم وسيبقى يقاوم, فامنحوه مزيدًا من الاحتضان الاجتماعي والعاطفي , الذي يعزز لديه  الشعور بالانتماء , والتقدير الذاتي, والثقة بالنفس , بما يليق بصموده وتضحياته.

   قد تكون جردة حساب الذات الفلسطيني صعبة ومتشعبة ومؤلمة أحيانًا , ولكن هذه الوقفة مع الذات لا تهدف لتكريس اللون الأسود الأكثر بروزًا في الصورة, بل بالعكس من ذلك تماما ً, هي للفت انتباهنا أن هذا الواقع المتهرئ,  ليس قدرًا لا مفر منه.

 فاليأس خيانة , والاستسلام للامبالاة  جريمة , وعدم الشعور بالمسؤولية خطيئة , فمازال قطار أمل التغيير ينادينا, فلنصعد جميعًا, ولنسر معًا على درب الإصرار صوب الأفضل , فاقتران العمل الجاد بعنفوان إرادة الشباب, المصحوب باتفاق جامعٍ على خارطة المشروع الوطني سيصنع الفارق. وسيطلق العنان لمسيرة الحركة الوطنية الفلسطينية من جديد, لتنطلق بخطىً صحيحة, وثابتة نحو التحرير الكامل والشامل للأرض وللإنسان الفلسطيني.