هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية تنفذ مشروع لايواء الأسر الفقيرة

هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية تنفذ مشروع لايواء الأسر الفقيرة
مشروع توفير كرفانات للأسر الفقيرة
رام الله - دنيا الوطن
كان الثامن من شباط الجاري، يوما غير عادي في حياة الخمسيني جمال علي فارس، من طوباس، عندما انتقل من المغارة التي كان يعيش فيها وأفراد عائلته، إلى بيت متنقل "كرفان" قدمته له هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية، بالتعاون مع لجنة الزكاة المركزية في محافظة طوباس والأغوار الشمالية.

ولسنوات طويلة، اعتاد فارس و15 فردا من عائلته بمن فيهم شقيقته التي تعيل ثلاثة أطفال بعد وفاة زوجها قبل عدة سنوات، على العيش داخل مغارة استصلح جزء منها ليصبح صالحا لمبيت عدد من أفراد الأسرة، وتحديدا الذكور، فيما كانت النساء والفتيات يستخدمن خيمة بالية للنوم إلى جانب خيمة أعدتها العائلة لتكون حظيرة للأغنام.

وبكلمات بسيطة، قال فارس: "كنا نعيش في الجحيم، ففي الصيف تلفح أشعة الشمس الحارقة أجسادنا، وفي الشتاء ينخر البرد أعظامنا، والرياح تنهمر علينا من السماء دون أن نجد ما يقينا منها".

وتقدم فارس، بطلب لدى لجنة الزكاة من أجل تزويده بمسكن متنقل ليشكل بديلا عن المغارة والخيمة، دون أن يطلب مساعدته لبناء مسكن جديد، ذلك أن المنطقة التي يعيش فيها منذ سنوات طويلة على سفوح الأغوار الشمالية، مصنفة "ج"، وتمنع سلطات الاحتلال البناء فيها.

وأضاف، إنه شعر بفرحة غامرة عندما تلقى من لجنة الزكاة نبأ موافقة هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية على تقديم مسكن متنقل لعائلته يقيها حر الصيف وبرد الشتاء، ويوفر شيئا من الخصوصية للنساء والفتيات، لتشهد حياة هذه العائلة التي تعيش في مكان يفتقر للحد الأدنى من مقومات الحياة الآدمية، نقلة نوعية بتوفر مسكن آمن لها.

وما إن انتهى الفنيون من تركيب المسكن المتنقل، حتى أخذ فارس بمساعدة أطفاله وأطفال شقيقته الأيتام، ينقلون ما أمكن من مستلزمات العائلة الضرورية من داخل المغارة والخيمة، إلى المسكن الجديد وقد علت ابتسامة عريضة على شفاههم فرحا بهذا اليوم.

وجرت عملية تسليم المسكن المتنقل، بحضور نائب محافظ طوباس والأغوار الشمالية، أحمد الأسعد، ومفوض عام هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية في الضفة الغربية، إبراهيم راشد، وأمين الصندوق في لجنة الزكاة، فواز أبو دواس "أبو الفداء"، وممثلين عن عدة مؤسسات.

وقال راشد، إن تسليم هذا المسكن جاء في إطار مشروع "إيواء أسر بدوية فقيرة"، والذي أطلقت هيئة الأعمال الخيرية المرحلة الأولى منه من منطقة الأغوار الشمالية حيث تعيش العائلات البدوية أوضاعا صعبة للغاية في مساكن تفتقر للحد الأدنى من شروط الحياة الآدمية، في مناطق مهددة بالمصادرة ومهددين بالترحيل عنها.

وأكد، أن هذا المشروع جاء في إطار "عام الخير" الذي أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وتمتد إلى بقاع الأرض وفي المقدمة منها فلسطين التي ستبقى في عقل وقلب ووجدان كل إماراتي.

وأشار، إلى أن هيئة الأعمال بصدد تقديم المزيد من المساكن المتنقلة لصالح العائلات البدوية الفقيرة في عدد من محافظات الضفة الغربية، لتؤكد أن عجلة الخير ممتدة من الإمارات إلى فلسطين.

وأضاف راشد، إن هذا البيت سيوفر مسكنا صحيا لعائلة معوزة تعيش في مكان يفتقر للحد الأدنى من شروط العيش الآدمي، فحرصت الهيئة على توفير مسكن لها ينقذها من الوضع المأساوي الذي كانت تعيش فيه ليكون صالحا للسكن، ويؤويها ويقيها من برد الشتاء وحر الصيف.

وتابع، إن هناك المئات إن لم تكن الآلاف من العائلات تعيش أوضاعا اقتصادية بائسة في ظل ظروف صحية كارثية، وأماكن تفتقر للحد الأدنى من شروط العيش الآدمي، وهو ما دفع هيئة الأعمال الخيرية إلى التفكير الجاد والعمل على مد يد العون لتلك العائلات من خلال سلسلة تدخلات إنسانية.

وشدد راشد، على حاجة تلك العائلات للكثير من التدخلات سواء على صعيد بناء مساكن لها أو من خلال إعادة تأهيل مساكنها حتى تكون صحية وملائمة لاحتياجات ساكنيها الصحية والنفسية والاجتماعية.

وعبر، عن اعتقاده أن عملية إنقاذ هذه العائلات من براثن السكن غير الصحي، لا تتطلب مبالغ مالية كبيرة من أجل إعادة تأهيل مساكنها وجعلها صالحة للسكن والعيش الآدمي، وهو أمر من شأنه أن يؤثر على الأوضاع النفسية للأهالي وعلى العلاقات الاجتماعية.

وقال راشد، إن المبالغ المالية البسيطة التي يتم دفعها لصالح إعادة تأهيل وترميم مساكن تلك العائلات، تعود بالأثر النفسي والاجتماعي الإيجابي عليها، وتسهم في تطوير العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع الواحد، وترسم البسمة على شفاه المحرومين، وتعيد الأمل إلى قلوبهم، وتشعرهم بحجم دعم ومساندة مجتمعهم لهم.

وخلص إلى القول: "من هذه القاعدة، تنطلق هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية في تنفيذ مشروع إيواء العائلات البدوية الفقيرة والمهمشة في المجتمع الفلسطيني، هادفة من وراء هذه المبادرات، إلى مساندة وإنقاذ تلك العائلات، وكسب الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى".

من جهته، أشاد الأسعد، بمبادرة هيئة الأعمال الخيرية لإطلاق هذا المشروع الذي من شأنه أن يوفر مساكن متنقلة بمواصفات عالية تؤوي أفراد تلك العائلات التي تعيش في خيام وتفترش الأرض وتلتحف السماء.

وأكد الأسعد، أن هذه المبادرة تكتسب أهمية خاصة بالنسبة للعائلات المستهدفة التي تعيش أوضاعا غاية في الصعوبة فرضها الاحتلال الإسرائيلي عليها، ومن شأن أي تدخل أن يسهم في التخفيف من معاناتها وتعزيز صمودها بوجه محاولات اقتلاعها من أرضها.

وأشار، إلى خصوصية منطقة الأغوار الشمالية التي تعتبر بوابة فلسطين الشرقية، وتشكل ما مساحته 28% من أراضي الضفة الغربية، و47% من مخزون مياهها الجوفية، ما جعلها محط أطماع إسرائيل للسيطرة عليها واجتثاث الوجود الفلسطيني منها، تحت عدة مسميات وذرائع أبرزها المناطق العسكرية المغلقة، والهادفة بشكل رئيس إلى إحكام السيطرة على تلك المنطقة الإستراتيجية، وإجبار أصحابها الشرعيين على الرحيل منها، بعد حرمانهم من كل مقومات الحياة الآدمية.

من جانبه، قال أبو دواس، إن تقديم بيت متنقل لهذه العائلة وفر مسكنا آمنا لعائلة طالما عانت من برد الشتاء وحر الصيف الذي تتجاوز درجة الحرارة فيه 44%، وترك بسمة على شفاه أطفال طالما حلموا بنوم دافئ وآمن.

وثمن أبو دواس، مبادرة هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية، والتي وقفت إلى جانب هذه العائلة المنكوبة التي عاشت لسنوات طويلة داخل مغارة وخيمة دون وجود بيت كانت بأمس الحاجة له، حيث لا يوجد مسكن ولا سكينة، ولا أمن ولا أمان، ولا خصوصية ولا انتماء، ولا تقي من حر الصيف ولا تحم من برد الشتاء.

وأشاد، بالتعاون المشترك والدعم الذي تقدمهم هيئة الأعمال الخيرية للجنة الزكاة، ووقوفها إلى جانب العائلات البدوية الفقيرة، وخصوصا تلك التي تعيش في المناطق المصنفة "ج"، والتي هي بأمس الحاجة لتعزيز صمودها بوجه محاولات اقتلاعها من أرضها من قبل الاحتلال، ويشكل دعمها مهمة وطنية وإنسانية.