شورى الاخوان: الحل السياسي الأمثل لإنهاء الأزمة السورية

رام الله - دنيا الوطن
أصدرت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، الخميس، بيان صحفي وصل دنيا الوطن نسخة عنه جاء فيه:
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد:
إنّ ما تشهده ثورة شعبنا المباركة، ثورة الحرية والكرامة ـ ونحن على أعتاب عامها السابع ـ من منعطفات سياسية وعسكرية بالغة الخطورة تستدعي عمق النظر والتحليل، ودراسة الواقع بشكل دقيق، يساعد على اتخاذ القرارات السليمة التي توصل الثورة إلى برّ الأمان.

في هذا الوقت العصيب، عقدت جماعتنا الدّورة العاديّة الخامسة لمجلس الشورى؛ فكانت محطة لتدارس الأوضاع والأحداث التي تمرّ بسورية والسوريين، وفرصة ضرورية لإعادة النظر في أولويات الجماعة للمرحلة القادمة بما يواكب مستجدات الثورة على جميع المستويات. إننا في جماعة الإخوان المسلمين وفي ظل هذه الظروف البالغة الأهمية نحب أن نؤكد على ما يلي:

أولا: لقد خرج هذا الشعب الأبيّ في ثورته، من أجل العدل والحرية والكرامة والمساواة، التي هي من أولويات حقوق الأفراد والمجتمعات في هذا العصر، فكان جزاؤه كلّ هذا القتل والتدمير والتهجير، الذي تعجّ به شهادات المنظمات الحقوقية والإنسانية، على اختلاف توجهاتها، وتقارير منظمة (العفو الدولية)، ومنظمة (هيومن رايتس ووتش) أنموذج صارخ، لبعض جرائم النظام السوريّ الممنهجة، وهي غيضٌ من فيض، وقليلٌ من كثير.

ثانيا: إن الإرهاب بفكره وثقافته وحامليه، هو ظلّ ملازمٌ لزمرة الاستبداد والفساد، صنعوه بأيديهم، ورعَوْه وغذّوه، وأعانهم عليه قوم آخرون، ثم جعلوه ذريعة ومفزعا، ليصادروا تطلعات شعبنا وحلمه الجميل، في العيش الحر الكريم.

إننا نبرأ من هؤلاء الغلاة المتطرفين، خطاباً ونهجاً وسلوكا، و نؤكد رفضنا للإرهاب بكافة أشكاله وصوره، ونلتزم بمواجهته فكرياً وديناً وعملياً، كما نؤكد أن الإسلام والمسلمين ومنهم جماعتنا، هم المتضرّر الأول من الإرهاب.

ونعتقد أن الإرهاب الحقيقي في سورية، هو الذي يمثله بشار الأسد وعصاباته، والقوى المحتلة، والميليشيات الطائفية، وجميع القوى الإرهابية المعادية للثورة.

ثالثا: نؤكد أنّ الحلّ السياسيّ، كان - منذ البداية - مطلبَ شعبنا وهدفه، الحلّ السياسيّ المجتمعيّ، الذي يجمع بين أطراف المجتمع السوري، ويبدأ بإنهاء أيّ دور لبشار الأسد ونظامه وأجهزته الأمنية، وليس الحل الذي يقوم على أيّ نوع من الشراكة مع القتلة والمجرمين.

وإننا - في هذا الإطار - نرفض المحاولات الروسية لفرض مرجعية جديدة لحل سياسيّ، يُفضي إلى إعادة إنتاج النظام، واستمرار الاستبداد والإجرام.

كما نرى أن المعنيّ بالعملية السياسية التفاوضية هي الهيئة العليا للتفاوض، المنبثقة عن مؤتمر الرياض، والممثلة لكافة شرائح المعارضة السورية، ولا يحق لأحد أيّاً كان، فرض معارضة أو مرجعية، خارج إطار الثورة ومبادئها المتفق عليها بين أطياف المعارضة السياسية والعسكرية.

رابعا: لقد انخرطت إيران برؤية عقائدية، وبمشروع توسّعيّ بكلّ ثقلها: العسكري والسياسي والاقتصادي، في قتل الشعب السوري وسفك دمه، واستباحة حرماته، بدعم ومؤازرة من ما يسمّى (حزب الله) الطائفي، ومن ميليشيات طائفية من جميع أصقاع الأرض، وهي كلّها في نظر السوريين، قوات احتلال، تجب مقاومتها بكل الوسائل، وأي حديث عن حلّ سياسيّ يجب أن يكون في مقدمته خروج هذه القوى المحتلة من سورية .

خامسا: إن وجود إيران وتدخّلها العسكري، في كلّ من سورية والعراق واليمن، قد أوجب مقاومتها دفاعاً عن وجود الأمة، وهويتها وثقافتها ومستقبل أجيالها..

إننا إذ نقدّر ونثمّن الدورَ الإيجابيّ للدول والشعوب والهيئات الإسلامية والعربية، في النصرة والإيواء والعون والتسديد؛ لندعو إلى موقفٍ عربيّ وإسلاميّ موحّد، أكثرَ وضوحاً وأكثرَ حزماً وعزماً، للانخراط في مشروع الدفاع عن هذه الأمة، remove all the tagsوحماية وجودها وهويتها، ونصرة المستضعفين، تحت رحى العدوان الصفويّ، المتحالف مع كل مشروعات الإثم والعدوان في العالم.

سادسا: إن محاولات روسيا للانتقال إلى لعب دور سياسيّ لخدمة النظام وإنقاذه، لا يغيّر من حقيقة كونها قوة احتلال، شاركت في قتل الشعب السوري وسفك دمه، وإن مسوّدة الدستور الروسي لسورية، محاولة فاشلة لفرض معالم مستقبل سورية، فالدستور هو مهمة السوريين وحدهم، وهم الذين يقرّرون هوية وطنهم ومستقبله بعد إسقاط النظام.

سابعا: لقد عمل النظام وحلفاؤه الطائفيون، على تنفيذ خطة ممنهجة، وجريمة علنية، من خلال التهجير القسريّ لكثير من المواطنين في المناطق المحاصرة، وإبعاد ثوارها إلى منطقة إدلب، لإحداث تغيير ديموغرافيّ في هذه المناطق. إنّ هذه الجريمة تضعنا جميعا أمام مسؤوليتانا في حماية المدنيين، والحفاظ على هويّة الشعب السوري، ومعاقبة المجرمين، وتوفير الظروف الكفيلة لعودة المهجرين بشكل آمن، إلى مدنهم وقراهم التي هُجّروا منها، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاه هذه الجريمة، وأن لا يقف متفرّجاً عاجزا أمام هذه الجريمة العلنية.

ثامنا: إن أهم ما يعصف بالثورة ويهدد مستقبلها، هو الخلاف والتناحر بين قوى الثورة السياسية أو العسكرية، وإن غياب المشروع الوطني الموحد، لجميع الفصائل والقوى، من أهمّ أسباب هذه الخلافات وهذا التشرذم، وإننا - في جماعة الإخوان المسلمين - كنا ومازلنا، ندعو لوحدة الصف والكلمة والموقف، بين جميع قوى الثورة، على أساس مشروع وطنيّ، يتبنى مبادئ الثورة وأهدافها، مؤكّدين على بقاء فوّهة البندقية، موجهةً للعدو الرئيسي وهو النظام .

تاسعا: من منطلق إيماننا الكامل بوحدة سورية أرضا وشعبا، ورفضنا لجميع مشاريع التقسيم التي تهدد وحدة الأراضي السورية، فإننا نقدّر ما تقدمه تركيا للشعب السوري وثورته، ونرى في عملية درع الفرات مصالح وطنية واضحة، كما نرى في إقامة المناطق الآمنة خطوة مهمة، لحماية اللاجئين السوريين، وتخفيف معاناتهم، وخطوة أولى على طريق الحرية والتحرير.

وأخيراً.. يسأل بعضهم: ست سنوات ولم تنتصروا!. ونجيب: ست سنوات ولم تستطع كل قوى

الشرّ المتحالفة في هذا العالم، أن تُلين لشعبنا قناة، ولا أن تحرف لثورتنا بوصلة!.

لقد خطّ السوريون سفراً من أسفار البطولة الرائعة، في تاريخ الثورات ضد الظلم والطغيان، ومازالوا يبذلون الغاليَ والنفيس، حتى يتحقّق لهم وعدُ الله بالنصر والتمكين.. (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي، إن الله لقوي عزيز) .. وإن لنا مع الفجر موعدا، هو آتٍ بأمر الله..

أيها الثوّار.. أيها المرابطون.. أيها السوريون في كلّ مكان.. ستظل جماعتكم - جماعة الإخوان المسلمين - معكم وبكم ولكم، قائمةً على الحق، داعيةً إليه، ثابتة على نهجه، حتى يفتح الله على شعبنا وثورته بالتي نحب (وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب، وبشّر المحسنين)

التعليقات