الحجر " القدسي".. الذهب الأبيض الذي يقاوم الاندثار

الحجر " القدسي".. الذهب الأبيض الذي يقاوم الاندثار
الحجر المقدسي
 خاص دنيا الوطن- آلاء البرعي
يُعرف الحجر القدسي في قطاع غزة بمسمى "الذهب الأبيض" للفلسطينين، كوّنه يأتي من الضفة الغربية "الخليل"  للقطاع عبر معبر كرم أبو سالم، ليحظى بمكانة عالية في البناء والتشييد، لما يتمتع به من خواص تجعله مُقاوماً للعوامل الجويّة والرطوبة، لكنه يواجه أيضاً العديد من العقبات التي تُقلل من فُرص الحصول عليه من موطنه الأصلي بسبب المنع الإسرائيلي، الذي يتحكم بدخوله تارةً ومنعه تارةً أخرى.

"دنيا الوطن" استطلعت آراء المهندسين والمواطنين، الذين أجمعوا على تزايُد الحجر القدسي في البناء، وتحديداً واجهات المباني الخارجيّة في غزة، على عكس الحجر المستخدم في المطابخ والذي يعتبر الأقل إقبالاً.

استيراد وعراقيل

يقول التاجر حمادة أبو الغيث: "استيراد الحجر القدسي يخضع  للعديد من القيود الصارمة التي يفرضها الاحتلال على الشاحنات القادمة عبر معبر كرم أبو سالم، ففي الآونة الأخيرة تم منع دخول الأحجار بسُمك 5 سم دون وجود أعذار تُذكر، إضافة إلى إغلاقات المعبر المستمرة، والتي تمتد في بعض الأحيان لفترات طويلة، أثرتَ علينا أيضاً كتُجار وكبدتنا العديد من الخسائر".

وأشار أبو الغيث إلى أن تكلفة الحجر مرتفعة، ما يجعل تركيبه لا يتناسب مع غالبية المواطنين واقتصاره على مناطق محددة في القطاع، مضيفاً أن حجم الطلب للعمارات السكنيّة حديثة الإنشاء أكبر من غيرها، منوّهاً إلى أن الحجر الفلسطيني لم يعد مجرد حجر يبنى في المنازل، بل تجاوز ذلك ليُصبح تحفة فنية جميلة تدهش الناظرين، خاصة في الفنادق والمباني الشاهقة والفلل والديكورات الداخلية والخارجية.

ويؤكد خبراء ومختصون في صناعة الحجر، أن المحاجر والكسارات والمناشير معاً، تساهم بنحو 5.5% من المنشآت الصناعية، وتشغل نحو 8% من العاملين بها، كما تشكل 12.6% من الإنتاج الصناعي القائم حالياً، وحوالي 13 من الاستهلاك الوسيط في القطاع الصناعي و16% من القيمة   المضافة لهذا القطاع.

فلسطين الثانية عالمياً

يُذكر أن قيمة الإنتاج الفلسطيني من الحجر 4% تقريباً من الإنتاج العالمي، حيثُ بدأ يدخل الأسواق العربية والأوروبية وغيرها، فيما تُعد فلسطين هي المُنتج الثاني عشر في العالم من الحجر. 

في السياق ذاته، يقول المهندس المعماري أحمد الواديّة: "تقسم شركات الحجر والرخام في فلسطين إلى قسمين: الأول يعمل بشكل تقليدي أي مجرد  قطع الحجارة وبيعها قطعة واحدة دون تصنيعها وعددها يقدر بالمئات، والقسم الثاني الذي يعمل به عدد محدد من الشركات، وهو تحويل الحجر إلى تحفة فنية باستخدام الحاسوب والتقنيات المتطورة ليصبح شكلاً فنياً وهندسياً، يصعب على المواطنين تمييزه عن الحجر الصناعي".

وأوضح أن صناعة الحجر في قطاع غزة تعرضت لتوقف تام خلال سنوات الحصار على قطاع غزة، وحين تم السماح، فُرضت قيود على إدخال الحجر السادة، ورغم ذلك تحدى العاملون في هذا المجال الاحتلال، وتعلموا نقش الحجر بالشكل والمواصفات التي كانت تستورد.

ولفت الواديّة إلى أن مستوى دخل المواطن هو من يتحكم في مدى إقبال المواطنين على تركيب الحجر، وأن الإمكانيات هي من تجعله يقتصر على القصارة فقط، متوقعاً أنه في حال تحسن الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، سيكون هناك إقبال واسع على تركيب الحجر لما له من مميزات قوية إلى جانب الشكل الجمالي الأفضل.

وتعتبر الضفة الغربية من شمالها إلى جنوبها غنية بوجود المادة الخام في المحاجر، بحيث يتمركز وجود مصانع الحجر بالقرب من مصادر توفر المادة الخام، وهناك أكثر من 250 محجراً منتشرة في مناطق الضفة الغربية، ويتركز وجود هذه المحاجر في التلال الجيرية لمحافظتي الخليل وبيت لحم.