حنا: نرفض ان يضطهد اي انسان بسبب انتماءه الديني

رام الله - دنيا الوطن
وصل الى المدينة المقدسة صباح اليوم وفد من جمعية رجال دين من اجل السلام ورفض التمييز العنصري ومقرها في مدينة نيويورك الامريكية والتي تضم في صفوفها عددا من الشخصيات الدينية اليهودية والمسيحية والاسلامية وهي هيئة ناشطة في حقل الدفاع عن حقوق الانسان ونصرة المظلومين والمستضعفين في الارض وفي مقدمتهم شعبنا الفلسطيني كما ان هذه الجمعية تسعى من اجل رفض ونبذ كافة المظاهر العنصرية في اي مكان في هذا العالم .

وقد وصل الوفد الى المدينة المقدسة في زيارة تضامنية مع الشعب الفلسطيني وبهدف الاطلاع عن كثب عما يتعرض له هذا الشعب من انتهاكات لحقوق الانسان ومن تطاول على مقدساته ومؤسساته .

وقد منعت السلطات الاسرائيلية عددا من اعضاء الوفد من دخول البلاد وتمكن عشرة اشخاص من الدخول والوصول اليوم الى المدينة المقدسة حيث استهلوا نشاطهم بلقاء هام مع سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس .

سيادة المطران رحب بزيارة الوفد الى المدينة المقدسة حاضنة اهم مقدساتها وعاصمة شعبنا الفلسطيني الروحية والوطنية وقال بأن شعبنا الفلسطيني هو ضحية العنصرية والسياسات الظالمة التي ترتكب بحقه ، فقد تعرض شعبنا لنكبات ونكسات كثيرة ما زالت تداعياتها قائمة حتى اليوم وفي الوقت الذي فيه ازيلت الاسوار العنصرية في اكثر من موقع في عالمنا نرى انه في ارضنا المقدسة قد بنيت اسوارا عنصرية ونصبت حواجز عسكرية لكي تمنع الانسان من التواصل مع اخيه الانسان ولكي تحرم شعبنا الفلسطيني من حقه المشروع في حرية التنقل والوصول الى القدس .

وضع سيادته الوفد في صورة ما يحدث في المدينة المقدسة من استهداف يطال كافة مفاصل حياة شعبنا وهذا الاستهداف يطال تاريخ المدينة وهويتها وطابعها كما انه يستهدف مدارسنا والمناهج التعليمية الفلسطينية التي تسعى السلطات الاحتلالية لشطب كل ما له علاقة بالقضية الفلسطينية وثقافة الشعب الفلسطيني من هذه المناهج.

قدم سيادته للوفد بعض المنشورات التي اعدتها مؤسسة باسيا في القدس وفيها دراسات واحصائيات تفصيلية حول الاوضاع في المدينة المقدسة وفي باقي الاراضي الفلسطينية المحتلة ، قال سيادته بأننا نرفض العنصرية التي تمارسها السلطات الاحتلالية مع شعبنا حيث تمتهن كرامة هذا الشعب وحريته وحقوقه كما اننا نرفض كافة انواع العنصرية بكافة اشكالها والوانها .

اننا نرفض اي مواقف عنصرية عدائية بغض النظر عن اولئك الذين يروجون لها وايا كانت انتماءاتهم الدينية او المذهبية او خلفياتهم الثقافية .

العنصرية ظاهرة خارجة عن السياق الانساني وهي تهدد مجتمعاتنا وتهدد ثقافة السلم الاهلي وقيم التآخي والتعايش والتلاقي بين الاديان .

هنالك من نصبوا انفسهم ممثلين للدين ويقتلون ويذبحون ويمتهنون الكرامة الانسانية باسم الدين والدين من هذا براء .

ان ظاهرة الارهاب التي تعصف بمنطقتنا العربية والتي ادت الى كثير من المآسي الانسانية انما هي ظاهرة يجب ان نواجهها ، وانا لست من المعتقدين بان الحملات العسكرية والامنية لوحدها قادرة على القضاء على هذه الظاهرة فهنالك حاجة لمعالجة ثقافية فكرية انسانية وهنالك حاجة للاهتمام بمجتمعاتنا العربية المهمشة فظاهرة البطالة والفقر منتشرة في كل مكان ونحن نعتقد بأن الفقر والجوع والجهل والظلم وغيرها من المظاهر الاجتماعية انما هي بيئة حاضنة للتطرف والعنف والارهاب .

لقد انفق حتى الان على الحرب في سوريا اكثر من 80 مليار دولار ناهيك عن الحرب التي تتعرض لها اليمن وما يحدث في ليبيا والعراق وفي غيرها من الاماكن ولو انفق هذا المال على شعوبنا العربية لانتهت ظاهرة الفقر والبطالة والجوع وتم حل الكثير من المشاكل الاقتصادية، كنا نتمنى ان ينفق هذا المال على بناء المدارس والجامعات والمستشفيات وكذلك من اجل دعم صمود الشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال .

يؤسفنا ويحزننا ان هذه الاموال التي تغدق بغزارة على التسليح والحروب والارهاب كان من المفترض ان تستعمل من اجل البناء والخير والرقي في مجتمعاتنا وفي مشرقنا العربي ، لا نريد حروبا وعنفا وارهابا ، لا نريد قتلا وتشريدا وامتهانا للكرامة الانسانية ، فلسطين تعرضت لنكبات ونكسات كثيرة ولكن النكبة الكبرى هي ما يحدث اليوم في الوطن العربي حيث ثقافة الارهاب والعنف تحرق الاخضر واليابس مستهدفة الحضارة والتاريخ والثقافة وقيم العيش المشترك وكل ما هو جميل وانساني في منطقتنا العربية .

نرفض تصريحات الرئيس الامريكي العنصرية التي لن تساهم في معالجة حالة الارهاب التي تعصف بنا فتصريحاته ومواقفه المرفوضة من قبلنا جملة وتفصيلا هي صبا للزيت على النار المشتعلة اصلا والتي اشعلتها الادارات الامريكية السابقة بهدف احراق منطقتنا وتدمير مشرقنا وتحويلنا الى شرق اوسط جديد خال من القيم الانسانية ، شرق اوسط جديد تسوده ثقافة الارهاب والعنف والتطرف والكراهية .

اننا نرفض الدعوة المشبوهة التي اطلقتها بعض القيادات السياسية في الغرب بدعوة المسيحيين للهجرة وترك اوطانهم ، ان اضعاف الوجود المسيحي في المنطقة العربية هو تشويه لصورة هذا المشرق وطمس لمعالمه الحضارية والانسانية ولهؤلاء القادة اقول: بدل من ان تدعوا المسيحيين لمغادرة بلدانهم توقفوا عن تصدير اسلحتكم وارهابكم العابر للحدود الذي يستهدف كافة شعوبنا بكافة مكوناتها ، بدل من ان تدعو المسيحيين لمغادرة هذه المنطقة العربية التي منها انطلقت الرسالة المسيحية الى مشارق الارض ومغاربها اهتموا من اجل حل القضية الفلسطينية ومن اجل ان ينعم شعبنا الفلسطيني بالحرية التي يستحقها والتي في سبيلها قدم التضحيات الجسام .

علينا ان نعمل معا وسويا من اجل ان نغير وجه هذا العالم لكي يكون اكثر عدلا وانصافا وتضامنا مع المظلومين والمتألمين .

نشكركم على انسانيتكم وانتم تنتمون الى ديانات متعددة ولكن وحدكم انتماءكم الانساني والقيم والمبادىء الاخلاقية المشتركة التي تجمعكم ففلسطين ترحب بكم والقدس سعيدة بوجودكم .

كونوا الى جانب شعبنا في معاناته وارفعوا الصوت عاليا رفضا للاحتلال وممارساته وقمعه واستهدافه لشعبنا الفلسطيني ورفضا لكافة المظاهر العنصرية في اي مكان في هذا العالم ، اقول لكم بأن رسالة القدس الى كل واحد منكم بأننا نرفض ان يظلم وان يضطهد اي انسان بسبب انتماءه الديني او لون بشرته او لغته او خلفيته الثقافية ، اننا نتضامن مع كافة ضحايا الارهاب في عالمنا كما قدم سيادته للوفد وثيقة الكايروس الفلسطينية واجاب على عدد من الاسئلة والاستفسارات .