حنا: اعداؤنا يريدوننا أن نتحول لطوائف ومذاهب وقبائل متناحرة

رام الله - دنيا الوطن
استقبل سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس وفدا من اساتذة وطلاب جامعة بيت لحم الذين وصلوا صباح اليوم الى المدينة المقدسة في زيارة هادفة لتفقد معالمها التاريخية والدينية ولقاء عدد من شخصياتها وزيارة عدد من مؤسساتها التعليمية .

استقبل سيادة المطران الوفد المكون من 50 شخصا في باحة كنيسة القيامة حيث رافق سيادته الوفد في جولة داخل الكنيسة ومن ثم كانت هنالك محاضرة لسيادة المطران الذي رحب بوصول الوفد الاتي الينا من جامعة بيت لحم .

و تحدث حنا عن مكانة القدس الدينية والتاريخية والتراثية والحضارية والانسانية والوطنية مؤكدا على اهمية مثل هذه الزيارات التي تأتي تأكيدا على تعلقنا بالمدينة المقدسة وارتباطنا بها باعتبارها عاصمة روحية ووطنية لشعبنا الفلسطيني .

كما تحدث عن مكانة القدس في الديانات التوحيدية الثلاث كما ابرز بشكل خاص اهم المعالم الدينية والتاريخية الموجودة فيها .

و قدم للوفد لمحة تاريخية عن كنيسة القيامة وما تعنيه في الديانة المسيحية باعتبارها حاضنة القبر المقدس .

وتحدث عن العلاقات التاريخية الاسلامية المسيحية في مدينة القدس مؤكدا بأن المدينة المقدسة كانت دوما نموذجا متميزا في العيش المشترك والتلاقي والتآخي والوحدة الوطنية الاسلامية المسيحية ، وهذا النموذج ليس مقصورا على مدينة القدس فحسب بل هو جزء من ثقافة شعبنا الفلسطيني الذي لم يعرف في يوم من الايام الطائفية والفتن المذهبية والتعصب الديني، وان ما نسمعه بين الفينة والاخرى من اصوات نشاز تحرض على الفتن والكراهية والتطرف انما هي غريبة عن ثقافة شعبنا ودخيلة على مجتمعنا وهؤلاء انما يخدمون اجندات معادية ومشاريع مشبوهة هدفها النيل من وحدة شعبنا الفلسطيني .

علينا ان نتصدى لاولئك الذين يتاجرون بالدين ويلبسون ثوب الدين والدين منهم براء وعلينا ان نعمل معا وسويا بوحدتنا واخوتنا وتعاوننا واستقامتنا ووطنيتنا الصادقة على افشال كافة المؤامرات التي تحيط بنا والتي تهدف الى خدمة اعدائنا المتربصين بقضيتنا الوطنية ، ان اولئك الذين يثيرون الفتن في مجتمعاتنا العربية انما هدفهم الاساسي خدمة الاعداء الذين يسعون لتصفية القضية الفلسطينية .

يريدوننا ان نتحول الى طوائف ومذاهب وقبائل متناحرة فيما بينها لكي يتسنى للاستعمار تمرير مشاريعه في منطقتنا .

انظروا الى سوريا والى العراق والى اليمن وليبيا حيث تدمر البلدان العربية ويستهدف ابنائها بدم بارد في اطار ما سمي بمشروع الشرق الاوسط الجديد الذي يهدف الى طمس معالم الدولة المدنية ويهدف ايضا الى تفكيك المفكك وتجزئة المجزء لكي يتسنى للاستعمار تمرير مشاريعه في بلادنا وتصفية قضيتنا الفلسطينية بشكل كلي .

علينا ان نتحلى بالوعي والحكمة والرصانة والاستقامة ، نحن نريد للفلسطيني مسلما كان ام مسيحيا ان يكون متدينا وان يتمسك بالقيم والاخلاق والمبادىء الدينية السامية ، ولكن التدين شيء والتطرف شيء اخر ، لا يجوز لنا ان نقبل باولئك الذين يتاجرون بالدين ويسيئون اليه بتصرفاتها ومواقفهم وسلوكياتهم ، لا يجوز لنا ان نقبل بأولئك الذين يبنون جسورا وهمية فيما بيننا ، كفانا ما حل بنا من نكبات ونكسات ، كفانا ما حل بنا من مظالم حيث الاسوار العنصرية تحيط بنا وسياسات الاحتلال القمعية بحق شعبنا متواصلة ومستمرة ، علينا ان نكون موحدين لكي نكون اقوياء في مواجهة ما يخطط لنا .

ان كل من يدعو الى الفتن والتشرذم والانقسام والتفكك في مجتمعاتنا انما يخدم الاحتلال واجندته وسياساته .

حافظوا على انتماءكم الوطني الفلسطيني فالوطن هو انتم وهو شعبنا الفلسطيني المناضل من اجل الحرية حافظوا على استقامتكم وصدقكم ومحبتكم لبعضكم البعض ، فلسطين بحاجة لكل واحد منكم فحافظوا على معنوياتكم وعبروا دوما عن افتخاركم واعتزازكم بالانتماء لهذا الشعب الابي المناضل والمجاهد من اجل الحرية والكرامة واستعادة الحقوق ، فلسطين بحاجة الى من يضحي في سبيلها ، فلسطين هي اعدل قضية عرفها التاريخ الانساني الحديث ولن يتمكن احد من تصفية هذه القضية ما دمنا متحلين بالوعي والاستقامة والرصانة والمسؤولية والحكمة .

فلسطين بحاجة الى من يضحي من اجلها وليس الى من يضحي بها من اجل مصالحه الشخصية .

علينا ان نحافظ على اخوتنا وتلاقينا الاسلامي المسيحي ففلسطين هي لابنائها وكلنا لفلسطين وكلنا فلسطينيون من واجبنا ان ندافع عن كرامتنا وعن وطننا وعن قدسنا ومقدساتنا .

القدس امانة في اعناقنا وعلينا ان نحافظ عليها ، القدس ترتكب بحقها مجزرة حضارية غير مسبوقة فمقدساتنا مستهدفة ومؤسساتنا الوطنية مستباحة وابناء شعبنا في المدينة المقدسة يتعرضون للاستهداف في كافة مفاصل حياتهم في حين اننا نشهد تهميشا غير مسبوق للقضية الفلسطينية ولما يحدث في مدينة القدس بشكل خاص في ظل ما يحيط بنا من احداث مؤلمة في بعض الاقطار العربية الشقيقة .

لن نستسلم لاولئك الذين يريدون تصفية قضيتنا العادلة والساعون لتهميش هذه القضية ، لن نستسلم لاولئك الذين يريدوننا ان نستسلم للاحتلال ولسياساته وممارساته ، يريدوننا ان نشطب القدس وان ننسى فلسطين والا نتحدث عن حق العودة ونحن نقول بأننا لن نتخلى عن فلسطين ولن نترك القدس وحيدة تقارع جلاديها ولن نتنازل عن حق عودة الفلسطينيين الى ديارهم وهو حق لا يسقط بالتقادم .

نريد لجامعاتنا ان تبقى صروحا تقدم للوطن الشخصيات الوطنية والقيادية المثقفة والواعية ، نريد لجامعاتنا ان تبقى صروحا تخدم انساننا الفلسطيني وتبرز عدالة قضيته ولتكن القدس حاضرة معكم في كل نشاط تقومون به .

قدم سيادته بعض الاقتراحات العملية للطلاب كما اجاب على عدد من الاسئلة والاستفسارات ، أما الوفد الاتي من جامعة بيت لحم فقد وجهوا الشكر لسيادة المطران على استقباله وكلماته وتوجيهاته وحرصه الدائم والمستمر على تكريس ثقافة العيش المشترك والوحدة الوطنية بين ابناء الشعب الفلسطيني الواحد .

اننا نثمن ونقدر جهودك وصوتك المدافع عن العدالة كما نعبر عن شكرنا وتقديرنا لما تقوم به الشخصيات المسيحية الفلسطينية الوطنية من اجل قضية الشعب الفلسطيني وابراز عدالة هذه القضية في سائر ارجاء العالم.