إحصائية صادمة: الفلسطينيون يستهلكون 120% من حجم الناتج المحلي!

إحصائية صادمة: الفلسطينيون يستهلكون 120% من حجم الناتج المحلي!
صورة ارشيفيه
خاص دنيا الوطن- علاء الهجين
لم يجد المستثمرون ورجال الأعمال الفلسطينيون في قطاع غزة، فرصة أخرى لاستثمار أموالهم سوى المشاريع الاستهلاكية، والتي تتمثل في إنشاء فنادق ومولات ومجمعات تجارية بهدف الربح السريع، وترك الاستثمار الإنتاجي الذي يساعد في التنمية الاقتصادية على المدى البعيد، بسبب حظر ادخال المواد الخام إلى قطاع غزة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي يشكل خطراً حقيقاً على الاقتصاد الفلسطيني نتيجة التوجه للمشاريع الاستهلاكية، وخاصة أن نسبة الاستهلاك لدى الشعب الفلسطيني، وصلت لـ 120%، من حجم الناتج المحلي الفلسطيني.

ومن الملاحظ أنه بين الفينة والأخرى، يتم افتتاح مشاريع استثمارية، معظمها مولات ومحال ومجمعات تجارية، حيث يؤكد أصحابها أنها مدرة للربح في ظل الكثافة السكانية العالية في قطاع غزة.

يوضح أحد أصحاب المحال التجارية الكبرى في قطاع غزة، خالد موسى، أن ما دفعه للاستثمار في إنشاء متجره يعود للحصار المفروض على القطاع ومنع الاحتلال إدخال المواد الخام للصناعات.

 بدوره، يؤكد رئيس تحرير صحيفة الاقتصادية، محمد أبو جياب، أن الاستثمار الاستهلاكي يعتبر خطيراً جداً على مستوى الاقتصاد الفلسطيني، وغياب الاستثمار الإنتاجي يهدد بتقليص فرص تشغيل العمالة، والتنمية المستدامة، والبناء الاقتصادي على أساس الإنتاج في المدى البعيد.

ويبين أبو جياب، أن المستثمرين يتركون القطاع الإنتاجي متجهين إلى القطاع الاستهلاكي، لأنهم يجدون خطورة مطلقة في الاستثمار الإنتاجي بسبب تضييق الاحتلال الإسرائيلي على المستثمرين، وتمنعهم من إدخال المواد الخام اللازمة في العملية الإنتاجية، ومنع أو تعقيد المنتجات الفلسطينية من التصدير إلى الخارج، إضافة إلى أزمة الكهرباء التي يعاني منها أهالي قطاع غزة.

ويكشف، أن اقتصاد القوة الشرائية في غزة، يضفي انطباعاً سلبياً على مستوى التشجيع على الصناعة والإنتاج، لذلك يتوجه أصحاب رؤوس الأموال للاستثمار في قطاع الخدمات والاستهلاك، لأنه يعتبر أقل تكلفة ومخاطرة وأكثر ربحاً.

ويضيف: "الدول المتقدمة تعتمد في قوة اقتصادها على الاستثمار الإنتاجي، الذي ينتج عنه تنمية على المدى البعيد، وتقوم ببناء مصانع ومؤسسات إنتاجية تساعد على تشغيل عمالة، والذين بدورهم يبنون مجتمعاً متقدماً اقتصادياً".

ويتابع: "المستثمر الفلسطيني يلجأ إلى الاستثمار الاستهلاكي، مجبراً وليس مخيراً، لأنه معظم من توجه لافتتاح مجمعات تجارية استهلاكية، هم في الأساس من القطاع الصناعي، ولكن الحصار أجبرهم على بناء استثمار تجاري استهلاكي، لكي يتم الحفاظ على أموالهم من الركود".

من جهته، يؤكد الخبير والمحلل الاقتصادي، الدكتور أسامة نوفل، أن التوجه نحو الاستهلاك أكثر من الإنتاج، يُضعف من قوة الاقتصاد الفلسطيني، وتصبح الدولة استهلاكية، وإن ذلك الأمر يفاقم من عجز الموازنة العامة للدولة، وعجز الميزان التجاري لها، ويؤدي إلى تراجع الاستثمار الإنتاجي الذي يُعتبر الأهم لأي بلد.

ويبين، د. نوفل، أن زيادة التوجه نحو إنشاء مشاريع استهلاكية، أمر يؤدي إلى خروج العملة الأجنبية من البلد، ويقلل من توظيف العمالة، ويضعف الاقتصاد الفلسطيني بشكل كبير.

ويوضح، أن كافة البلاد العربية تزيد بها نسبة الاستهلاك عن الإنتاج لهذا تعتبر دول نامية، وفي فلسطين فإن نسبة الاستهلاك تزيد عن الإنتاج بنحو 36%، بسبب التخوف من الخسائر التي قد يتعرض لها المستثمرون في حال فشل استثمارهم.

ويبين، أن الجزء المهم الذي يجعل المستثمرين يتجهون نحو الاستثمار الاستهلاكي، هو حماية رأس المال من الركود بسبب تعطل عجلة العملية الصناعية في قطاع غزة، وقد يصبح المجتمع الغزي خلال السنوات القادمة، مستهلكاً أضعاف ما كان عليه سابقاً، وسيغيب مفهوم التنمية الاقتصادية في حال تعظيم الاستهلاك بدل الإنتاج.

في ذات السياق، يؤكد رئيس قسم الاقتصاد، بجامعة الأزهر في غزة، الدكتور سمير أبو مدللة، أن نسبة الاستهلاك الفلسطيني تصل نحو 120%، من الناتج المحلي الفلسطيني، وبالتالي يعتبر المجتمع الفلسطيني استهلاكياً أكثر منه إنتاجياً، بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، وتقطيع أوصال مدن الضفة المحتلة بقطاع غزة، إضافة إلى تعقيد الاحتلال الإسرائيلي من عملية تصدير السلع المحلية إلى الخارج.

ويوضح د. أبو مدللة، أن الحصار المفروض على قطاع غزة، يجبر المستثمرين على إنتاج سلع استهلاكية، لأن الطلب يكون عليها كبيراً جداً، وخاصة السلع غير المعمرة، مثل الأطعمة الغذائية، وعلى سبيل المثال، تراجعت صناعة الملابس بسبب منع الاحتلال تصديرها من القطاع إلى الخارج، كما أن المصانع تعتمد على نحو 75% من المواد الخام، الذي يمتنع الاحتلال عن إدخاله إلى غزة.

ويبين، أصبح المستثمرون في قطاع غزة يبحثون عن الربح السريع، والذي يتمثل في الاتجار والاستثمار في السلع الاستهلاكية، لأن تلك السلع لها جمهورها وسوقها في الضفة المحتلة وقطاع غزة، وهذا الأمر يعتبر خطراً جداً على الاقتصاد الفلسطيني.

ويضيف: "يجب أن يكون هناك زيادة ملموسة في الاستثمار الإنتاجي، لما له من مردود وتنمية اقتصادية على المدى البعيد، الأمر الذي قد يوفر فرص عمل لعشرات الآلاف من الخريجين والمتعطلين عن العمل".