كلاهما مر (دولتين ودولة )

كلاهما مر (دولتين ودولة )
نبيل البطراوي 

منذ مؤتمر مدريد الذي عقد على عجل ومن أجل ذر الرماد في عيون القيادات العربية والضحك على شعوبنا من أجل تمرير للمؤامرة على العراق الذي كان السد المنيع للوطن العربي امام الأطماع الإيرانية وهنا بكل تأكيد لابد من تسجيل الموقف المعارض لما أقدمت عليه القيادة العراقية بجتياح الكويت الدولة العربية التي للاسف استخدمت; كطعم للنظام العراقي ليستقز ويقدم على هذا الفعل والذي في حينه جيشت الجيوش العربية التي لم تقوم لها قائمة في المعارك القومية التي كان يجب ان تكون ،فكان مؤتمر مدريد وما تبعه من لقاءات واتفاقيات عربية إسرائيلية وأحلام رسمت للمواطن العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص والذي شعر الكثير بأن الدولة الفلسطينية قاب قوسين او ادنا ،لم يكن هذا نتاج مرحلة وخاصة المتابع بل كان نتاج إرهاصات متنوعة ومتعددة على الصعيد الفلسطيني والعربي ومنها إعلان الجزائر والذي تم فيه إعلان قيام دولة فلسطين على حدود 1967م وعاصمتها القدس والانفتاح العربي على دولة الاحتلال بشكل شبه علني وشبه رسمي إلى حد أقدام بعض الدول العربية على إقامة علاقات مع دولة الاحتلال متنوعة دون مقابل وزاد تشجيع الدول العربية توقيع اتفاقيات أوسلو في عام 1993 م والتي أطلق عليه في حينه الاتفاق المرحلي لينتهي بعد خمس سنوات بقيام دولة فلسطين وحل القضايا الخمس الكبرى التي بقيت عالقة وبكل تأكيد أخذت دولة الاحتلال كل ما تريد ولم تمكن شعبنا من شىء .

وهنا لا ينفع اللوم ولكن وبعد اربع وعشرين عاما على تلك الاتفاقات وبعد كل سنوات وجولات التفاوض والتي شاخ خلالها الموقعون والمفاوضون ألم تشيخ تلك الحلول وتصبح بالية وتصبح شىء من الماضي الذي يجب التفكير بعقلانية فيه وماذا جلب لشعبنا انتظار حل الدولتين كل تلك السنوات ،وألم يجلب الانقسام تلك الحالة التي لم يمر بها شعبنا قضيتنا منذ النكبة إلى اليوم ،آلم يجلب طروحات ،دولة غزة وكنتونات في شمال وجنوب الضفة،آلم يجلب لنا هذا الانتظار التغول الاستيطاني الذي بات يهدد الوجود الفلسطيني ،ألم يجلب هذا الانتظار تيارات فلسطينية متنوعة التفكير والطروحات ،إلى حد ان البعض بدأ يحضر مؤتمرات للمستوطنين ،ناهيك عن حالة اليأس التي باتت تؤرق الشباب الفلسطيني وتهدد حضورهم وجودهم على أرضهم وفي كل بقاع تواجدهم. 

اليوم وفي ظل الإدارة الأمريكية الجديدة وبعد فشل الإعتماد على المواقف الأوربية الخجولة اتجاه حقوقنا ،بل والتساوق مع المواقف الصهيونية من خلال مجموع الضغوط التي تمارس على قيادتنا القبول بالأمر الواقع وبعد الحالة العربية التي باتت متصهينة اكثر من الصهيونية وحالة العجز الكلي للقوى الفلسطينية التي تنصب نفسها قيادات تحت يافطات ومسميات بغرض الاسترزاق على حساب معاناة شعبنا ،أليس اجذر بقيادتنا الوطنية التخلص من العبء الثقيل وهو الاعتراف بدولة اسرائيل والتنازل عن 78%من ارض فلسطين والتنازل عن حق الأجيال القادمة والقبول بحل الدولة الواحدة والمطالبة بحق المواطن الكاملة تحت أي مسمى كان والتعايش مع غاصب الارض والتعلم ممن تمسك بالأرض ولم يغادرها وترك جدلية الصراع لطبيعتة الأولى كونه صراع وجود وليس صراع حديد و ألعمل بكل جدية على الديموغرافية التي يتخوف منها الصهاينة ولتعلن القيادة بشكل صريح وواضح بأنه لا يمكن القبول بواقع الدولة الواحدة بنظامين (دولة الأبرثهايد) التي تعززه إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، على الأرض، ولن يكتب له النجاح في القرن الواحد والعشرين. عصر العولمة وحقوق الانسان وسلاح الصورة 

وعلى من يريد دفن حل الدولتين بحدود 1967 بعاصمتها القدس الشرقيىة، من خلال الاملاءات وتوسيع الاستيطان وسرقة الارض والموارد والمياه، فإن البديل الوحيد هو دولة ديمقراطية واحدة وحقوق متساوية للجميع من المسيحيين والمسلمين واليهود. وعلى العالم تبني هذا الحل ودعمه لا ان يضاف إلى مجموع الوهم الذي ضجر شعبنا منه .

مع التاكيد على أن شعبنا ومنظمة التحرير الفلسطينية لا زالت متمسكة بخيار الدولتين والمسار السلمي ومسار القانون الدولي، على الرغم من كل ما ;قدمنا من تنازلات كبيرة ومؤلمة .

ولتكن أمريكيا واوربا والقيادات العربية التي تعتبر نفسها بأنها صاحبة حضور على الحلبة الدولية أنها امام واقع لم يعد مجال فيه للمسكنات بل بحاجة إلى طبيب وجراح ماهر يريح شعبنا والعالم من واقع القهر والظلم والاحتلال 

عضو الأمانة العامة للشبكة العربية للرأي والثقافه والإعلام