إسرائيل والدولة الفلسطينية

إسرائيل والدولة الفلسطينية
نبض الحياة 

إسرائيل والدولة الفلسطينية 

عمر حلمي الغول 

مازال بعض النخب السياسية في المعارضة الإسرائيلية يتحدث عن خيار الدولتين. ولكن ليس كما نصت عليه قرارات الأمم المتحدة ومرجعيات عملية السلام. ولعل ابرز من عبر عن ذلك هيرتسوغ، زعيم المعارضة، الذي لم يرتقِ برؤيته لقبول قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967، أضف إلى انه لا يقبل بإلإنسحاب بشكل نهائي من الأراضي المحتلة عام 67، التي يرى فيها مكانا لما يسمى الدويلة الفلسطينية، انما يريد تمرحل الإنسحاب الإسرائيلي، ونظرته للقدس، تقوم بالإنسحاب من ال28 قرية وبلدة خلف الجدار العنصري، بإعتبارها القدس الشرقية، وهو ما يعني عمليا إستمرار قانون الضم لها، وعلى الصعيد الأمني لا يختلف في موقفه عن نتنياهو وباقي اقطاب اليمين المتطرف، بتعبير آخر البقاء في الأغوار وعموم الضفة. والمحصلة ان مواقف المعارضة بإستثناء حزب "ميرتس" والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، لا تختلف عن مواقف الإئتلاف الحاكم إلآ بالشكل.

اما اركان الحكومة الإسرائيلية، فهي تعيش في اللحظة السياسية الراهنة ومنذ إنتخاب الرئيس دونالد ترامب، موسم التصالح مع الذات الأيديولوجية الصهيونية الإستعمارية، حيث أكد أكثر من قطب من قادة الإئتلاف الحاكم، عن ضرورة إسقاط خيار "بار إيلان"، أي حل الدولتين. مع أن نتنياهو في رده على اقرانه بهذا الصدد، قال "إنكم لم تقرأوني جيدا. فأنا قلت دولة فلسطينية منقوصة." ومع ذلك أخذت الأصوات تتعالى عشية زيارة نتنياهو، الذي سيلتقي الرئيس ترامب اليوم الأربعاء في البيت الأبيض، بضرورة فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الفلسطينية، والدعوة للتخلي الكلي عن اي شيء يدعى الدولة الفلسطينية. فقال نفتالي بينت، رئيس حزب "البيت اليهودي" لنتنياهو قبل صعوده للطائرة المتجهة لواشنطن، بما معناه "إياك ان تعود دون إسقاط خيار الدولة الفلسطينية. لإن الحزب الجمهوري أسقط هذا الخيار." وهو وآخرين من حزبه وحزب الليكود من قادوا تمرير قانون "تبييض الإستيطان الإستعماري" في 6 فبراير الحالي. كما ان زئيف الكين، وزير البيئة، قال في مؤتمر "معجزة السيادة"، الذي عقد في القدس "أنه لا شك أن الحديث عن فرض السيادة الإسرائيلية في (الضفة الفلسطينية) هو مركب هام ومركزي في الحوار السياسي، وهذا يعتبر تقدما." ليس هذا فحسب، بل اضاف  القطب الليكودي المتطرف القادم من اوكرانيا عام 1990 قائلا " أعلم ان أيام السلطة الفلسطينية معدودة، وهي لن تصمد بعد الرئيس ابو مازن. سيكون علينا فرض السيادة على الضفة، وبالتالي أعتقد ان التنفس الإصطناعي للسلطة الفلسطينية لن ينجح، وسيلزمنا بخطوات كبيرة". لفرض عملية الضم الكلية للارض الفلسطينية. وفي نفس السياق، طالبت تسيبي حوطبيلي، نائب وزير الخارجية "بفرض السيادة على الضفة الفلسطينية." وكذلك اعلن رئيس لوبي ارض إسرائيل، يوآب كيش، انه "يجب ان يكون واضحا (للجميع) ان هذه "ارض" اباءنا، وهي "حقنا" التاريخي، و"حقنا" القانوني". وتابع كيش رابطا بين التوجهات الإستعمارية المسعورة ولقاء نتنياهو مع ترامب، فقال " اللقاء مع الرئيس ترامب، هو الخطوة الأولى للعودة والبناء، دون ان نعتذر في كل مكان، ومواصلة فرض السيادة على كل ارض إسرائيل." 

هذه بعض مواقف اقطاب الإئتلاف الحاكم، وهي تعكس الرؤية الإستراتيجية لدولة التطهير العرقي الإسرائيلية، الماضية قدما في التخلي الكلي عن خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967. وكل الألاعيب الإسرائيلية مع القيادة الفلسطينية مفضوحة ومكشوفة، لإن الرئيس ابو مازن واللجنة التنفيذية للمنظمة، يعوون جيدا المخطط الإسرائيلي. ويدركون عدم وجود شريك إسرائيلي لا بالمعنى الشكلي ولا بالمعنى العضوي، لإن كل مكونات القيادة الإسرائيلية المتنفذة في المؤسسة التنفيذية والتشريعية والأمنية / العسكرية والقضائية لا تؤمن بالسلام خيارا، ولا تريد اي وجود للدولة الفلسطينية حتى بالمعايير الشكلية، وخيارها مواصلة الإستيطان الإستعماري على كامل فلسطين التاريخية من البحر للنهر، ورغم ان الوجود الفلسطيني يشكل تحديا حقيقيا للمشروع الصهيوني الإسرائيلي، فإن القيادات الصهيونية تدرس السيناريوهات المختلفة للتعامل مع هذا التحدي بين الحكم الذاتي والتجنيس من الدرجة الثالثة او الترانسفير او حصر الأمور في دويلة غزة او إقامة مجموعة إمارات في الضفة إسوة بغزة .. إلخ لكن الجوهري هو بناء  إسرائيل الكبرى على فلسطين التاريخية كمرحلة ثانية في المشروع الصهيوني التاريخي "من النيل إلى الفرات". هذا يستدعي من الكل الفلسطيني وضع رؤية هادئة وجدية وشجاعة لموجهة التحدي الإسرائيلي دون إسقاط العامل الموضوعي من الحسبان.

[email protected]

[email protected]