لا تزوجوا بناتكم قسرا .. فتندموا

لا تزوجوا بناتكم قسرا .. فتندموا
رام الله - دنيا الوطن
تتمثل إحدى صور ﺍﻟﺨﻠﻞ المستشرية في ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻗﺴﻮﺗﻪ في أنه ﻴﺴﺘﻮعب الذكور ﻓﻰ ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻬﻢ ﻋﻦ الإناث وخاصة فيما يخص الزواج، وهو ما يظهر جليًا في ﻣﺴﺎﺣﺔ موافقة الأهل أو رفضهم لمن يتقدم للزواج من ابنتهم خاصة إذا اعترضت الفتاة، وعارضت أهلها.

حب الوالدين لابنتهما لا يمكن إنكاره، ولكن اختلافنا معهم ﻓﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﻌﺒﻴﺮهم عن هذا الحب هو الفيصل والذي يتمثل في فرض زوج بعينه على الفتاة لمجرد أنه برأيهم هو الرجل المناسب بدون أية اعتبارات أخرى وعلى رأسها رأى ابنتهم وهو الأمر الذي ما يتعارض مع حسن نية الأهل، فاﻟﻨﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﺍﻟﻌﻤﻞ الفاسد.

إن ﺍﻟﻨﻀﺞ ﺍﻟﻌﻘﻠﻰ ﻭﺍﻟﻌﺎطﻔﻰ يتضمن ﺗﺤﻤﻞ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﺍﺗﻨﺎ، ﻭﺗكوين ﺧﺒﺮﺍﺕ ﻧﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻰ ﻛﻞ خطﻮﺍﺗﻨﺎ القادمة، واختيار الأهل لزوج ابنتهم هو أهم أسباب توجيه اللوم لهم مع حدوث أول مشكله بين الفتاة وزوجها الذي لم تقوَ على اختياره إضافة إلى المشاكل ﺍﻟﻤﺘﻮﻗﻊ ﺣدﻭﺛﻬﺎ بحكم ﺿﻐﻮﻁ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﺍﺧﺘﻼف ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ لذلك يجب ألا يفكر الأهل بمنطق أن سرعة تزويج ابنتهم، والتخلص من مسئوليتها هو سبيلهم لإرضاء ضمائرهم، وأنهم أدوا رسالتهم في الحياة، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﺮﻉ قد ﺃعطى ﺍﻟﺤﻖ للوالد ﺃﻥ ﻳﻌﺘﺮﺽ ﻋﻠﻰ ﺯﻭﺍﺝ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺮﺍﻩ ﻛﻔﺌﺎ ﻻﺑﻨﺘﻪ، ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺴﻰ ﺍﻷﺻﻞ، ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻮﺍﻓﻘﺔ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ بيد الفتاة لأنها هي التي ستعيش ﻓﻲ كنف ﻣﻦ ﺗﺨﺘﺎﺭﻩ ﺯﻭﺟًﺎ ﻟﻬﺎ، ﺗﺸﺎﺭﻛة ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻓﺎﻟﺰﻭﺍﺝ ﻫﻮ ﺷﺮﺍﻛﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺑﺸﺮﻭﻁ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﺍﻟﻮﻟﻲ، ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ ﺃﺣﺮﺹ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﺑﻨﺘﻪ ﻭﻣﺼﻠﺤﺘﻬﺎ، ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺔ منوطة ﺑﺎﻟﻤﺼﻠﺤﺔ. ﻓﻼ ﻳﻌﻘﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍلأﻫﻞ ﻫﻢ ﻣﻦ ﻳﺘﺠﺎﻫﻠﻮن ﺭﺃﻯ ابنتهم ﺻﺎﺣﺒﺔ ﺍﻟﺸﺄﻥ، ﻭﻫﻰ ﻣﻦ ﺗﺘﺤﻤﻞ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭهم. 

وأوجه كلماتي لكل فتاة في هذا الموقف بأن تقاوم مقاومة سلمية برفض الزواج ﻣﻤﻦ ﻻ ﺗﺮغب ﻣﻬﻤﺎ حدث، ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺍﻋتدى ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻀﺮﺏ، ﺃﻭ ﺃﺧذ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻮقوﻒ، ﻓﺨﻴﺮ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺘﺤﻤﻞ ﺃﺫﻯ ﻣﺆﻗﺘﺎ بدﻻ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻌيش ﺣﻴﺎﺓ ﻛﺎﺭﻫﺔ لها ﻃﻮﺍﻝ ﺍﻟﻌﻤﺮ.

أنصح الفتيات ألا تظﻦ ﺃﻥ ﺭﻓﻀﻬﺎ ﻫﻮ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﻋﻘﻮﻕ الوالدين ﺃﻧﻬﺎ ﺇﻥ ﻟﻢ توافق ﻋﻠﻰ ﺭﺃﻱ ﺃﺑﻴﻬﺎ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﺎﺻﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻓﻔﻲ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ لابد ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺎهم ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﺻﺎﺣﺒﺔ ﺍﻟﺸﺄﻥ، ﻭﺑﻴﻦ ﻭﻟﻲ ﺃﻣﺮﻫﺎ، ﻭبشيئﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻗﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﻔﺎهم ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﻭﺃﺑﻴﻬﺎ ﻭﺃﻣﻬﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﺑﺮﺃﻱ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﺎﻟﻤﻮﺍﻓﻘﺔ ﺃﻭ ﺍلرفض، ﻓﺈﻥ ﺃﺻﺮ ﺍﻷﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ، ﻓﻠﺘﺼﺮ ﻫﻲ ﻋﻠﻰ الرفض، ﻭﻻ ﺗﺘﺰﻭﺝ ﺇﻻ ﺑﻤﺎ تظن ﺃﻧﻪ ﺃﻧسب ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻬﺎ، ﻣﻊ ﺍﺳﺘﺸﺎﺭﺓ ﺃﻫﻠﻬﺎ، ﻭﺃﺧذ ﺭﺃﻳﻬم ﻭﻣﻮﺍﻓﻘﺘهم "درء ﺍﻟﻤﻔﺎسد ﻣقدم ﻋﻠﻰ ﺟلب ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ"، وهنا ندرأ طلاق ﻣﺘﻮﻗﻊ ﻟﻐﻴﺎﺏ ﺍﻟقبول وعن ﺍﺑْﻦِ ﻋَﺒَّﺎﺱٍ ﺭَﺿِﻲَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻨْﻬُﻤَﺎ "ﺃَﻥّ ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﺭَﺩَّ ﻧِﻜَﺎﺡَ ﺑِﻜْر ﻭَﺛَﻴِّب ﺃَﻧْﻜَﺤَﻬُﻤَﺎ ﺃَﺑُﻮﻫُﻤَﺎ، ﻭَﻫُﻤَﺎ ﻛَﺎﺭِﻫَﺘَﺎﻥِ، ﻓَﺮَﺩَّ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲُّ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻧِﻜَﺎﺣَﻬُﻤَﺎ"، وقد ﺭﻭﻯ ﺑﺮيدﺓ، ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ، ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻗﺎﻟت: جاءت ﻓﺘﺎﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، فقالت: ﺇﻥ ﺃﺑﻲ ﺯﻭﺟﻨﻲ ﺍﺑﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﻟﻴﺮﻓﻊ ﺑﻲ ﺧﺴﻴﺴﺘﻪ، ﻗﺎﻝ: ﻓﺠﻌﻞ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ، فقالت: قد ﺃﺟﺰﺕ ﻣﺎ ﺻﻨﻊ ﺃﺑﻲ، ﻭﻟﻜﻨﻲ ﺃﺭﺩﺕ ﺃﻥ تعلم النساء ﺃﻥ ليس ﺇﻟﻰ الآباءﺀ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﺷﻲء "[ أحمد ( 6/136 )، ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ( 6/71 )، ﻭﺍبن ﻣﺎﺟﺔ ( 1/602)

لذلك فإن للولي ﺃﻥ ﻳﺰﻭﺝ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﺇﺫﺍ ﻭﺟﺪ الكفء ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟذي ﻳﺨﺸﻰ ﻓﻮﺍﺗﻪ، ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺗﺰﻭﻳﺞ ﺑﻨﺘﻪ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ، ﺑﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭهكذا ﺗﺄﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﺔ ﻓﻼ يملك ﻋﺼﻤﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﻻ ﺗﺮﺿﺎﻩ ﺯﻭﺟﺎً.

والخلاصة هي أن ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻰ تجنب الخطأ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﺑدﻭﻥ ﺭﻏﺒﺔ الفتاة ﺃﻓﻀﻞ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ بعد ﻭﻗﻮﻋﻪ.

التعليقات