اتفاقات مصالحة لم تنفذ.. فهل من مزيد!

اتفاقات مصالحة لم تنفذ.. فهل من مزيد!
خاص دنيا الوطن- أحمد العشي
اتفاق للمصالحة يخلفه اتفاق آخر، ولكن دون ترجمة حقيقية على أرض الواقع، وبالتالي أصبح المواطن الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، يحلم بتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام.

اتفاق مكة، تبعه اتفاقات القاهرة، ثم الدوحة، وبروتوكول الشاطئ، وكلها باءت بالفشل.

اجتماعات اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني في بيروت واجتماع موسكو، أعطت المواطن الفلسطيني بصيصاً من الأمل حتى تكون رافعة للمصالحة الوطنية، ولكن حتى اللحظة لم تترجم على أرض الواقع.

فهل سيبقى المواطن متعلقاً بآمال إمكانية تنفيذ المصالحة في يوم من الأيام؟

أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر، الدكتور ناجي شراب، أن من مفارقات المصالحة الفلسطينية أن كل اتفاق يوقع يجفف ما قبله، لافتاً إلى أنه إذا كان هناك مصالحة جديدة فإنها بحاجة إلى اتفاق جديد.

وقال شراب في لقاء مع "دنيا الوطن": "المشكلة ليست في الاتفاقات لأن أسس ومبادئ المصالحة واضحة، لكن يبدو أن هناك متغيرات إقليمية ودولية تلعب دوراً أكبر بكثير من تأثير العامل الفلسطيني".

وأضاف: "مشكلة المصالحة تكمن في أن قرار المصالحة أضعف من قرارات غير المصالحة التي تحاول أن تفرضها جهات أخرى من الدول، كما أن هناك علاقة بين عدم المصالحة وتزويد القضية الفلسطينية بكيانات وهويات أخرى غير الهويات الفلسطينية، وهذا ما يفسر لنا حالة المصالحة".

وفي السياق ذاته، أوضح شراب، أنه رغم الانقسام فإن هناك سلطة شرعية يمثلها الرئيس محمود عباس، لافتاً إلى أنه كان يقوم بعملية المفاوضات في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، منوهاً إلى أن الإشكالية لا تكمن في إجراء المفاوضات، وإنما في أنه لا يمكن الموافقة على أي اتفاق تفاوضي بدون موافقة حركة حماس وباقي الفصائل، ومن هنا يكمن تأثير الانقسام على المفاوضات.

وقال: "عندما تذهب إلى المفاوضات بقوة واحدة ورؤية واحدة، فإن ذلك له دفعة قوية، وعندما يذهب المفاوض الفلسطيني وهو مفكك ينجح الطرف الإسرائيلي بفرض ما يريده على الطرف الفلسطيني".

وبين أستاذ العلوم السياسية، أن طرفي الانقسام يحتميان بالمصالحة الفلسطينية، حتى على مستوى حركة حماس، ففي قطاع غزة كل شيء مكتوب عليه السلطة الوطنية الفلسطينية، وبالتالي لا تستطيع حماس أن تعمل خارج هذا الإطار، وفتح نفس الشيء، لذلك باتت المصالحة كفاعل لحفظ ماء الوجه، حيث قال: "نحتمي بالمصالحة، ونخفي ما بداخلنا نوايا غير المصالحة، انتظاراً وترقباً لمتغيرات جديدة لحسابات سياسات إقليمية، وبالتالي يتم تأجيل المصالحة".

بدوره، قال المحلل السياسي الدكتور إبراهيم أبراش: "ما هو المقصود بالمصالحة؟ فإذا كان المقصود بها هو إنهاء الانقسام، أيضا يطرح تساؤل هو عن أي انقسام نتحدث؟ فإذا كان الانقسام متعلق بفصل غزة عن الضفة، فهذه معادلة ثلاثية الأطراف، هناك إسرائيل وهي ركن أساسي، والدول الإقليمية والعربية، ثم الخلافات الفلسطينية الداخلية".

وأضاف: "ما يستطيع الفلسطينيون فعله هو مصالحة جزئية في إطار الخلافات الفلسطينية، ولكن المصالحة بمعنى إنهاء الانقسام وإعادة توحيد قطاع غزة والضفة، فأعتقد أن هذا يدخل في معادلة أكثر من قدرة الفصائل الفلسطينية على إنجازها".

وبين أن إنهاء الانقسام ارتبط بما يسمى الربيع العربي والمخطط الإسرائيلي باستمرار فصل غزة عن الضفة الغربية، لافتاً إلى أنه خلال 10 سنوات من الانقسام ظهرت نخب مصالح بشكل كبير ترقبت أوضاع اقتصادية وأمنية وسياسية في كل من قطاع غزة والضفة الغربية، تجعل الخروج عنها أمراً معقداً، مشيراً إلى أن هذه النخب غير معنية بإنهاء الانقسام بشكل نهائي.

وفي ذات السياق، أشار أبراش إلى أنه من الممكن أن يتفق الفلسطينيون؛ ولكن المشكلة تكمن في التنفيذ، مشيراً إلى أن التنفيذ يرتبط بمجموعة من الاشتراطات، فهناك إسرائيل واللجنة الرباعية ومصر والأردن التي لابد أن تكون موافقة على المصالحة كي تنجز، على حد تعبيره.

من جانبه، رأى المحلل السياسي الدكتور هاني العقاد، أن جميع الاتفاقات التي وقعت وكان آخرها اجتماعي المجلس الوطني وموسكو لم تنفذ، بسبب عدم توفر الإرادة الفلسطينية لإنهاء الانقسام.

وقال: "لو كانت هناك إرادة حقيقية لدى الطرفين لانتهى الانقسام منذ عامه الأول أو قبل إكماله، اليوم 10 سنوات والفلسطينيون يعانون من الانقسام، والشعب الفلسطيني بغزة مصادرة إرادته السياسية، وبالتالي لابد أن ينتهي الانقسام حتى تحل الأزمات".

وأضاف: "الآن المطلوب على المستوى السياسي، أن تتوفر الإرادة أولاً، وأن يتخلى كل شخص عن برنامجه الخاص مقابل البرنامج الوطني وهو الوطن أولاً ثم المواطن، حيث إن القضية الفلسطينية تمر الآن بمرحلة حساسة جداً وصعبة، وهذا سببه الانقسام الذي أودى بنا إلى هذه الحالة".

وأكد العقاد أن الوضع السياسي الراهن ومواجهة الاحتلال والمتغيرات في الموقف الأمريكي والأزمات التي تتوالد في غزة ووقف الاستيطان وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حل الدولتين وإنقاذ القدس والتهويد كل ذلك يحتاج إلى مصالحة.

وفي السياق قال: "لا أجد سبباً واحداً لإتمام المصالحة سوى أن هناك برنامج غير وطني خاص بكل حزب سياسي، خاصة بالحزب الذي يدير قطاع غزة، لذلك يجب التخلي عن كافة البرامج الحزبية والخاصة حتى نصطف إلى جانب البرنامج الوطني وما يهدد القضية الفلسطينية بالكامل".

وأضاف: "اليوم كافة المعطيات المتوافرة على الساحة الإسرائيلية والموقف الأمريكي تقول إن القضية الفلسطينية مهددة لأنه لا يوجد لنا تمثيل سياسي موحد، لذلك يجب أن يكون لنا تمثيل سياسي واحد حتى نقف أمام العالم ونخلق استراتيجية فلسطينية مقاومة تواجه المحتل والموقف الأمريكي الذي يؤيد كل أشكال الاحتلال".

وشدد العقاد على ضرورة أن يمتلك الفلسطينيون زمام المبادرة، وألا يتأثرون بوجود إدارة أمريكية جديدة برئاسة دونالد ترامب، مشيراً إلى أن ترامب معادٍ لكل الحقوق الفلسطينية فلا يريد للشعب الفلسطيني حق تقرير المصير.

نبذة مختصرة عن اتفاقات المصالحة

اتفاق حماس وفتح في مكة

وقعت حركتا فتح وحماس بمدينة مكة في 8 فبراير 2007 برعاية العاهل السعودي الملك عبد الله على اتفاق، وذلك بعد مداولات لمدة يومين، وتم الاتفاق على إيقاف أعمال الاقتتال الداخلي وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وقد شارك في المداولات التي سبقت الاتفاق من حركة فتح الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فيما مثّل حركة حماس خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وإسماعيل هنية نائب رئيس الحركة. 

لكن رغم أجواء التفاؤل الكبيرة التي رافقت التوقيع على الاتفاق إلا أن التوتر بقي موجوداً في الأسابيع التي أعقبت التوقيع، وذلك بسبب أحداث منتصف حزيران في قطاع غزة في يونيو 2007.

الورقة المصرية

بعد صمت لأكثر من عامين على الانقسام وتحديداً في أوائل 2009 وبعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، تجددت الوساطة بين الفصائل الفلسطينية لتكون هذه المرة مصرية، حيث أعدت القاهرة خلاصة أفكارها فيما باتت تعرف بـ "الورقة المصرية" وطرحتها في سبتمبر/أيلول 2009 م.

وإن سارعت حركة فتح للتوقيع عليها فإن حركة حماس قالت إنها بحاجة إلى وقت لدراستها قبل أن تطلب إدخال تعديلات عليها، لكن السلطات المصرية رفضت الطلب، وهو ما أدى إلى تجميد الأمور بين الحركتين لسنوات.

إعلان الدوحة للمصالحة الفلسطينية

وقعت حركتا فتح وحماس بحضور أمير قطر في العاصمة القطرية الدوحة في السادس من فبراير شباط 2012 اتفاقاً للمصالحة، حيث وقع محمود عباس نيابة عن حركة فتح وخالد مشعل نيابة عن حركة حماس بهدف تسريع وتيرة المصالحة الوطنية الفلسطينية.

نص الاتفاق على أربعة نقاط أساسية  

أولاً: التأكيد على الاستمرار في خطوات تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية من خلال إعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني.

ثانيا: تشكيل حكومة التوافق الوطني الفلسطينية من كفاءات مهنية مستقلة برئاسة محمود عباس، تكون مهمتها تسهيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبدء في إعمار غزة.

ثالثا: التأكيد على استمرار عمل اللجان التي تم تشكيلها، وهي لجنة الحريات العامة المكلفة بمعالجة ملفات المعتقلين والمؤسسات وحرية السفر وعودة الكوادر إلى قطاع غزة وجوازات السفر وحرية العمل، ولجنة المصالحة المجتمعية.

رابعا: التأكيد على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهرة لبدء عمل لجنة الانتخابات المركزية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس. 

اتفاق القاهرة

اجتمعت حركتا حماس وفتح في يوم 14-2013 بالقاهرة وتم الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية.

واشتملت بنود اتفاق المصالحة الفلسطينية على ما يلي:

ـ التأكيد على الالتزام بكل ما جاء في اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة.

ـ يبدأ الرئيس مشاورات تشكيل حكومة التوافق من تاريخه وإعلانها خلال 5 أسابيع.

ـ التأكيد على تزامن الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، ويخول الرئيس بتحديد موعدها بعد النقاش مع الفصائل على أن تتم بعد 6 أشهر من تشكيل الحكومة.

ـ تم الاتفاق على لجنة تطوير وتفعيل منظمة التحرير خلال 5 أسابيع من تاريخه مع التأكيد على دورية لقاءاتها.

ـ الاستئناف الفوري للجان المصالحة الاجتماعية.

ـ التأكيد على تطبيق ما تم الاتفاق عليه في القاهرة بشأن الحريان العامة.

ـ التأكيد على تطبيق ما تم الاتفاق عليه لجهة تفعيل المجلس التشريعي لممارسة دوره.

اتفاق الشاطئ 

توصلت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى تفاهمات بشأن تنفيذ كافة بنود اتفاق المصالحة الموقع بينهما في أبريل/ نيسان 2014، أبرزها تمكين حكومة التوافق الوطني من بسط سيطرتها على قطاع غزة فوراً، في منزل الدكتور إسماعيل هنية بمخيم الشاطئ غرب مدينة غزة. وفيما يلي نص التفاهمات:

1. الحكومة:

تمكين حكومة التوافق الوطني ووزرائها كل في مجال اختصاصه وحسب الصلاحيات والمهام الموكلة له في وثيقة الوفاق الوطني الموقعة في 4/5/2011

٢. الحصار والإعمار

إن رفع الحصار وإعادة إعمار قطاع غزة أولوية قصوى للشعب وقواه السياسية، وتحقيقاً لذلك أكد الطرفان التزامهما بتثبيت وقف إطلاق النار وفقاً لما تم الاتفاق عليه في المفاوضات غير المباشرة بالرعاية المصرية بين الجانبين.

- مطالبة المجتمع الدولي بعقد مؤتمر المانحين في الموعد المتفق عليه لإعادة إعمار غزة.

- مطالبة كافة المؤسسات والجهات المعنية وخاصة الحكومة الفلسطينية بسرعة إنجاز المخططات المطلوبة لإعادة إعمار غزة مع إعطاء أولوية لتنفيذ ترميم المنازل والمدارس والمستشفيات ذات البعد الإغاثي والإنساني لإسكان وإيواء المشردين والنازحين.

- تأكيد الاستعداد الكامل للتعاون مع الأمم المتحدة ومؤسساتها المكلفة بالتنفيذ مع التأكيد على دور الحكومة الفلسطينية باعتبارها الجهة المسؤولة عن الإشراف والمتابعة على إعادة الإعمار، وأن إعادة الإعمار تتطلب فتح كافة المعابر مع قطاع غزة وتسهيل إدخال مواد الإعمار.

٣. المجلس التشريعي

يدعو الطرفان إلى تنفيذ ما ورد في وثيقة الوفاق الوطني بخصوص المجلس التشريعي وفق الاتفاقيات التي شكلت على أساسها حكومة التوافق الوطني.

٤. الموظفون

تمكين اللجنة القانونية والإدارية المشكلة من حكومة التوافق الوطني من إنجاز المهمة المكلفة بها حسب ما ورد في وثيقة الوفاق الوطني ٢٠١١، وتذليل كافة العقبات التي تعترض عملها، مع التأكيد على إنصاف جميع الموظفين المعينين قبل وبعد 14/6/2014.

وتطلب الحركتان من حكومة التوافق الوطني تأمين كافة الاحتياجات المالية المطلوبة لحل مشكلة رواتبهم.

٥. التحرك السياسي

مع التأكيد على الالتزام بوثيقة الوفاق الوطني عام ٢٠٠٦ بكل بنودها، وعلى هذا الأساس يتم دعم التحرك والجهود السياسية الفلسطينية التي تهدف إلى تحقيق الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني والممثلة في تحرير أرضه وإزالة المستوطنات وإجلاء المستوطنين وإزالة جدار الفصل والضم العنصري وإنجاز حقه في الحرية والعودة والاستقلال وتقرير مصيره بما في ذلك إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس، وضمان حق عودة اللاجئين إلى ديارهم وتحرير جميع الأسرى والمعتقلين.

٦. لجنة الحريات العامة

دعوة لجنة الحريات العامة لاستئناف أعمالها في الضفة وغزة، والطلب من الحكومة تسهيل مهامها على أن تقوم اللجنة بمهامها بأسرع وقت ممكن.

٧. لجنة المصالحة المجتمعية

دعوة لجنة المصالحة المجتمعية لاستئناف أعمالها والطلب من الحكومة دعم عملها وتوفير متطلبات نجاحها.

٨. الانتخابات

التأكيد على سرعة تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات وفق ما ورد في الاتفاقيات والتفاهمات التي كان آخرها إعلان الشاطئ بتاريخ 23/4/2014.

٩. لجنة المتابعة

اتفقت الحركتان على تشكيل لجنة مشتركة من بينهما لمتابعة تنفيذ في هذه التفاهمات والاتفاقيات السابقة والعمل المشترك لتذليل العقبات التي تواجهه الحكومة في عملها.