عقد مؤتمر "تحديات المشروع الوطني الفلسطيني: المواطنة، الاحتلال، التطرف"

عقد مؤتمر "تحديات المشروع الوطني الفلسطيني: المواطنة، الاحتلال، التطرف"
رام الله - دنيا الوطن
تحت رعاية رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد لله، عقد المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الاستراتيجية (PCRSS)، وبالتعاون مع مؤسسة "زمام"، يوم الأربعاء 18/01/2017، مؤتمراً بعنوان "تحديات المشروع الوطني الفلسطيني: المواطنة، الاحتلال، التطرف"، في فندق جراند بارك في مدينة رام الله، بحضور عدد من الشخصيات السياسية والمستقلة.

وينعقد هذا المؤتمر ضمن سلسلة مؤتمرات مجتمعية خلاّقة تهدف إلى تطبيق مبادئ القانون الأساسي الفلسطيني الذي يكفل المساواة وعدم التمييز وحق المشاركة وسيادة القانون، وحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني في تعزيز المواطنة ونبذ التطرف.

وقد رحب الدكتور محمد المصري رئيس المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الاستراتيجية برعاية رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله، وبمشاركة وزير العدل علي أبو دياك، لهذا المؤتمر، مؤكداً على دور الحكومة التي تقود الخطاب الثقافي والسياسي والذي يجب أن يكون تنويرياً وطنياً جامعاً، كما تحدث عن كيفية مواجهة الاحتلال وثقافة التطرف.

وأضاف د. المصري، "إنّ هذا المؤتمر يأتي من باب التحديات التي يواجهها المجتمع الفلسطيني على صعيد وجود الاحتلال، بالإضافة إلى عدد من الظواهر التي بدأت بالدخول إلى الشارع الفلسطيني"، مشيراً إلى أنّ أسباب ذلك ناتجة عن عدم فهم حق الاختلاف، وبالتالي أصبح هناك من ينفعل ولا يتقبل الرأي الآخر.

بدوه، أكد وزير العدل علي أبو دياك، الذي مثّل دولة رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله، أن مؤتمر المواطنة وعلاقتها بالتطرف والاحتلال، يأتي في إطار أجندة السياسات الوطنية التي تبنتها الحكومة للستة أعوام القادمة 2017 – 2022، والتي تقوم على مواصلة الطريق نحو تحقيق الاستقلال وإقامة الدولة، ومواصلة برامج الإصلاح وتحسين جودة الخدمات العامة والتنمية المستدامة.

وأضاف أبو دياك، "نعمل على تحديث البنية التشريعية والقانونية والمؤسسية لتتلاءم مع مركزنا القانوني الدولي بعد الاعتراف بفلسطين كدولة غير عضو في الأمم المتحدة، وبعد انضمام دولة فلسطين إلى عدد كبير من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، والذي يتطلب منا أن نعمل بكل مسؤولية وأمانة، لاستكمال بناء دولة القانون والمؤسسات وتحديث التشريعات بما يتواءم مع الالتزامات التي ترتبت على فلسطين".

وأشار إلى أن الحكومة تعكف على استحداث المحاكم المتخصصة، لتخفيف العبء على المحاكم النظامية العادية، وتوفير محاكم متخصصة تتفرغ للنظر والفصل في القضايا التي تختص بها، حيث تم تشكيل المحكمة الدستورية العليا، ومحاكم الأحداث، وكذلك فقد تم إقرار قانون محكمة الجنايات الكبرى، وكذلك تسعى الحكومة لتطوير منظومة اجتماعية اقتصادية إعلامية لعلاج أسباب الجريمة في المجتمع.

وشدد أبو دياك على أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي هو العائق الأخطر أمام تحقيق طموحات شعبنا وحقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال والدولة، كما أن استمرار إسرائيل بانتهاك قواعد القانون الدولي والاتفاقيات والمواثيق الدولية يساهم في إضعاف منظومة العدالة الوطنية والدولية، وإن مواصلة اعتداء إسرائيل على الأرض والمقدسات، وارتكاب جرائم القتل والاعدامات الميدانية بحق أبناء شعبنا، والتي كان آخرها إعدام الطفل قصي العمور في تقوع قضاء بيت لحم، في جريمة وحشية بشعة يندى لها جبين الإنسانية، وإعدام الشهيد نضال مهداوي في طولكرم، واقتحام مخيم قلنديا وهدم المنازل في قرية أم الحيران في النقب صباح اليوم، إن هذا التصعيد الإسرائيلي الخطير وهذه الجرائم المتواصلة تساهم في توفير بيئة التطرف والعنف المضاد والكراهية، وإضعاف الجهود الدولية والتعاون الدولي الهادف لتحقيق الأمن والسلم، والتصدي للإرهاب الدولي والجريمة المنظمة والجريمة العابرة للحدود.

وأضاف أن مواصلة إسرائيل إصدار التشريعات العنصرية المخالفة لكافة المعايير والقوانين الدولية والذي يضع مصداقية المنظمات الدولية والمواثيق الدولية على المحك، خاصة قانون اعتقال ومحاكمة الأطفال دون سن الرابعة عشر الذي ينتهك كل الاتفاقيات الدولية التي تحمي حقوق الطفولة، ومشروع قانون منع الأذان في القدس الذي ينتهك حق ممارسة الشعائر الدينية، ومشروع قانون تشريع الاستيطان ومصادرة أراضي المواطنين الذي ينتهك كل القوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية، مما يرتب على المجتمع الدولي مسؤولية التصدي لانتهاكات إسرائيل للقانون الدولي والإنساني، ومساءلة ومقاضاة إسرائيل أمام العدالة الدولية، لحماية قواعد القانون الدولي وقرارات منظمة الأمم المتحدة، كما يتطلب توفير الحماية الدولية لشعبنا، حتى إنهاء الاحتلال ولجم العدوان.

بدوره قال المدير التنفيذي  لمؤسسة زمام سامر مخلوف، إنّ الشباب الفلسطيني هو صمام الأمان لهذا الوضع الفلسطيني الراهن، لذلك فإن المنظمات التي تحاول ضرب المجتمع الفلسطيني، سواء كانت إسرائيلية أو غيرها، هي تحاول ضرب الشعب من خلال ضرب الشباب، مشدداً على ضرورة تحصين وتمكين الشباب الفلسطيني وتوعيته في كافة القضايا.

وأضاف مخلوف: "لاقينا ردوداً إيجابية جداً من قبل الشباب لتعطشه وحاجته للمعرفة والتوعية، وبالتالي تمكينه من العمل والمشاركة والمساهمة في كل مجالات المجتمع المختلفة".

وأشار مخلوف أن رعاية الحكومة لمثل هذه الأنشطة والمؤتمرات، تدل على مدى اهتمام الحكومة بالعمل والشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني من أجل النهوض بالواقع الفلسطيني، والعمل سوياً لبناء المجتمع الفلسطيني الذي نطمح له، مجتمعاً ديمقراطياً متعدداً يتسع لجميع أبنائه.

وقالت المعلمة حنان الحروب، أن التربية تستطيع أن تُعد مواطناً فاعلاً وطالباً بعيداً عن العنف والتطرف، لكن رؤية التعليم لا يشارك في صياغتها المجتمع، بمعنى لا يشارك المجتمع في صياغة ماهية المخرج الذي يريده، ويوكل المهمة إلى نخبة من المثقفين قد يكونوا متعصبين اجتماعياً أو دينياً أو سياسياً، ولأن المجتمع لا يشارك في صياغة الرؤية التربوية، فمنظومة القيم للطلبة تكون مشوشة ومشوهة، فيفقد الطالب توازنه القيمي للتناقض بين البيت والشارع، حيث شددت على أهمية أن يشارك المجتمع في صياغة رؤية التعليم.

بدوره، أوضح المحلل السياسي الدكتور أحمد رفيق عوض على هامش المؤتمر، أنه بات من الصعب القول أن الوضع الفلسطيني مكتمل بسبب نقص السيادة والجغرافيا والقانون، ونوه إلى أن المواطنة تفترض وجود القانون، والوطن، والسيادة، إضافة إلى الشعب، على أرض واحدة غير مشتتين، "وللأسف هذه الأمور غير متواجدة، فأدى ذلك إلى نقص في الحرية".

وتابع عوض: "لا يمكن أن نقول أن المواطنة لها الحقوق في كافة الدول، نظراً لأن ما ينطبق على الدول التي تقع تحت الاحتلال تختلف عن سواها، وبالتالي أصبح المفهوم غامضاً".

هذا وقد تحدث في المؤتمر كلٌ من سماحة السيخ عكرمة صبري، الذي بيَّن دور التربية الدينية في مواجهة التطرف، وقال إن الغلو والتشدد أمران مرفوضان في العقيدة الإسلامية السمحة، وشدد على ضرورة أن يكون هناك خطاب ديني آخر، قادر على الجدل ومواجهة الدعوات التكفيرية.

فيما قال العميد حابس الشروف خلال الكلمة التي ألقاها في المؤتمر، إن الوضع الحالي يحتاج إلى ما أسماه خطة للأمن الفكري تتم من خلالها مواجهة الدعوات الغريبة عن مجتمعنا والتصدي لها.

بينما تحدث الدكتور أمجد أبو العز من جامعة النجاح الوطنية عن مشاكل الشباب، كالبطالة والفقر وعدم المتابعة، ودعا إلى تحصين هؤلاء من خلال الاستماع إلى شكاويهم ومشاكلهم.