بعد موسكو.. هل ستترأس حماس حكومة الوحدة بمتغير النظام الانتخابي المرتقب؟

بعد موسكو.. هل ستترأس حماس  حكومة الوحدة بمتغير النظام الانتخابي المرتقب؟
د. سامي الأسطل

لقد أنشأ النظام الانتخابي السابق عام 2006م خللا كبيرا في التمثيل السياسي لجميع الأحزاب الفلسطينية، وبدد هدفه الأساسي، وأفقده أهليته؛ بل غلب أثره على إرادة الشعب الفلسطيني وكان ذاك النظام المسئول الأول عن الانقسام ففي قراءة جديدة  لانتخابات عام 2006م حصلت فتح وشركائها في منظمة التحرير الفلسطينية على 66% من المقاعد وفق النظام الانتخابي المختلط في شقه النسبي, ونفس النظام منح حماس 44% من المقاعد المتبقية في المجلس التشريعي, وبتفصيل أكثر وفق إحصائيات لجنة الانتخابات المركزية فقد حصلت حماس على 29 عضوا من أعضاء المجلس التشريعي من أصل 66 التي تمثل 50% من الشق النسبي في النظام المختلط, وفتح على 28, والجبهة الشعبية 3 مقاعد وفلسطين المستقلة 2(مصطفى البرغوثي وآخرون) والطريق الثالث 2(سلام فياض وحنان عشراوي), قائمة البديل 2( وهي عبارة عن ائتلاف الجبهة الديمقراطية وحزب الشعب وفدا) وهذه القوائم مع فتح تمثل 66% من المقاعد وفق الشق النسبي من النظام الانتخابي المختلط.
ويلاحظ في هذا الجانب أنه رغم مرور 12 عاما على وجود حركة فتح على رأس السلطة منذ عام 1994-2006م إلا أنها حققت نفس النسبة التي حققتها حماس وبفارق بسيط رغم أن حماس لم يجربها الناخب في ميدان السلطة والحكم, ولو كان النظام النسبي كاملا لاستطاعت فتح تشكيل الحكومة بالائتلاف مع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية, لأنهم معا يعبرون عن اتجاه سياسي متجانس، فمثلا: في إسرائيل حصلت رئيسة حزب كاديما تسبي ليفني عام 2009 على 28 مقعدا وهي أكبر الأحزاب في مقاعد الكنيست؛ لكنها لم تستطع تشكيل الحكومة لأنها لا تمثل الأغلبية, واستطاع رئيس حزب الليكود بيبي نتنياهو تشكيل الحكومة لأنه يمثل اتجاه اليمين الذي يمثل أغلبية الأحزاب اليمينية في الكنيست؛  بالرغم أن حزب الليكود حصل على 27 مقعدا وهي أقل بفارق مقعد واحد عن حزب كاديما, لكن مجموع مقاعد الأحزاب اليمينية 67 مقعدا من أصل 120مقعدا هي مجمل مقاعد الكنيست.
أما شق الدوائر من نفس النظام فقد منح حماس 74%, ومنح فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية وكل المستقلين 26% , وبتفصيل أكثر حصلت حماس على 49 مقعدا بما فيهم أربعة مستقلين دعمتهم حماس, وحصلت فتح على 17 مقعدا, وباقي الفصائل وكل المستقلين لم يحصلوا على أي مقعد, لقد سمح هذا الشق للشخصيات أن تطغى على الاتجاهات السياسية العامة, وأن تستقطب أصوات معظم جماهير الأحزاب المختلفة.
 وعند إجمال دور هذا النظام نجد أن كل مكونات العملية الانتخابية لم يتغير باستثناء التضارب في النتائج التي أفرزها النظام الانتخابي المختلط, ففي الشق النسبي الائتلافي فازت فتح وشركائها, وفي شق النظام الأغلبي الدوائر غلبت حماس وفق هذا الشق الأغلبي وهذا مدعاة الانقسام والصراع.
 فقد جرت الانتخابات في نفس الصناديق التي لم تتغير, ونفس الناخبين ذاتهم بخلفياتهم السياسية والحزبية وهم أنفسهم من اقترع في الشق النسبي, والشد السياسي بقي على أشده, والاستقطاب بنفس الفاعلية, والبيئة السياسية المحلية والإقليمية والدولية لم يدخل عليها أي متغير, إذا النظام الانتخابي أنشأ خللا في التمثيل السياسي للأحزاب الفلسطينية داخل السلطة السيادية الممثلة في المجلس التشريعي, إضافة إلى أن هذا النظام  لعب دورا أكبر من الناخبين والسياسيين, والأحزاب, وإرادة الشعب الفلسطيني بشكل عام.
لقد جاء هذا النظام الانتخابي المختلط بهذه الصورة كإنجاز كبير في حينه, وتم اعتماده بعد نضال سياسي وإعلامي وأكاديمي طويل, حيث كان النظام الانتخابي السائد هو النظام الأغلبي أو نظام الدوائر, وقد بدأت المطالبات الجدية عقب نتائج انتخابات عام 1996م حيث أسفرت النتائج عن فوز حركة فتح بــ77% من المقاعد ولذلك حاولت الفصائل ومؤسسات المجتمع المدني والنخب السياسية والإعلامية والاجتماعية.. بالمطالبة بتغيير هذا النظام وبعد جهود عسيرة تم التنازل عن نظام الدوائر إلى النظام المختلط تلبية لجهود تلك النخب.
ولو بقيت حركة فتح متمسكة بقناعاتها المبنية على إفرازات النظام الانتخابي الأغلبي من نتائج انتخابات عام 1996م وبقي النظام القديم على حاله لكانت النتائج أكثر فقاعة ولوجدنا أن حماس قد حصلت على ذات النسبة عام 2006م التي حصلت عليها فتح في عام 1996م واصبح المجلس التشريعي وفق النظام الأغلبي فاقدا لغايته الأساسية الممثلة في المراقبة والمحاسبة وتمكين الإرادة الشعبية وذلك لسبب بسيط أن جميع النواب من ذات الحزب فلا يمكن أن يحاسبوا أنفسهم محاسبة حقيقية.
أمام ما سبق نكتشف أن أحزابنا السياسية تسعى لكسب الشرعية الشعبية عبر الفوز الساحق في الانتخابات لتقوية مواقفها محليا ودوليا وهذا أمر طبيعي أن يحصل الحزب الفائز على أكبر قدر من الأصوات, لكن لا أحد يضمن ضربات النظام الانتخابي القاسمة والقاصمة, ويبقى طوق النجاة في بناء الشركاء وفق نظام انتخابي يتم الاتفاق على سنه ويشارك في وضعه كل فئات المجتمع ويلبي الرغبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية, ويشمل ذلك نظام  الانتخابات المحلية وتخفيض نسبة الحسم لتصل إلى 1.5%  في هذه المرحلة من قضيتنا الفلسطينية بحيث يفترض أن الفائز في هذه الانتخابات هو القادر على الشراكة والتآلف والائتلاف وبناء التحالفات من أجل تشكيل الحكومة أو المجالس المحلية.