القاصرون ضحية ظاهرة بيع التبغ بالسيجارة والمعروفة "بالنفل"

القاصرون ضحية ظاهرة بيع التبغ بالسيجارة والمعروفة "بالنفل"
خاص لدنيا الوطن- رائد أبو بكر
في ساعات الصباح وقبل دخول الطلبة الى مدارسهم، ترى العشرات منهم يحملون بين اصابعهم السجائر التي اشتعلت ينفثون دخانها وعند خروجهم من المدارس ترى ذات المشهد، أطفال قاصرون لم يتجاوزوا السن القانوني يحملون بضع سجائر في حقائبهم، ومنهم من يستغل "الفرصة" ليذهب الى المراحيض في حرم المدرسة ليدخن ما استطاع من الدخان قبل التوجه الى الصفوف.

دنيا الوطن استجوبت أحد الطلبة في الصف الثامن عن مصدر شرائه السجائر أشار الينا الى كشك صغير قريب من مدرسته يبتاع 3 سجائر بشيكل واحد، بينما مصروفه الشخصي للطالب لا يتجاوز الثلاثة شواكل في بعض الأحيان وأحيانا أخرى يصل مصروفه الى خمسة شواكل جراء توفيره المصروف لشراء علبة سجائر شامية بأربعة شواكل ليوفر عليه مشوار التوجه الى الكشك بعد خروجه من المدرسة.

وجهنا سؤالنا للطالب عن سبب تدخينه السجائر أجاب بكل اختصار "زينة الشاب سيجارته"، واستعرض لنا كيف تعلم التدخين من خلال رفاق السوء، مشيرا الى ان عائلته يدخنون فلماذا لا يدخن، ومعربا عن اعجابه بشخصية أحد اشقائه وأصبح يقلده بكل الأمور حتى بالتدخين.

دخان النفل للفقراء وأكثر زبائنه الاطفال

أشار أحد المواطنين خلال استجوابي للطالب المدخن قال " ان الاكشاك والدكاكين تبيع السجائر بالنفل للفقراء الذين لا يستطيعون شراء علبة سجائر والتي يصل سعرها ما بين 20 الى 27 شيكل، وضحية ظاهرة بيع الدخان بالنفل هم القاصرون"، مشيرا الى ان العديد من الأطفال يشترون الدخان العربي او الدخان الشامي والتي تصل العلبة الواحدة ذات العشرين سيجارة الى 4 شواكل او خمسة وبذلك يستسهلون شراء هذا النوع من الدخان.

ما هو الدخان النفل؟

والدخان النفل هو ما يباع بالسيجارة والسيجارتين بدلا من بيع العلبة كاملة والتي تحتوي على عشرين سيجارة، ويتفاوت سعر السيجارة حسب ثمن العلبة ان كانت مستوردة او محلية او شعبية كالدخان العربي او الشامي.

مراسل دنيا الوطن وجه سؤالا الى صاحب احد الاكشاك الذين يبيعون الدخان بالنفل عن سببه بيعه للقاصرين أجاب "اذا الطفل ما ربته عيلته انا بدي اربيه وليش امنعه مادام والديه غافلين عنه"، واستفسرنا عن ضرورة وجود دور له في ارشاد هؤلاء الأطفال قال "انا فاتح المحل لأكسب قوت يومي وليس جمعية لحماية الأطفال، فمن يريد الشراء ابيعه وعلى اهله منعه ومراقبته وتربيته"، موضحا ان بيع الدخان بالنفل اكثر ربحا من بيعه علبة كاملة، مشيرا الى ان العلبة الواحدة تربح ما بين نصف شيكل الى شيكل ونصف بينما بيع الدخان بالسجائر فالربح اكثر يصل الى سبعة شواكل في العلبة الواحدة.

أبو سامر احد المواطنين الذي يحاربون ظاهرة الدخان بالنفل قال لدنيا الوطن، انه كثيرا ما تشاجر مع أصحاب الاكشاك الذين يستغلون طفولة هؤلاء من اجل الربح، مشيرا الى ان الكثير من الأهالي والمواطنين يستهين بظاهرة تدخين الأطفال دون سن الثامنة عشرة، والتي انتشرت بشكل كبير جدا في مجتمعنا الفلسطيني بين الأطفال بشكل عام وطلبة المدارس بشكل خاص، لتصبح هذه الظاهرة هي الأخطر في عالم المراهقين دون أي وعي لأسبابها ونتائجها، مبينا ان ظاهرة بيع الدخان بالنفل لم تكن موجودة منذ سنوات طويلة لكن بعد ارتفاع أسعار السجائر دفع الكثير من البائعين لبيعه بواقع سيجارة او سيجارتين ما سهل وصولها للأطفال.

انشراح أبو عيد احدى أعضاء لجنة أولياء الأمور في مدارس جنين أعربت عن قلقها لظاهرة بيع السجائر بالنفل، مؤكدة ان الظاهرة في ازدياد مادام بائعو الاكشاك يسهلون الأمور امام القاصرين وبأسعار زهيدة، مشيرة الى ان من اهم الأسباب التي تشجع الأطفال على التدخين هو غياب رقابة الاسرة المسؤولة أولا وأخيرا، بالإضافة الى عدم تنفيذ القانون سواء في المدارس او الأماكن العامة، موضحة ان التجار لهم دور كبير أيضا في المساهمة بنشر هذه العادة السيئة اذ ان الكثير منهم يخترقون القانون ويبيعون التبغ للأطفال بأسعار منخفضة وفي متناولهم اذ ان سعرها يقل عن مصروفه اليومي ويمكنه الشراء.

وبينت ان الدخان العربي الموزع في الأسواق الفلسطينية دفع الطفل الى شراء علبة منه لرخص ثمنه الذي لا يتجاوز ال 5 شواكل، مشيرة الى ان المسؤول الثاني عن القاصرين المدرسة والمعلم، موضحة ان هناك قانون يمنع تدخين المعلم داخل حرم المدرسة كي لا يقلده الطلبة، الا ان هذا القانون لا يطبقه الكثير من المعلمين في المدارس إضافة الى منع التدخين في الأماكن العامة والتي يتجاوز القانون فيها معظم المدخنين على الرغم من وضع لافتات تحذر التدخين.

المدارس مضبوطة وهناك قانون يردع

رئيس قسم الصحة المدرسية في مديرية التربية والتعليم في جنين الأستاذة خيرية حرز الله اكدت على عدم تسجيل أي مخالفة لأي معلم قام بالتدخين داخل الصفوف او في حرم المدرسة، مشيرة الى ان الجميع ملتزم بالقانون، ومفروض على الطالب وعلى المعلم أيضا، مؤكدة ان المدرسة مسؤوله عن الطالب مادام متواجد في حرم المدرسة لكن خارجها لا سلطة لنا عليه، وأشارت الى ان المقاصف في المدارس مراقبة ومضبوطة وتمنعها بشكل تام بيع السجائر سواء للطلبة او المعلمين ومن يتم ضبطه تفرض عليه العقوبات حسب القانون، موضحة ان الطالب يبتاع التبغ من الاكشاك والمحلات القريبة من المدارس ليس لوزارة التربية والتعليم أي سلطة عليها ومنعها من بيع السجائر، وهذه مسؤولية الجهات المختصة بذلك.

وحول العقوبات المفروضة على الطالب الذي يضبط وهو يدخن قالت حرز الله، في كل مدرسة هناك انضباط مدرسي وهو لجنة نظام مكون من معلمين يرأسها مدير المدرسة، فكل مخالفة يرتكبها الطالب له عقوبة، ويتم مصادرة علبة التبغ واتلافها امام الطلبة وإبلاغ ولي الأمر، واذا تكررت المخالفة يعطى انذار ويبلغ ولي الامر مرة أخرى، وان تكررت عدة مرات يتم نقل الطالب المخالف الى مدرسة خارج تجمعه السكاني، بينما المعلم الذي يتم ضبطه وهو يدخن امام الطلبة فعقابه لفت نظر بالإضافة الى عقوبات أخرى حسب سياسة وزارة التربية والتعليم العالي.

وأكدت حرز الله ان الوزارة تعمل دائما على محاربة ظاهرة التدخين منها تعميم على كل المدارس وبشكل سنوي بأنه يمنع منعا باتا التدخين امام الطلبة او ادخال أي نوع من التبغ الى المقاصف المدرسية، بالإضافة الى اطلاق مبادرات تربوية يشارك فيها موظفو الصحة المدرسية، وتنظيم ندوات تثقيفية، وشددت على ضرورة تنفيذ القانون وفرض العقوبات على أصحاب المحلات التجارية التي تبيع التبغ للقاصرين، مؤكدة على ان كل المدارس مضبوطة لان هناك قانون رادع، بينما الاكشاك والمحلات التجارية لا رقابة عليها ولا قانون يفرض عليها، وبالتالي المطلوب تنفيذ قانون يجرم صاحب المحل التجاري.

ماذا يقول القانون؟

وفقا لأحكام قانون مكافحة التدخين رقم 25 لسنة 2005 ان بيع سجائر التبغ وتوزيعه للأطفال جريمة يعاقب عليها القانون، وكل من يقوم ببيع او توزيع او عرض او الإعلان عن التبغ للأشخاص المذكورين يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة او بغرامة مالية لا تقل عن 200 دينار أردني ولا تزيد عن 1000 دينار أردني او بإحدى هاتين العقوبتين.

وحسب مصدر من النيابة العامة قال ان هذا القانون مطبق في دولة فلسطين، وهناك حالات تم ضبطها وتنفيذ القانون حسب ما هو مشرع، كما انه يحظر لجميع الأشخاص سواء كانوا قاصرين او فوق السن القانوني تدخين أي نوع من أنواع التبغ في الأماكن العامة كالمستشفيات ووسائل النقل العامة، وفي حال تم ضبط المخالفين يتم تنظيم محضر بحث وتحري، وجمع استدلالات، وتنظيم محاضر الضبط وتقارير التفتيش اللازمة لإثبات الحالة، والكشف عن مرتكبيها وتقديمهم فيما بعد الى النيابة العامة، لاتخاذ المقتضى القانوني بحقهم، واحالتهم الى المحكمة، وفرض العقوبة عليهم.

وأشار، الى ان الجهة المخولة للرقابة ومنع انتشار الظاهرة هم الموظفين الممنوحين صفة الضبط القضائي التابعين لجهات انفاذ القانون في وزارة الصحة والاقتصاد الوطني، مؤكدا على ان العائلة هي من تتحمل المسؤولية وهي اللبنة الأساسية، ومن ثم المدرسة، والجهات المختصة، وجهات انفاذ القانون، ومراكز رعاية الطفولة.

لم تردنا شكاوى وعلى الجميع معرفة القانون

من جهته قال مدير حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني مكتب جنين الدكتور خليل العارضة، دورنا تطبيق القوانين والتعليمات التي توفر الحماية للمستهلك الفلسطيني من حيث المبدأ، ومن حيث مسألة بيع التبغ هي جريمة بقانون الصحة العامة بحيث يمنع بيع هذه السلعة للقاصرين، وحول مدى رقابتهم على التجار الذين يبيعون التبغ للقاصرين أشار العارضة لم نعمل في هذا الموضوع لعدم ورود شكاوى من المواطنين لان السلعة غير ممنوعه، ولكن لديها اشتراطات لبيعها ولم يكن هناك شكاوى ضد المخالفين الذين يبيعون التبغ للقاصرين.

وأضاف، في حال ورود شكوى حول هذا الموضوع نأخذها على محمل الجد وتحويلها الى النيابة العامة التي تحولها الى المحكمة لاتخاذ المقتضى القانوني بحق المخالف اصولا، مشيرا ان المجتمع يتحمل المسؤولية في انتشار ظاهرة بيع التبغ للقاصرين لعدم معرفتهم بالقانون الذي يجرمه وبالعقوبات المفروضة على المخالف.

احصائيات

في اخر دراسة أجرتها وزارة الصحة عن نسبة التدخين في فلسطين فقد بلغت 22.5% وبالتناسب فان نسبة المدخنين في الضفة الغربية 26.9% وهي اعلى منها في القطاع حيث بلغت النسبة في القطاع 14.5%، واعلى نسبة للمدخنين على مستوى المحافظات هي جنين حيث وصلت النسبة الى 32.3%.

وعن مقارنة التدخين بين البالغين والقاصرين فان الانسان في عمر ال 14 – 15 عاما في طور بناء جسمه وبسبب التدخين تدخل مواد سامة ومغشوشة الى جسمه وفي حين تم ادخال هذه المواد بعد اكتمال النمو فان الضرر اقل، وعن اضراره الصحية للأطفال المدخنين فانهم يتعرضون للعديد من الامراض في سن مبكر منها السرطان والتهاب القصبات الهوائية وضعف في الجسد وانخفاض في القوة الجسدية عند وصوله الى سن 30-40 عاما.