نص كلمة الأمين العام اسماعيل عبد الله في افتتاح الدورة التاسعة لمهرجان المسرح العربي

رام الله - دنيا الوطن
وزير الثقافة الشاعر الأستاذ عز الدين ميهوبي. سعادة والي ولاية وهران عبد الغاني زعلان. سعادة والي ولاية مستغانم عبد الوحيد تمار. سعادة المدير العام للديوان الوطني للثقافة و الإعلام لخضر بن تركي. أصحاب المعالي و السعادة و العطوفة الحاضرين. السادة الزملاء أعضاء مجلس الأمناء في الهيئة العربية للمسرح. أيها الزملاء المسرحيون يا خلاصة العصر ونبضه. السيدات و السادة. اليوم هو العاشر من يناير ، يومكم ، اليوم العربي للمسرح، كل عام و أنتم بخير ليكون المسرح بخير، كل عام و المسرح بخير لتكون الدنيا بخير. مساؤكم مسرح وإبداع، مساؤكم حرية. إنها رجفة قلب المحب إذ يلتقي الأحباب، و هنا قد اجتمع للقلب ما لا يجتمع من البهاء التام إلا بحضوركم. إنها لهفة النفس و التوقُ و الشوق، إذ يعلو موج الانتظارات بإطلالاتكم. يشرفني بداية أن أتوجه بالشكر باسمي و باسم المسرحيين الذين يقفون على أرض الجزائر اليوم ليرسموا حلمهم، و تصدح أصواتهم بنشيد الحرية، أن أرفع لمقام فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أسمى آيات الشكر لتفضله برعاية الدورة التاسعة من مهرجان المسرح العربي _دورة عز الدين مجوبي)، الأمر الذي يؤشر إلى وعي كبير بدور المسرح في التنمية المجتمعية، و دوره في ترقية الفعل الثقافي و الإبداعي، بدوره في التغيير،. كما يشرفني أن أنقل لكم التحية الشخصية من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح، الذي تابع و يتابع كل التحضيرات، يتابع ما سوف تنثرون على الدنيا من عبير رؤاكم و نبيل عرقكم، و يشد على أياديكم لأنكم معلمو كل عصر و أوان. كما أتوقف لأزجي التحية العالية لواليي ولايتي و هران و مستغانم، لهذين النموذجين الذين رسما صورة ناصعة لمعنى أن تكون والياً، مهموماً بحلم التقدم، مترعاً بالأمل و ممتلكاً للأرادة، إذ جعلا هاتين المدينتين الغاليتين مثل عينين، حاضنتين لمرور ركب البهاء و الأنوار المسرحية في ربوعهما، وقد وفرا كل ما يليق بمدن أنجبت كل الأسماء التي غدت علامات في دروب المسرح العربي. أما الشريك الوفي العفي المتمثل بالديوان الوطني للثقافة و الإعلام ممثلاً بالاستاذ لخضر بن تركي و فريق عمله، فهؤلاء قصيدة أخرى من الجدية و الانتماء، جعلت هذه الدورة تتسع لتصل فعالياتها إلى حوالي مائتي فعالية، تشمل مسارات التنافس و التدريب و التكريم و النقد و البحث و التحكيم. أما انتم يا صنع هذا الحدث من المسرحيين، لا بد لي أن أقف محيياً وجودكم هنا، أنتم الذين ركبتم صهوات الحياة و وفدتم من كل فج بعيد، و طويتم بالمحبة المسافات، حاملين شهد إبداعكم، لتضعوه سائغاً مغلفاً بالحب للمسرح العربي و الجزائر، فهذه ساحكم، و هذا بلدكم و هذه مسارحكم، فمن مثلكم اليوم و أنتم تدرأون الظلام بنور الجمال؟ من مثلكم و أنتم ترفعون رايات الحب في وجه عواصف الكراهية التي تجتاح العالم؟ من مثلكم بكل هذا الإقدام في غناء المحبة بينما تعلو لغة الغلو و التطرف و الجنون؟ من مثلكم و أنتم تحجون إلى وطن يكبر بكم و تكبرون فيه. من أين أدخل في الوطن؟ سألها الشاعر، و أنا اقول أدخلوا الأوطان من مسارحها، تفتح لكم أبوابها، و يهب نسيم أرواح مبدعيها يضيء المكان و يعطر الزمان بزكي خطاهم، و نبيل رؤاهم، أدخلوها بسلام آمنين، كأنها كتبت على عتبات بيوتها و مطارحها و مسارحها، كان أكف أهلها نسجت من حروفها سلاماً و أمناً. هي الجزائر إذ تدخلها من مسارحها، تستقبلك كوكبة الذين أمتشقوا يراعها و خشباتها، الذين تمنطقوا باسمها، و تلفحوا برايتها و رأيها، يستقبلك محيي الدين بشطارزي، و ولد عبد الرحمن كاكي، مصطفى كاتب، عبد القادر علولة، عز الدين مجوبي، امحمد بن قطاف، كاتب ياسين و آسيا جبار، إنه وطن كتبه الطاهر وطار، محمد ديب، مالك بن نبي، مولود فرعون، أحمد رضا حوحو، مولود معمري، طاهر جاووت و مالك حداد، تراهم في صفحات الشوارع، و جنبات القاعات، وعلى سنام المنصات، تراهم خطاباً معلنا في الحياة، و ملامح تذوب في التقاء الأرضين بالسموات، تجدهم في نشيد الحياة المضمخ بالنجيع المِسْكَوِيِ لمليونِ و نصف من الشهداء، مضوا من أجل أن يعيش الوطن وطنا نقول فيه ما قال الشاعر مفدي زكريا في الإلياذة الجزائرية : شغلنا الورَى ، و ملأنا الدنا بشعر نرتله كالصٌـلاة تسابيحه من حنايا الجزائر جزائر يا بدعة الفاطــر و يا روعة الصانع القـادر. اليوم تتم الهيئة العربية العقد الأول من عمرها، هنا على أرض الجزائر، و تنطلق معكم و بمعيتكم إلى ذرى جديدة من العطاء، متوجة ذلك بتكريم كوكبة من فناني الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، تلك الفرقة التي أسسها المبدع الكبير مصطفى كاتب عام 1958، لتكون رسول الفن يجوب العالم مدافعاً عن حق الجزائر بالحرية، لتقدم أنموذجاً ساطعاً ناصعاً لدور الفنان في القضايا الوطنية، نكرم من تبقى من الأحياء من هذه الفرقة، لنكرم من خلالهم الدور العظيم الذي لعبته و الأنموذج الذي قدمته. و لإن كانت الدورة قد حملت اسم شهيد للمسرح هو عز الدين مجوبي، و تعقد في مدينة شهيد آخر هو علولة، فلا غرو أن العقد قد اكتمل بكم، فهل من نضال أهم من أن يجترح الفنان حالة إبداعية وسط كل هذا الجنون، فهلموا إن الأيام لكم، و المسارحَ و المطارحَ لكم، و المجدَ لكم، و القبضَ على اللحظة الهاربة من العمر هو قبض أكفكم؛ أشعلوا نار المسرح المقدسة، و تطهروا و طهروا هذا البدن من أدران التخلف و الكراهية و نفي الآخر و أكل الذات بالذات، هلموا فالشخصيات التي سطرتموها في نصوصكم، و أحييتموها على خشباتكم، لها ما تقول و لديها ما تعمل، فلترفع الستائر، و تتقد الأرواح، و ليعلو النشيد الأزلي ليبقى السيد النبيل سيداً أبداً، فنحن كما قال صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي (نحن كبشر زائلون، و يبقى المسرح ما بقيت الحياة) أيها السيد النبيل المسرح، ها هم أبطالك، صانعوا مجدك، يخطرون في جنباتك، يخطون بمداد أرواحهم سفر خلودهم المستمد من خلودك، و ها نحن من أرض الجزائر.. قد عقدنا أن تحيا عزيزاً كما تحيا الجزائر.. فأشهدوا.