حنا: نرفض عقوبة الاعدام لأسباب أخلاقية إيمانية وإنسانية ونتمنى ان تكون منطقتنا خالية من هذه العقوبة

رام الله - دنيا الوطن
قال سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس صباح اليوم بأننا نرفض رفضا قاطعا تنفيذ عقوبة الاعدام في بلادنا وفي منطقتنا وفي اي مكان في هذا العالم .

هذا هو الموقف الرسمي للكنيسة وهذا هو موقفنا الشخصي ولاعتبارات اخلاقية ايمانية وروحية وانسانية .

ان الذي منحنا واسبغ علينا بنعمة الحياة هو الله بارينا وخالقنا ، وهو صاحب الحق ان يأخذ ما اعطانا اياه في الوقت الذي يريد ، فلا يحق لاحد ولاية جهة ان تتخذ قرارا باعدام اي انسان لان هذا هو تعدي على الارادة الالهية ، فالله هو الذي خلقنا وهو الذي يأخذنا من هذا العالم في الوقت الذي يريد ، ولا يحق لاي جهة ان تنصب نفسها مكان الله لكي توقف حياة اي انسان مهما كانت الذرائع والمسببات .

نتمنى ان نصل الى مرحلة تكون فيها منطقتنا العربية خالية من عقوبة الاعدام ولكن يبدو ان هذا المطلب غير قابل للتطبيق ولاسباب متنوعة ومختلفة .

لقد ذهلنا لدى سماعنا عن تطبيق عقوبة الاعدام بحق ثلاثة شباب في احدى الدول الخليجية ونعتقد بأن تطبيق هذه العقوبة مهما كانت المسببات لن يؤدي الى انهاء الانقسامات والتصدعات والاشكاليات ، فالاعدام لن يحل المشكلة وانما الحوار والتفاهم والتلاقي وايجاد حلول منصفة وعادلة بعيدا عن الروح الانتقامية التي تصب الزيت على النار ولا تحل اية اشكالية .

كما اننا نرفض تطبيق عقوبة الاعدام في اي بلد اخر ، وفي اي مكان وخاصة في فلسطين الارض المقدسة التي من المفترض ان تكون نموذجا في الرقي الانساني والحضاري والروحي، فنحن شعب رازح تحت الاحتلال ويجب ان نقدم للعالم صورة حقيقية عن حضارة ورقي وثقافة شعبنا الفلسطيني الذي يناضل من اجل الحرية والكرامة واستعادة الحقوق .

نتمنى ان يصل صوتنا الى حيثما يجب ان يصل ، فعقوبة الاعدام مرفوضة من قبلنا جملة وتفصيلا ، وهنالك وسائل اخرى للعقاب اكثر نجاعة بهدف ردع اولئك الذين يتطاولون على القوانين ويقومون بممارسات وافعال غير مقبولة .

نتمنى ان نصل في منطقتنا العربية الى مرحلة نتخلى فيها عن عقوبة الاعدام وان يتم استعمال وسائل عقابية رادعة اخرى التي قد تكون نتائجها اكثر انسانية وحاملة للبعد الاخلاقي والثقافي والانساني والروحي .

اعرف ان البعض يختلفون معي في هذا الموقف ولكن يجب ان نستمع الى بعضنا البعض ويجب ان نتحلى بالتواضع والحكمة لكي نستمع الى الاراء المخالفة حتى وان كانت لا تنسجم مع افكار البعض وثقافاتهم وميولهم .

لن تقوم لهذا المشرق العربي قائمة اذا لم نتخلى عن ثقافة العنف والانتقام والكراهية والتعصب، لن تقوم لهذا المشرق العربي قائمة اذا لم نعد الى قيمنا الاخلاقية والانسانية والتي في مقدمتها احترام الانسان وكرامته وحريته وحقه في الحياة .

عندما سألوا السيد المسيح عن عقاب الزانية قال لهم : " من منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر " ، ونحن مجتمع مليء بالمظاهر السلبية التي يجب ان تعالج بمشاريع تربوية تعليمية تثقيفية ، نحن مجتمع عربي فيه الكثير من الاشكاليات والتحديات وكل هذا يجب ان يعالج من خلال اعطاء اهمية اكبر لحقل التربية والتعليم وتكريس القيم والمبادىء الاخلاقية والانسانية ، نحن بحاجة الى اهتمام اكبر بمناهجنا التعليمية ومدارسنا وجامعاتنا ، العالم العربي بحاجة الى نهضة فكرية ثقافية انسانية واخلاقية .

ضعوا عقوبة الاعدام جانبا وفكروا بالانسان ودافعوا عن حقوقه وحريته وكرامته .

نحن نطمح الى شرق اوسط جديد خال من العنف والارهاب وثقافة الموت والانتقام ، ونتمنى من كل انسان مثقف وعاقل ان يساهم في النهوض بأمتنا وشعوبنا ومشرقنا العربي .

رسالة القدس هي رسالة السلام والمحبة والاخوة ولكنها ايضا هي رسالة الصمود والثبات في هذه الارض .

وقد جاءت كلمات سيادة المطران هذه صباح اليوم في برنامج اذاعي حول الموقف من تطبيق عقوبة الاعدام .