مؤسسة القدس الدولية تصدر تقرير حال القدس (4) 2016

رام الله - دنيا الوطن
تنفيذ مزيد من الاقتحامات. وشارك في المؤتمر رئيس "الكنيست" و3 وزراء من بينهم وزير الأمن جلعاد أردان الذي قال إنّ "حق اليهود في جبل المعبد غير قابل للمساومة"، وأضاف أن "الوضع القائم -وإن كان ظالمًا للشعب اليهودي- إلا أن الشرطة أو أي عضو في الكنيست لا يمكنه تغييره، والقيادة السياسية وحدها هي من يمكنها التغيير"، وأكّد أردان أنّ "الوضع في الأقصى تحسن في الأشهر الأخيرة"، وهو "سعيد لأنّ المزيد من اليهود يزورون المكان". 

ومع استمرار الاحتلال في الاعتداء على موظفي دائرة الأوقاف عبر منعهم من دخول الأقصى وإبعادهم عنه صعّدت الشرطة وتيرة استهدافها لدور الأوقاف فأبلغتها بقرار زيادة الوقت المخصص لاقتحامات المستوطنين بـ 45 دقيقة يوميًا، وتم تنفيذ القرار على الرغم من رفضه من قبل الأوقاف. ويؤكّد هذا الإجراء إصرار الاحتلال على عدم الاستجابة لأي دعوة إلى الرجوع إلى الوضع القائم التاريخي، واستمرارها في سياسة فرض الحقائق على الأرض.

وبالحديث عن فرض الحقائق على الأرض، شهدت مدة الرصد استمرار سياسات الاحتلال في هدم منازل المقدسيين ودفعهم للسكن خارج القدس، وللبناء الاستيطاني الكبير حول المدينة المحتلة، ومحاولة تشريع المستوطنات وتحويلها لمناطق تطبق عليها القوانين الإسرائيليّة، وصولًا لوضع يد الاحتلال ومستوطنيه على مبانٍ في البلدة القديمة لإنشاء بؤر استيطانية فيها. ومثلما تحولت المستوطنات لمناطق عازلة تصعِّب على الفلسطينيين التنقل والعمل والسكن، أصبحت البؤر الاستيطانية في البلدة القديمة تشكل خطرًا داهمًا على السكان في القدس وعلى المقدسات على حدٍّ سواء. 

وضمن المسعى الدؤوب للاحتلال من أجل طمس المظاهر الإسلامية في القدس والأراضي المحتلة عام 1948، تستمر محاولات تمرير قانون يقضي بمنع بث الأذان في المساجد عبر مكبرات الصوت. فقد تقدم عضو "الكنيست" مردخاي يوغيف من حزب "البيت اليهودي" بمشروع قانون لمنع بث الأذان بذريعة أن "الآلاف من المواطنين في أجزاء من إسرائيل يعانون بشكل يومي من الضجيج الذي يسببه الأذان من المساجد". وعلى الرغم من أن القانون القديم-الجديد لم يمر بسبب اعتراضات إسرائيلية إلا أنّ ذلك لا يعني أن محاولات تمريره ستتوقف حيث إنّه يحوز تأييدًا من جهات مختلفة في حين أن نتنياهو يدعمه بشدة ويحرص على أن يشمل منع بث الأذان مطلقًا وليس فقط في أوقات محددة. 

وفي سياق متصل بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، يبدو أن تصريحات الرئيس الأمريكي خلال حملته الانتخابية بنقل السفارة الأمريكية من "تل أبيب" إلى القدس، لم تعد وعودًا فقط، بل أصبحت أقرب للتنفيذ مع اقتراب استلامه لمهامه الرئاسية بشكل رسمي في 20/1/2017. فإلى جانب تصريحات فريقه الرئاسي، قام ترمب بتعيين أحد المحامين المقربين منه ديفيد فريدمان سفيرًا للولايات المتحدة في دولة الاحتلال، وهي خطوة لاقت ترحيبًا كبيرًا من مسؤولي الاحتلال. 

وتبنّى مجلس الأمن القرار 2334 الذي يدين الاستيطان في الضفة الغربية، بما فيها القدس، وذلك بموافقة 14 عضوًا وامتناع الولايات المتحدة عن التّصويت؛ وهذا القرار هو الأوّل لمجلس الأمن الذي يتضمن إدانة صارمة لسياسة الحكومة الإسرائيلية حيال الاستيطان منذ القرار 465 الصادر عام 1980. وعلى الرغم من أن القرار يدين الاستيطان ويدعو دولة الاحتلال إلى التوقف عن النشاط الاستيطاني –وهو أمر مطلوب- إلا أنه لا يقترن بأي عقوبات ولا يتضمن آلية لتنفيذه. وعلاوة على ذلك فهو يساوي بين المعتدي والمعتدى عليه فقد عدّ أعمال المقاومة أعمالاً إرهابية حيث دان كل أعمال العنف ضد المدنيين مستذكرًا التزام السلطة الفلسطينية بموجب خارطة الطريق التي وضعتها الرباعية الدولية بتنفيذ عمليات فاعلة بهدف مواجهة كل المنخرطين بالإرهاب، وتفكيك القدرات الإرهابية. هذا "التوازن" في القرار لا يستند بطبيعة الحال إلى أسس صحيحة فمقاومة الاحتلال حق مكرس بالقانون الدولي، ووصم المقاومة بالإرهاب وأعمال العنف لا يغير من حقيقتها أو شرعيتها.