خان التجار أو سوق السلطان في نابلس نموذج مصغر عن سوق الحميدية في دمشق

خان التجار أو سوق السلطان في نابلس نموذج مصغر عن سوق الحميدية في دمشق
خاص دنيا الوطن- عزيزة ظاهر
في البلدة القديمة في مدينة نابلس تتمثل الحضارات الماضية التي مرت بها المدينة بكل تفاصيلها في سوق خان التجار، الذي يشبه الأسواق الدمشقية بأقواسه وأشكال محاله، و يعد أحد أهم الأسواق في نابلس ولا يزال يحافظ على طرازه المعماري العثماني.

وحسب المؤرخ النابلسي عبد الله كلبونة، فقد شيده الوزير التركي لالا مصطفى باشا في القرن العاشر الهجري السادس عشر الميلادي، ( 1563 – 1569) على غرار سوق الحميدية الشهير في دمشق، وله طابع خاص وطراز خاص به، رمم وجدد سنة 1690، وفي عام 1927 تعرض الخان إلى التدمير بفعل الزلزال الذي اجتاح المنطقة في تلك السنة، وقد تم ترميمه من الداخل، وعام 1987 أعيد ترميمه مرة أخرى.

وخلال الانتفاضتين الأولى والثانية تعرض للتدمير بفعل الاجتياحات الإسرائيلية وقد تم ترميمه بشكل يحافظ على أصالته وطرازه المعماري، وهو عبارة عن سوق طويل، محاله متلاصقة ويتميز بناؤه بأن أسقفه متعددة الأقواس يوجد في وسط كل قوس فتحة مربعة تعمل على إنارة الطريق للمارة من خلال أشعة الشمس المتسربة، ويوجد في جانبي الأسقف نوافذ جانبية أخرى تعمل لنفس الهدف.
وأشار كلبونة إلى وجود عدة عيون مياه في شارع الخان منها عين الصلاحي وعين عايش، وعين السكر وعين السقاية.

السوق العتم

الحاج أبو خالد من بلدة بلاطة شرق نابلس (70 عاماً) يجلس على كرسي خشبي يوحي بقدم المكان في محله الصغير لبيع الألبسة التراثية اللازمة لكبار السن، يتحدث لـ "دنيا الوطن" عن سوق الخان: "كنا نسميه قديماً بالسوق العتم لأنه مغلق من الجهتين وسقفه لا يعطي الإضاءة اللازمة للمتسوقين، فهو معتم ليس كبقية الأسواق المفتوحة، وكان يباع في الخان قديماً الأقمشة باهظة الثمن ونادرة الوجود، مثل الكتان المقلم.

ويتابع السبعيني أبو خالد "كان كبار تجار نابلس يحتكرون السوق، ويمنعون الفلاحين من امتلاك محلات في الخان، حتى عام النكبة أي 1948 انتهى احتكار التجار له وأصبح بمقدور الفلاحين امتلاك محلات بالخان، ومنهم جدي الذي قام بفتح هذا المحل لبيع الملابس والأقمشة ومن ثم استلمه والدي وقد ورثته أنا من بعده.

السوق المسقوفة

ويروي الحاج إبرهيم العيسى صاحب محل عطارة توارثه عن أجداده لـ "دنيا الوطن" كنا نطلق على سوق الخان اسم السوق المسقوفة لأنها مسقوفة على طول 200 متر من الشرق إلى الغرب ومغلقة من كل الجهات، وكان للخان بوابتان شرقية وغربية، مفاتيحها صنعت في سوريا، وأقفالها مكونة من ثلاثة شناكل احتياطية، وكان هناك رجال من أهل البلدة القديمة مهمتهم فتح البوابتين في الصباح وإغلاقها في المساء مع العلم أن سكان البلدة القديمة وتحديداً منطقة الخان كان لديهم نسخ عن المفاتيح لاستخدامها إن اقتضت الحاجة لذلك".

سوق شعبي

أسعار السلع والملابس في سوق الخان مناسبة جداً لذوي الدخل المحدود، وفي متناول الجميع على حد قول المواطنة أم مازن التي تتجول في السوق لشراء مستلزمات أطفالها من كسوة الشتاء، وتضيف نفس الملابس التي تباع هنا تباع في أسواق أخرى بالمدينة وفي محال أخرى؛ لكن بأسعار مضاعفة فأسعار الملابس بالخان مناسبة جداً ومعقولة وتؤكد عشقها لأصالة المكان ورائحة الماضي التي تنبعث من أزقته وأروقته.