بالصور.. عندما تتحول آلة العزف من آلة طرب ورقص إلى آلة علاج وشفاء

بالصور.. عندما تتحول آلة العزف من آلة طرب ورقص إلى آلة علاج وشفاء
خاص دنيا الوطن- أمجد عرفات
بعودها الرنان وبإيقاعها الموسيقي الجليل، استطاعت أن تصنع الابتسامة أمام الوجوه العابسة بوجهها الجميل وبفنها الراقي والجذاب، فهي لا تمارس فنها فحسب، بل تقحم نفسها بأسراره، لتشكل بينها وبين الفن الموسيقي ترابطا أخوياً تصنع به من خلال معازفها بلسماً تداوي به آلاماً نفسية أحدثتها عدة متغيرات تركت أثرها على قلوب رقيقة.

تستخدم العازفة الفلسطينية ريم عنبر آلتها الموسيقية لعلاج المرض النفسي الذي تراكم على الإنسان جراء معايشته لأجواء الحرب، وخاصة النساء اللواتي تأذين نفسياً جراء تعرضهن لتحرش جنسي أو محاولات اغتصاب، أو المراهقين أصحاب التصرفات العشوائية والتي استطاعت آلتها أن تُهدئ من تصرفاتهم وتجلب لهم السكون والراحة النفسية بمجرد سماعهم للإيقاع الموسيقي المناسب لكل فئة، فالموسيقى ليست مجرد غناء ورقص بالنسبة لها، فلقد كانت إحدى أهم فروع الفلسفة منذ زمن طويل.

تستخدم عنبر آلة الجيتار أو البيانو لإتمام دورها في العمل، بالإضافة إلى آلة البزق التركية، حيث تعتبر العازفة الوحيدة في قطاع غزة التي تتقن العزف باستخدام هذه الآلة، وهي آلة عزف وترية خشبية تشبه العود، وكان العرب أول من أتقن العزف بها عن طريق الفنانين السوريين منذ زمن العباسين.

 وقد ازداد صيتها في القرن العشرين، وقد عرفها العرب قديماً باسم "الطنبور"، لتستطيع بذلك أن تقتدي بأساطير الفن الموسيقي الذين وظفوا فنهم فقط في أمور الفلسفة والعلاج النفسي والأنظمة اللاهوتية، مثل الموسيقار الألماني لودفيج فان بيتهوفن، وكذلك العازف السوري الشهير يعرب جبيل.

استطاعت عنبر أن تصدر موهبتها إلى خارج الوطن، لتمثل فنها الموسيقي في المدينة الإسبانية برشلونة، خلال مخيم صيفي طرحته مؤسسة (هولست) الدولية للثقافة والفنون، حيث شارك في ذلك المخيم ثلاثون دولة، استعرضت كل جالية منها شيء يعبر عن بلدها، حيث كانت فلسطين الدولة العربية الوحيدة المشاركة في المخيم، والتي عبرت عنها ريم بفن موسيقي يوحي بالثورة والنضال الفلسطيني.

كما شاركت في علاج المراهقين والأطفال خلال جولة لها في العاصمة البلجيكية بروكسل، بالإضافة إلى تعليمهم عدة فنون موسيقية بعدة مدارس في مختلف المدن البلجيكية، ضمن إطار التبادل الثقافي بين الشعوب والتي طرحتها منظمة (اليونسكو) فضلاً عن ذلك مشاركتها بمشروع حكواتي التي طرحتها مؤسسة (أيام المسرح) بناء على طلب (اليونسكو)، وقد شاركت ضمن هذا المشروع في المسرح القصبي برام الله، بعدما عجزت على تقديم هذا العرض في العاصمة الأردنية عمان وفي مصر بسبب إغلاق المعابر.

وقد أبدى الكثير إعجابه بالفن الذي تتقنه عنبر، حيث تم تكريمها بشهادة فخرية من منظمة (دودج) البلجيكية التي تعنى بالفنون الدرامية والموسيقية، كما تعاقدت معها على ذلك مؤسسة (معا) التنموية للعمل في المحافظات الوسطى بقطاع غزة على معالجة الضغوط النفسية ممن هم في سن المراهقة، بالإضافة لعملها ضمن مؤسسة (تامر) للتعليم المجتمعي والممولة من اليابان ومنظمة (اليونيسيف)، حيث عملت على رعاية الطفل من خلال فنها الموسيقي.

وتطمح عنبر أن تستكمل تعليمها في العلاج الموسيقى، بعدما حققت عملاً ملموساً بفنها بشهادة منظمات دولية، وخاصة (اليونيسيف) و(اليونسكو) التابعتان للأمم المتحدة، وبشكل خاص بعد أن خرَّجت أجيالاً موسيقية تتعدد مجالات عملها والتي أنجبها عودها الرنان، فمنهم من أخذ منها الفن الموسيقي الذي يعبر عن الحب والسلام، وآخرون أخذوا مجال اللحن الثوري، وكذلك مجال العلاج الموسيقي، بالإضافة إلى اللحن الذي يعبر عن الفرح والحرية والسعادة.