كتاب يدُل على وجود الله دون الاستشهاد بآية قرآنية

كتاب يدُل على وجود الله دون الاستشهاد بآية قرآنية
خاص دنيا الوطن- علاء الهجين
من المؤكد عندما يناظر علماء ورجال الدين بعض من الملحدين بمسألةِ وجود الله من عدمه، يتم الاستشهاد بالأدلة القرآنية والأحاديث النبوية، بسبب أنهما أقوى برهانين للاستناد عليهما، لإقناع الآخرين بوجوده.

لكن الشاب الغزي د.دياب الأعور خرج عن المألوف، وتمكن من تأليف كتاب "المنطق والنفس يدلان على وجود الله" يناقض فيه الإلحاد، حيث اعتمد في تأليفه على منطق علم الرياضيات الذي تعلمه من خلاله الإقناع بالبرهان، إضافة إلى استخدام العلم والعقل والمنطق والحواس في إثبات الأفكار الجديدة التي لا يختلف عليها أحد، دون اللجوء إلى أي أصل ديني.

يقول الأعور: "السبب الفعلي لتأليف الكتاب نتج بسبب اتصال أحد الأصدقاء بي في فترة إقامتي بمصر لإتمام الحصول على درجة الدكتوراه، وكان على وشك أن يُلحد، فصديقي أيضا موجود خارج الوطن في إحدى الدول الغربية لاستكمال درجة الدكتوراه وهو بالمناسبة يحفظ القران كاملا، فما كان منه إلا أن سألني أسئلة كثيرة عن وجود الله وعن الأسئلة التي يطرحها الملحدون، وأنه غير مقتنع بالردود التي يجيبها المؤمن على أسئلة الملحد".

ويضيف: "استمر الحديث بيني وبينه قرابة الأربع ساعات، أجبت على القليل مما سألني، وطلبتُ منه أن يُمهلني بعض الوقت لكي أبحت عن إجابات لما سألني عنه، فوجدتُ أن أغلب الحوارات مُنصبة على الكون وبدايته، والغريب أن أحداً منا لم يشهد الكون ولا منشأه، حتى ما يستدل به عن الكون، هو في نظر العلم قليل جدا وغير دقيق لأنه يعتمد على مقاييس غير دقيقة، فقلت لنفسي: هل من الممكن أن يكون بين أيدينا أدلة وإثباتات لا يمكن نكرانها موجودة في الإنسان القريب؟ فوجدت أن الإجابة هي نعم، يوجد هنالك أدلة وإثباتات لا يمكن نكرانها، والتي طرحت جزءاً منها في هذا الكتاب وسأطرح الباقي منها في أجزاءٍ أُخرى من هذا الكتاب".

وعن محتويات كتابه، يوضح الأعور أن الباب الأول طرح محورين أساسيين للحوار هما الإيمان وأسماء الأشياء، حيث ناقش في محور الإيمان فيما إذا كان أول إنسان ذكيا أم لا، مؤمنا أم لا، يوجد من العدم ما ليس موجود أم لا، ومن ثم أثبت من خلال المنطق أن الإنسان عُلِّمَ أسماء الأشياء، وكان هذا الفصل بعنوان: وجود الله.

ويتطرق: "ناقشت في الفرع الثالث من هذا الباب مسألة هل الإنسان يوجد من العدم ما ليس موجود؟ فالملحد يقول أن المؤمن هو من أوجد فكرة الله؛ فأي شيء أو فكرة في هذا الكون نعلم عنه شيء ما، إما لأنه موجود أو لأنه يعتمد على شيء موجود، ولا يوجد خيار آخر غير هذين الخيارين، وهنا أطرح ذلك التساؤل، ومن أين جاء المؤمن بهذه الفكرة؟ فالإنسان إما أن يستنسخ أو يُحاكي أو يُقلد أو يُطور أو يُدمج أو يُركب معتمداً على الموجودات المحيطة به، لكنه لا يستطيع إيجاد أو إنشاء أو بناء أي شيء من العدم".

ويواصل الحديث: "الإنسان المادي الذي يتعامل مع كون مادي وبيئة مادية محيطة به بشكل مباشر، ستكون مدخلاته إلى الدماغ المادي عن طريق الحواس المادية هي مدخلات مادية، وستتم معالجتها داخل خلايا الدماغ المادي بطريقة مادية، وهنا سأطرح سؤالاً ماذا ستكون مخرجات هذا الإنسان المادي ونواتجه الفكرية؟ الأصل أن تقول لي سيخرج لنا مخرجات مادية".

ويكمل: "عندها سأطرح تساؤلا جوهرياً من أين جاء الإيمان بوجود الله؟ حيث أن الإيمان غير مادي وغير مُدرك، وذلك لأن الإنسان المادي مهما بلغ لوحده في تفكيره وتفكره، فإنه لن يتجاوز حدود الكون المادي، ولن يصل إلى أبعد من ذلك، بالتالي لن تأتي فكرة الإيمان بوجود الله لتخطر على باله من الأساس، لأنه تأتيه الأفكار مما يحيط به من الموجودات المادية المحيطة به".

ويسرد: "أنا لا أتكلم عن الأفكار الغير مكتشفة الموجودة أو حتى الأفكار المكتشفة والاختراعات التي تعتمد على شيء موجود، فقد يأتي أحد ما ليقول بأن الإنسان قد اخترع وأوجد أفكاراً لم تكن موجودة من قبل، سأقول له عندها: لكنها تعتمد على أشياء موجودة من الأساس، لذا فهي في الحقيقة عبارة عن استنساخ أو محاكاة أو تقليد أو تطوير أو دمج أو تركيب معتمداً على الموجودات المحيطة به، لذلك لو أن الله لم يكن موجوداً، لما طرحنا مسألة وجوده من الأساس".

 ويتابع: "كثيرا ما نجد أن الملحد يقول بأن الله مجرد خرافة، لكن في الحقيقة حتى مفهوم الخرافة لم يفهمها الملحد، ولم يستوعب هذا المفهوم بجميع أجزائه".

ويضيف: "الخرافة هي الاعتقاد أو الفكرة القائمة على مجرد تخيلات دون وجود سبب عقلي أو منطقي مبني على العلم والمعرفة، لكن الملحد يجب أن يأخذ بعين الاعتبار أن مكونات الخرافة هي أشياء موجودة، ولكنها ركبت وجمعت مع بعضها بطريقة غير منطقية، فعلى سبيل المثال: عندما يقال أن العَنْقَاء هي طائر خيالي ورد ذِكره في الأساطير القديمة وله بعض الصفات المميزة، فإننا نفهم ونستخلص أنه تم الاعتماد في هذه الخرافة على شيء موجود ألا وهو الطائر، ثم بعد ذلك تم التعديل على هذا الشيء الموجود، أي أننا لم نتخيل من العدم، وقس على ذلك كل ما يقال بأنه خرافة".

 ويواصل: "نصل إلى ان الخرافة هي شيء موجود تم التعديل عليه، لذا فعندما يأتي الملحد ويقول أن الله غير موجود وأنه مجرد خرافة أوجدها الإنسان، فعندها يكون قد وقع في التناقض، لأنه إن قال بأن الله مجرد خرافة، فإنه يُسَلم بأنه موجود، ولو أنه قال بأنه غير موجود، عندها سأقول له أن أي شيء غير موجود لن يخطر على خاطر أي إنسان أصلاً".

وفي الباب الثاني من كتابه يوضح الأعور، أنه وضع بعض الأمثلة على التضليل أثناء الإثبات، والتي ينتهجها بعض البشر عن قصد أو غير قصد، لكنها بالتأكيد نتجت بسبب سوء فهمهم، و في الباب الثالث، ناقش الأسباب التي يتذرع ويتعلل بها الملحد ويَدَّعِي بأنه أصبح ملحداً بسببها؛ مثل: وجود الخير والشر، والقدرة المطلقة، والترغيب والترهيب، والخلق، وبعدها بَيَّنْ اللبس الذي وقع فيه، وذلك من خلال المنطق وعلم النفس.

ويشير إلى أن عدم الاستشهاد بأي نص ديني أثناء تأليف الكتاب هو من الصعوبات التي تواجه أي صاحب منطق وعقل، لكنه ليس مستحيلا؛ فالله في أكثر من موضع من القرآن يحاججنا بالعقل، فبالتأكيد بإمكاننا استخدام العقل والاستدلال على وجوده.

ويضيف: "استغرق مني الكتاب 8 أشهر لتبسيط الفكرة، مع أخذ عينة من البشر، وعرض الفكرة عليهم، دون وجود تعارض مع العقل البشري مع ما أقول، وعندما سيقول  لي البعض هذه عينة وغير شاملة لكل البشر، سأرد عليهم نعم صحيح، لكني أتحدى أي بشري يبحث عن الحقيقة أن يعارض ما أقول، أما من يريد الجدال فقط ستعلمون أنه ذو حجة خاوية".

ويتابع: "كتابي فيه دلالات واضحة على وجود الله وقد استخدمت أساليب المنطق في البرهان، منها المباشر وغير المباشر وحتى التناقض، ليس فقط في إثبات وجود الله، بل أيضا في الرد على الملحد في قضايا تتعلق بالخير والشر والقدرة المطلقة وغيرها، وتركت أفكار أخرى للإثبات في الأجزاء اللاحقة من هذا الكتاب".

ويسرد:" إذا لم تشرح أي فكرة ببساطة، فأنت لا تفهمها بما يكفي، وقمت في هذا الكتاب بشرح الفكرة ببساطة، ومستعد لأي حوار وأي توضيح لأي لبس لدى الملحد، مضيفاً، أن الإلحاد نتج بسبب سوء فهم لدى الملحد، للواقع أو سوء فهم للكلمات والمعاني، ولو لم يصارحني صديقي مبكرا، لكان الآن في عداد الملحدين، وأنا ألقي باللائمة على علماء المسلمين الذين يأخذون العلم دون تطبيقه وهم كثر: علماء الرياضيات والفيزياء والأحياء والكيمياء وغيرها من العلوم الأخرى".

التعليقات