عن الدراسة العالمية حول فجوات تطبيق القرار 1325

عن الدراسة العالمية حول فجوات تطبيق القرار 1325
ريما كتانة نزال

أصابت الدراسة العالمية المُكَلَّفة رصد فجوات وتحديات تطبيق القرار 1325، لدى وصف أعمالها بالمحاولة، فعلا إنها محاولة مهمة تستحق التقدير، تحديداً في مجال تطبيق القرارات الدولية ومنها 1325 والقرارات اللاحقة المتعلقة بأجندة الأمن والسلام، ومحاولات تحليل أسباب فشل المنظومة الحقوقية في حماية النساء من الصراع المسلح وآثاره؛ ابتداء وانتهاء بفلسطين، لأن التحليل يمتنع عن تحليل جذور الصراع وأسبابه. يُمْكن للدراسة، تصنيف جميع تجارب تطبيق القرارات الدولية حول العالم في خانة، القرارات السياسية والاجتماعية، إلا في فلسطين، لها خانة أُخرى وقوالب مختلفة.

لقد قدَّمت الدراسة العالمية الشاملة للمرأة العربية توصيات وتوجيهات شاملة وتقنية، كما نظرت في أدوار الأطراف الفاعلة على صعيد المراقبة والمساءلة، لصالح توجيهها إلى الأمم المتحدة والدول الأعضاء والمجتمع المدني والإعلام. الحق يُقال؛ الدراسة رغم نواقصها التحليلية، فرصة لمتابعة المتغيرات بأولوياتها الناشئة في مسار الصراع الجاري في المنطقة العربية، لأغراض تطوير خطط مشاركة النساء في صنع الاتفاقيات، لكن في فلسطين، ليس مقبولاً من الدراسة أن تقدم نفسها على هذا الأساس.

الدراسة قامت بتحليل أربعين عملية سلام حول العالم بعد انتهاء الحرب الباردة، بهدف التوصُّل إلى مخرجات أطلق عليها مسمى: نتائج الدراسة، كان من الأفضل تسميتها: النتائج الافتراضية، المسمى الأكثر موضوعية في المنطقة العربية من زاوية مشاركة المرأة في اتفاقيات السلام. أمَّا في فلسطين، فالأمر مختلف، لا تنطبق عليه معايير الدراسة والتحليل، لكون الصراع الدائر بسبب الاحتلال الإسرائيلي، ويتعلق كذلك بعدالة الفاعلين الدوليين. ومن حيث الجوهر، الصراع الدائر في المنطقة العربية على النظام السياسي والسلطة، بينما يدور الصراع في فلسطين على الوجود والأرض.

النتائج الافتراضية- الأوتوماتيكية للدراسة تشبه المعادلات الكيميائية: تعزيز فرص مشاركة النساء في وضع اتفاقيات السلام؛ يزيد من احتمالات ديمومة الاتفاقيات لمدة عامين بنسبة 20%، ومن احتمالات ديمومتها لمدة 15 عاماً بنسبة 35%. تدعي الدراسة: إنه في الحالات التي تتمكن المرأة من ممارسة تأثير قوي على عملية التفاوض، تكون هناك فرص أكبر للتوصل لاتفاقية مما لو مارست المجموعات النسائية تأثيراً ضعيفاً أو لم تمارس أي تأثير إطلاقاً.

لقد غيبت الدراسة أن المعادلة الكيميائية لا تنجح دون توفير عوامل أُخرى، توفر العدالة الدولية والإرادة والإلزام والبيئة الضامنة لحدوث التفاعل، وتوفر الرقابة لضمان ديمومة التفاعل وحدوث اللحظة المنتظرة بإحلال السلام. والأهم، تحقيق السلام ليس قضية نسوية، مشاركة المرأة ضرورية وهامة ومفصلية، لكن السلام لا يتحقق بمجرد مشاركة النساء ونوعية المشاركة، لأن الوصول إلى اتفاقيات السلام يتعلق بالمصالح السياسية وموازين القوى، وليس له علاقة بفرضيات الدراسة التي تفرق بين التأثير ومستوياته، قوي ومتوسط وضعيف.

تدعم الدراسة وجهة نظرها بالأمثلة من خلال تحليل عمليات السلام والمفاوضات في الدول الأربعين، فتنتقي مجريات عمليات السلام بين فلسطين وإسرائيل، في الأعوام (1991-1995) ( 2003-2013) وتقول: بناء على تحليل للعلاقة بين تأثير المرأة ومخرجات تلك العمليات، لم يتم تطبيق الاتفاقيات! 

أختار مثالاً آخر من مصر؛ تدَّعي الدراسة أن تأثير مشاركة النساء المتوسط والمتردد خلال التحولات السياسية والاجتماعية (2011–2013)، كان من أسباب عدم التوصل إلى اتفاقية!

ماذا بعد الاستعراض المختصر للدراسة العالمية حول تقييم تطبيق القرار 1325؛ لا بد من الإقرار بأهمية القرار 1325 وسائر القرارات اللاحقة وأهمها التوصية 30 من "سيداو" كأدوات وآليات بيد النساء الفلسطينيات على وجه الخصوص، في غزة والضفة الغربية والقدس ومناطق الـ 48 بما فيها القدس المحتلة، لمخاطبة العالم من على منصة قرار دولي بقضيتها الوطنية، استنهاض التضامن والتحالفات لخدمة تدويل القضية الفلسطينية، بلغة القرار الأممي، لغة حقوق الإنسان. حيث تعاني المرأة الفلسطينية من أثر طول أمد الاحتلال الإسرائيلي، ومن التمييز الاجتماعي الداخلي. 

الدراسات المطلوبة من الأمم المتحدة، استمرار عملية الرقابة والرصد والتوثيق والتحليل، تحليل يعتمد على تفسير طبقات العنف القومي والاجتماعي ضد المرأة في فلسطين، تحليل جذري للصراع في فلسطين وعلاقته بتحفيز السيطرة الأبوية والذكورية. 

مطلوب من الدراسة، أن تقدم تحليلاً موضوعياً لمعيقات تطبيق القرار في فلسطين كأداة لتفعيل مشاركة النساء في جهود صنع السلام ورؤية مبنية على أساس القانون الدولي الإنساني، وليس على أوهام تعتبر أن السلام وديمومته مرهون بمشاركة المرأة، فالسلام مرهون بدور الأمم المتحدة وأعضائها وإرادتهم في تطبيق قراراتها وتحقيق العدالة. 

على هذا، لا يطبق القرار 1325 في فلسطين إلا بتطبيق القرارات السياسية ذات الصلة بفلسطين.