الشبكة العربية لديمقراطية الإنتخابات تتابع إنتخابات مجلس الأمة الكويتي

رام الله - دنيا الوطن
قامت الشبكة العربية لديمقراطية الإنتخابات عبر وفد مصغر من أعضائها، بالتنسيق مع الشريك الوطني في الكويت "جمعية الشفافية الكويتية"، بمتابعة الأجواء المرافقة لإنتخابات مجلس الأمة الكويتي التي أجريت يوم 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2016. تهتم الشبكة العربية بالقضايا المرتبطة بالعمليات الإنتخابية والإصلاح الإنتخابي في المنطقة العربية وقد استطاعت منذ تأسيسها عام 2009 تتبع ورصد الإنتخابات في عدة دول عربية. حيث تعمل على دراسة وتحليل البيئة التشريعية والقانونية التي تجري في ظلها الإنتخابات، بالإضافة الى تقديم الإقتراحات التطويرية والتوصيات الهادفة الى تعزيز ديمقراطية الانتخابات في الدول العربية. يأتي ذلك استناداً الى المعايير الدولية المتوافق عليها، وتحديداً الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة (25) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة (7) من الإتفاقية الدولية لإلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وإعلان باريس الخاص بحرية ونزاهة الإنتخابات 1994، وكذلك مدونة قواعد السلوك الخاصة بالمراقبين الدوليين الصادرة عن الأمم المتحدة 2005، ومعايير الإصلاح الإنتخابي في العالم العربي الصادرة عن الشبكة.

وفي هذا الإطار، تقدم البعثة اليوم تقريرها التقييمي الأولي حول هذه الإنتخابات، بعد الإطلاع على القوانين والقرارات المنظمة للعملية الإنتخابية، وبعد إجراء سلسلة من اللقاءات مع الأطراف المعنية والقيام بجولة ميدانية على مراكز الاقتراع يوم الإنتخاب، على أن يصدر التقرير النهائي خلال شهر من اليوم.

أولاً: المناخ السياسي العام

سبقت الدعوة الى إجراء انتخابات مجلس الأمة الخامس عشر تطورات سياسية أدت إلى حل المجلس السابق بموجب مرسوم أميري صدر في 16 تشرين الأول/أكتوبر الفائت، وذلك بعد توتر بين الحكومة والبرلمان على خلفية تقديم عدد من النواب استجوابات لكل من وزيري المالية والعدل. وقد تقدم 293 مرشحاً للإنتخابات بينهم 14 امرأة وتوزعوا على خمس دوائر انتخابية، حيث يخصص عشرة نواب لكل دائرة. من جهة أخرى، شكل الوضع الإقتصادي الجزء الأكبر من الحملات الإنتخابية للمرشحين، إذ تم التركيز عليه خصوصاً قضايا البطالة وارتفاع الأسعار، وخفض دعم السلع والخدمات الحكومية.

يشار إلى أن هذه هي المرة السابعة التي يتوجه فيها الناخبون إلى صناديق الاقتراع منذ عام 2006، وتعد هذه المرة التاسعة التي يتم فيها حل البرلمان خلال أربعين عاماً، حيث كان من المفترض أن تنتهي الفترة القانونية للمجلس المنحل في تموز/يوليو 2017.

وقد شارك المعارضون الليبراليون والإسلاميون بمختلف تياراتهم في الإنتخابات المبكرة بعد مقاطعة استمرت أربع سنوات احتجاجاً على تعديل قانون الانتخابات.

ثانياً: الإطار القانوني

يجري تنظيم الإنتخابات الكويتية وفقاً لدستور 1962، ووفقاً لقانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن إنتخابات أعضاء مجلس الأمة وتعديلاته.

وبحسب الفصل الثالث[1] من الدستور الذي ينظم أحكام السلطة التشريعية، فإن عدد أعضاء مجلس الأمة المنتخبين هو خمسين عضواً ينتخبون بالإقتراع العام السري المباشر. وقد حدد الدستور أيضاً شروط الترشح واختصاصات مجلس الأمة، بالإضافة الى تحديد الدوائر بموجب القانون. وتنص المادة (107) من الدستور على صلاحية الأمير في حل مجلس الأمة "بمرسوم تبين فيه أسباب الحل..." ووجوب إجراء الإنتخابات للمجلس الجديد في مدة لا تتجاوز الشهرين من تاريخ الحل.

وبناءً عليه أصدر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، يوم الأحد 16 تشرين الثاني/أكتوبر 2016 مرسوماً أميرياً بحل مجلس الأمة الكويتي المنتخب عام 2013، فيما حددت الحكومة الكويتية يوم 26 تشرين الثاني/نوفمبر موعداً لإجراء الإنتخابات التشريعية الجديدة.

قانون الإنتخاب رقم (35) لسنة 1962:

أعطى قانون الإنتخاب لكل كويتي وكويتية بلغ من العمر 21 عاماً حق الإنتخاب، وكل من بلغ الثلاثين عاماً حق الترشح. وقد نصت المادة (18) من القانون على تحديد موعد الإنتخابات بمرسوم، وميعاد الإنتخابات التكميلية بقرار من وزير الداخلية، على أن ينشر المرسوم أو القرار قبل شهر على الأقل من موعد إجراء الإنتخابات. وقد نظم القانون عملية الترشح وممارسة الدعاية الإنتخابية وبداية عملية الإقتراع وإجراء الفرز، إضافة الى تحديده للجرائم الإنتخابية.

ومن التعديلات الجوهرية التي عرفها قانون الإنتخاب هي الإنتقال من نظام الأصوات المتعددة (أربعة أصوات) في الدائرة المتعددة المقاعد، إلى نظام الصوت الواحد في نفس الدائرة. وقد جرى هذا التعديل قبيل انتخابات كانون الأول/ديسمبر 2012، التي شهدت مقاطعة ومعارضة العديد من التيارات والشخصيات المختلفة.

الملاحظات على قانون الإنتخاب:

-   إن تقسيم الدوائر لم يراع التوزيع العادل للناخبين؛ حيث أن عدد الناخبين في الدائرة الثانية بلغ 55,376 ناخباً وناخبة، بينما بلغ عددهم في الدائرة الخامسة 135,515 في الوقت الذي يتساوى فيه عدد المقاعد المخصص لكل دائرة (10 مقاعد للدائرة الواحدة)، ما يعكس تفاوتاً كبيراً في الحجم التمثيلي للمقعد الواحد وكذلك وزن الصوت الإنتخابي لكل مواطن

-  غياب المعايير الواضحة للإنفاق المالي في الإنتخابات وعدم تحديد سقف أعلى للصرف

-  غياب المعايير والإجراءات الواضحة لضبط الدعاية والإعلام الإنتخابيين

-   إن اعتماد الثلاثين عاماً كسن الترشح يعتبر مرتفعاً مقارنة مع ما هو معمول به في معظم دول العالم العربي وسواه، وكذلك سن الإقتراع الذي يحدد بـ 21 عاماً

-  على الرغم من ترشح 14 امرأة كويتية من أصل 293 مرشحاً للانتخابات (والذي بدوره يعد مشاركة ضئيلة نسبياً)، إلا أن غياب أي تشريعات أو إجراءات لضمان تمثيل المرأة وتعزيز مشاركتها السياسية نتج عنه فوز مرشحة واحدة فقط

-  لم يراع القانون في المادة (18) منه الفترة الزمنية الكافية لتنظيم الإنتخابات، بحيث تنص هذه المادة على وجوب أن ينشر المرسوم أو القرار قبل شهر على الأقل من تاريخ الإنتخابات

ثالثاً: الملاحظات الخاصة بيوم الإنتخاب

توجه الناخبون والناخبات يوم السبت 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 الى مراكز الإقتراع في مختلف المناطق للإدلاء بأصواتهم، حيث بلغ عدد اللجان الموزعة على هذه المراكز 542 لجنة.

وقد جال أعضاء فريق الشبكة العربية خلال يوم الإقتراع على 10 مراكز موزعة على الدوائر الخمس، وتوصلوا إلى المشاهدات والملاحظات التالية:

- إفتتاح مراكز الإقتراع في الموعد المحدد في ظل وجود كثيف للناخبين

-  تواجد ممثلي المرشحين في كافة اللجان التي تمت زيارتها (بمعدل 15 الى 20 ممثل/ة)

-  إلتزام الناخبين والناخبات بالتعليمات الصادرة عن الجهات المنظمة للعملية الإنتخابية والأجهزة الأمنية

-  إلتزام رؤساء اللجان بإعلان أسماء الناخبين كافة بصوت واضح أمام ممثلي المرشحين

- عدم مراعاة احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة في مستوى ارتفاع العازل (منصة الإقتراع) ومكان صندوق الإقتراع ما يعيق ممارسة حقهم باستقلالية

- وجود تجمعات (خيم وأكشاك) لمناصري المرشحين وماكيناتهم الإنتخابية أمام أبواب مراكز الإقتراع، بحيث كانت صورهم ترفع أو يتم توزيعها على الناخبين، ما يعتبر تأثيراً عليهم ويتعارض مع المادة (31 مكرراً) من قانون الإنتخاب والتي تحظر إقامة أكشاك أو خيم  قرب مراكز الإقتراع

- حضور بارز للفئة الشبابية في صفوف ممثلي المرشحين

-  مشاركة واسعة لكافة الفئات العمرية سواء الشباب والشيوخ في عملية الإقتراع

-          جهوزية مراكز الإقتراع لاستقبال الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن، ووجود عدد كبير من المتطوعين لمساعدتهم

-          إلتزام رؤساء اللجان بمساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن بأنفسهم

-          وجود لوائح بأسماء الناخبات والناخبين على أبواب اللجان كافة ما سهل عملية الإقتراع وتجنب الفوضى

-          حرص الناخبين والناخبات على ممارسة حقهم الدستوري انعكس في نسبة مشاركة عالية[2] تفوق النسب التي سجلت في الاستحقاقات الانتخابية الكويتية السابقة (2012 و 2013) وكذلك مقارنة مع الدول العربية

رابعاً: التوصيات

بناءً على الزيارات التي قام بها فريق الشبكة العربية للأطراف والشخصيات المعنية بالعملية الإنتخابية، وعلى المشاهدات الميدانية في يوم الإقتراع، نضع التوصيات التالية:

1 العمل على استحداث هيئة مستقلة للانتخابات تضطلع بمسؤوليات تنظيم وإدارة العملية الإنتخابية والإشراف عليها

2-  تعديل قانون الإنتخابات بما يتوافق مع المعايير الدولية لديمقراطية الإنتخابات وأن يشمل ذلك النظام الإنتخابي وتقسيم الدوائر

3-  وجوب مراعاة عدالة التمثيل والمساواة في وزن الصوت الإنتخابي في تقسيم الدوائر الانتخابية

4- تقليص عدد الناخبين المسجلين في اللجان الى 600 ناخب/ة في كل لجنة كحد أقصى وذلك وفقاً للمعيار الدولي ولتجنب الإزدحام

5- العمل على تعزيز تمثيل المرأة في الإنتخابات عبر تشريع نظام التمييز الإيجابي "الكوتا" بما لا يقل عن نسبة 20% من المقاعد

6- ضرورة سن تشريع لتحديد سقف أعلى للإنفاق الإنتخابي وضبط تمويل الحملات الإنتخابية للمرشحين على أن يأخذ التشريع بالإعتبار عدد الناخبين المسجلين في الدائرة، ووجوب تحديد آليات للرقابة على التمويل والصرف

7- سن تشريعات لضمان فرص متكافئة للظهور الإعلامي لكافة المرشحين في مختلف وسائل الإعلام الرسمية والخاصة

8- خفض سن الترشح الى 25 سنة وسن الإقتراع الى 18

9- ضرورة الإنتهاء من إجراءات الترشح والطعون والشطب والبت القضائي قبل أسبوع على الأقل من موعد بدء فترة الدعاية الإنتخابية

10-  تعديل المادة (18) من قانون الإنتخاب فيما يتعلق بزيادة المدة الزمنية بين الدعوة للانتخابات وموعدها من شهر الى 60 يوماً على الأقل، وذلك لإتاحة الوقت الكافي لإنجاز المراحل المختلفة للعملية الإنتخابية بما في ذلك مرحلة الدعاية الإنتخابية، لضمان وصول المرشحين إلى الناخبين وتعريفهم على البرامج الإنتخابية

11-  ضرورة وجود نص قانوني يضمن حق مشاركة المجتمع المدني المحلي والمؤسسات التي تهتم بالديمقراطية والإنتخابات في عملية مراقبة الإنتخابات حسب المعايير الدولية لحرية ونزاهة وشفافية الإنتخابات

12-  إجراء حوار وطني مع كافة الفاعليات وممثلي المجتمع المدني للوصول الى قانون انتخابي يعزز الممارسة الديمقراطية والمواطنة

خامساً: الخلاصة

لقد استطاع فريق الشبكة العربية لديمقراطية الإنتخابات خلال تواجده في دولة الكويت القيام بمتابعة وتقييم إنتخابات مجلس الأمة الكويتي في جو إيجابي وسلمي ساهم في تسهيل مهمته، مما مكّنه من عقد لقاءات مع عدد من المرشحين والشخصيات السياسية وبعض ممثلي المجتمع المدني، بالإضافة الى المشاركة في المراقبة الميدانية ليوم الإقتراع.

في الختام، تتوجه الشبكة العربية لديمقراطية الإنتخابات بالتهنئة لدولة الكويت شعباً وحكومة لإتمام هذه الإنتخابات بسلاسة في ظل ما تشهده دول المنطقة من حروب ونزاعات وعنف وتراجع على المستوى الأمني. ونخص بالشكر شريكنا الوطني "جمعية الشفافية الكويتية" على جهوده من أجل تسهيل عمل البعثة وتنسيق الزيارت والمساهمة في التحضيرات كافة. كما نتوجه بالشكر لوزارة الداخلية التي سهلت حصولنا على تصاريح الدخول الى مراكز الإقتراع، وكافة الأطراف التي استقبلتنا وتجاوبت معنا.