لماذا أعلن أبو عمار استقلال فلسطين رغم أنها تقبع تحت احتلال؟!

لماذا أعلن أبو عمار استقلال فلسطين رغم أنها تقبع تحت احتلال؟!
الراحل ياسر عرفات
خاص دنيا الوطن- صلاح سكيك
مر ثمانية وعشرون عامًا، على ما يعرف بإعلان وثيقة استقلال دولة فلسطين، ففي مثل هذا اليوم من العام 1988، وقف الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات على منبر قاعة قصر الصنوبر في قلب العاصمة الجزائرية، متحديًا الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية، وصادحًا بمقولته الشهيرة: "إن المجلس الوطني الفلسطيني يعلن باسم الله وباسم الشعب العربي الفلسطيني قيام دولة فلسطين، على جميع الأراضي الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشريف".

لكن بعد هذا الإعلان مرت القضية الفلسطينية بالعديد من المحطات التاريخية، وبقي السؤال الأهم وهو لماذا أعلن أبو عمار الدولة رغم أنها تقع تحت الاحتلال؟ فكل الدول التي اندحر الاحتلال عنها، اعلنت استقلالها بعد خروج آخر جندي محتل؟ وفي ذات السياق ماذا لو لم يتم إعلان الاستقلال؟ أين سيكون مصير القضية الفلسطينية؟ وماذا استفادت؟ وكيف تضررت بهذا الإعلان التاريخي؟

المؤرخ والمحلل السياسي، د. ناصر اليافاوي، قال: إن الخطاب الذي ألقاه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، من الجزائر عام 1988، بمثابة "الوثيقة" الرسمية للاستقلال، وبالإمكان اعتباره بمثابة الاعلان الثاني للاستقلال بعد الأول الذي جرى في تشرين الأول من العام 1948، عندما تم إعلان حكومة عموم فلسطين استقلال فلسطين بدعم من أنظمة عربية محيطة، وكرد فعل على احتواء أنظمة أخرى للقضية من جهة ثانية في جلسة مؤتمر المجلس الوطني.

وأضاف اليافاوي، أن رسالة الرئيس عرفات، قيام دولة فلسطين، كانت رسالة منه لإعلان القرار الفلسطيني المستقل، في ظل بداية التغير في موازين القوى العالمية من ناحية، والتغير في منهجية الحاضنة الإقليمية والعربية مرة أخرى، وتغير التحالفات العربية في المنطقة وانجرارها نحو القطب الأمريكي الأوحد آنذاك.

 دعم الانتفاضة الأولى

وبيّن أن خطوة عرفات بهذا الإعلان كانت بمثابة اللبنة الأساسية لمشروع المطالبة بدولة فلسطينية، وتعزيزًا لدور الانتفاضة الكبرى التي اندلعت في ديسمبر 1987م، وإعطاء المُنّتفضين شرعية كاملة بان القيادة خلفكم، وصولًا إلى تحقيق أهداف الإعلان ونيل الاستقلال الكامل.

وأضاف أن أبو عمار كان يريد تحريك المياه الراكدة في السياسية الدولية تجاه فلسطين في الوقت الذي كان فيه العالم المعاصر يصوغ النظام الدولي الجديد، وكانت موازين القوى المحلية والعالمية تستثني الشعب الفلسطيني من حق تقرير المصير وبقيت القضية على رفوف المجتمع الدولي، لافتًا إلى أنه وجه عدة رسائل للمجتمع الدولي بعد الإعلان التاريخي في الجزائر أننا موجودون، حيث سارعت 101 دولة للاعتراف بفلسطين، وشروع منظمة التحرير بإرسال سفاراتها لتك الدول.

وفيما يتعلق بالمؤسسات الدولية فذكر المؤرخ اليافاوي، أن هذا التوجه أسس لخطوات الذهاب إلى الأمم المتحدة للمطالبة بالاعتراف الرسمي الكامل، وبداية التدرج بالاعتراف حتى الحصول على دولة بصفة مراقب، تساعد فلسطين مرحليًا بالانضمام إلى منظمات دولية تسطيع من خلالها انتزاع بعض الحقوق ومحاكمة إسرائيل وقادتها في المحاكم الدولية.

حكم ذاتي

وأوضح اليافاوي، أن هناك بعض الأمور التي تؤخذ على القيادة الفلسطينية بعد إعلان وثيقة الاستقلال، بحيث إنها تعجلت بتوقيع اتفاق أوسلو في أيلول/ 1993، والذي مهّد لإنشاء الحكم الذاتي على الأراضي الفلسطينية، واعتبار عرفات رئيسًا له دون الحصول على ضمانات دولية مكتوبة تضمن تحقيق ما تم الاتفاق عليه، والنتيجة هي بقاء سلطة تعاني من مؤامرات عدة، فكان ثمار هذه مخرجات غير ناضجة وبالتالي انقسام بين الضفة وغزة، وفق قوله.

وشدد، على أن وثيقة الاستقلال وما تبعها من مفاوضات فلسطينية- إسرائيلية، أعطت الفرصة لإسرائيل لأن تثبت هيمنتها على 85% من أراضي فلسطين التاريخية، والبالغة حوالي 27 ألف كيلومتر مربع، فيما لم يتبقَ للفلسطينيين سوى 15% فقط من مساحة تلك الأراضي، ومع ذلك لم تلتزم إسرائيل ولا الدول الراعية لعملية التسوية بإعطاء الفلسطينيين هذه المساحة الصغيرة، بل كافأتهم بتغذية الانقسام حتى تغيب فكرة الوحدة الجغرافية لما تبقى من فلسطين.