"العنوسة " تغتال أحلام فتيات غزة.. الميراث.. الوظيفة.. البرستيج.. أسباب!

"العنوسة " تغتال أحلام فتيات غزة.. الميراث.. الوظيفة.. البرستيج.. أسباب!
صورة توضيحية
خاص دنيا الوطن- علاء الهجين
تعمل مدرسة لطلبة المرحلة الابتدائية بإحدى المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" بمدينة غزة منذ أن تخرجت من الجامعة, الحظ حالفها بالحياة العملية, لكنه أرهقها من جانب آخر, فهي كأي فتاة تتمنى الزواج وإنجاب الأطفال وتكوين عائلة داخل عنوانه السعادة الدائمة.

لكنها لم تحقق حلمها كون والدها يرفض أي شاب يتقدم لها, فهو يعتبرها بنك بشري تدر عليه من المال ما يكفيه لشراء كافة مستلزماته، وخاصة انه متعطل عن العمل.

توضح الفتاة الثلاثينية (ج. ع) أنها شعرت بفرحة كبيرة عندما تم قبولها للتوظيف بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين, ومن خلال وظيفتها أرادت أن تحقق كافة أحلامها, فكان لها ما أرادت, لكنها لم تتوقع أن يكون والدها ضد قرار سعادتها بالزواج والهدف الاستيلاء على أموالها.

وتنوه الفتاة إلى أنها كانت تظن أن رفض والدها للشباب الذين تقدموا لخطبتها لصالحها, كونه لم يأت الشاب المناسب لها, فكانت الصدمة عندما أعلنها بصراحة أنه لن يزوجها لأحد لكي لا يذهب راتبها لزوجها ويبقى من دون مال.

وتقول: "أصبح عمري (34 عاماً) ولست متزوجة, بسبب أن والدي اعتبرني  بنكاً أدر عليه الأموال, وظلمني ولم يستجب لرغبتي بالزواج وبناء أسرة كباقي الفتيات".

وتتابع: " أكثر كلمة تضايقني عندما يقولون لي أني عانس, أحياناً أكره وظيفتي وذاتي من تلك التي يعتبرها المجتمع الغزي تهمة للفتاة التي فاتها سن الزواج".

العنوسة تعبير عام يستخدم لوصف الأشخاص الذين تعدوا سن الزواج المتعارف عليه في كل بلد، وبعض الناس يظنون أن هذا المصطلح يطلق على الإناث فقط من دون الرجال، والصحيح أنه يطلق على الجنسين، ولكن المتعارف عليه مؤخراً هو إطلاق اللفظ على النساء في الأغلب, ويختلف هذا العمر من مكان لآخر، فحين ترى بعض المجتمعات البدوية وأهالي القرى أن كل فتاة تجاوز عمرها العشرين ولم تتزوج عانساً، تجد أن مجتمعات المدن تتجاوز ذلك إلى الثلاثين وما بعدها لمن تطلق عليها صفة العانس نظراً إلأن الفتاة يجب أن تتم تعليمها قبل الارتباط والإنجاب.

من جهتها، توضح الأربعينية مروة أن قلة قليلة من الخاطبين طرقوا  باب منزلهم يبحثوا عن عروس لأبنائهم، وكان الشرط الأول أن تكون موظفة ويستحسن بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين, كون الوضع الاقتصادي سيئ جداً ويريدون ضمان مستقبل أولادهم.

وتؤكد مروة أن سن الزواج فاتها بسبب عدم تقبل بعض من أهالي الشباب تزويج أبنائهم من غير الموظفات, كونهم سيعملان على إعانة بعضهما، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعاني منه معظم شباب المجتمع الفلسطيني بقطاع غزة.

حسن عيوش، أخصائي اجتماعي بالمركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات، يوضح أن الأوضاع الاقتصادية سبب أساسي بزيادة نسبة العنوسة بقطاع غزة, فالشاب يصل لعمر الثلاثين عاماً ولا يستطع الزواج وتكوين عائلة له, فكيف ستتزوج الفتاة إن كان الشاب غير قادر على ذلك؟

ويؤكد عيوش، أن المغالاة بطلب المهر من قبل أهل الفتاة يعتبر عائقاً كبيراً أمام الشاب الذي بالكاد استطاع  تكوين نفسه وبالتالي يشعر باليأس, ومن الممكن أن تخرج فكرة الزواج من عقل الشاب وبالتالي يكون الضرر قد أصاب الفتاة أيضاً, وقد يفوتها سن الزواج.

هداية شمعون، منسقة برنامج الأبحاث والمعلومات بمركز شؤون المرأة- غزة، توضح أن مصطلح عانس هو مجتمعي ويتم تداوله من قبل وسائل الإعلام, وهو خاطئ ويمثل انتهاكاً ووصمة واتهاماً لأي فتاة تأخر سن زواجها, وبالتالي يجبرها أن تقبل بأي شخص حتى لو كان يكبرها بثلاثين عاماً.

وتبين شمعون أن مسألة الزواج وخاصة للشباب تحتاج إلى توفر العديد من المعايير المساعدة والمساندة للشاب كمصدر دخل دائم وشقة مستقلة, وهذا لا يتوفر بمعظم شباب الشعب الفلسطيني بقطاع غزة، نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية, وبالتالي تأخر سن الزواج للشباب يعني تأخر سن الزواج للفتيات.

وتؤكد أن بعض العائلات صاحبة الأسماء الكبيرة تعتبر نفسها ذات "برستيج" لا يسمح لها بقبول أي شاب يتقدم للزواج من ابنتهم إلا من ذات المقام.

وتضيف: "قد تحرم الفتاة من الزواج بسبب الميراث الذي تملكه عائلتها، بحجة أنه سيذهب لعائلة الزوج, وبالتالي تجبر الفتاة إما على التنازل عن ميراثها أو التنازل عن زواجها, وأحياناً الفتاة الموظفة تلقى المصير نفسه".