ظافر النوباني يتحدث لدنيا الوطن عن الجانب الانساني في حياة الرئيس الراحل " ابو عمار " وقصة الطفل المريض التي ابكته

ظافر النوباني يتحدث لدنيا الوطن عن الجانب الانساني في حياة الرئيس الراحل " ابو عمار " وقصة الطفل المريض التي ابكته
الراحل الرئيس ياسر عرفات
خاص دنيا الوطن- محمود الفروخ
أكد الحاج ظافر النوباني مدير عام المتابعة والمراجعات في مكتب الرئيس الراحل ياسر عرفات "أبو عمار" أن الرئيس عرفات لم يرفض أي مساعدة قدمها المواطنون إليه إطلاقاً في كافة المجالات.
وقال النوباني في حوار مع مكتب "دنيا الوطن" برام الله، حول الجانب المساعداتي والإنساني في حياة "أبو عمار" إنه  كان لا يؤخر ثلاث قضايا هي: الحالات المرضية، الدراسة ورسوم الجامعات للطلاب، وأبناء الشهداء، وتحدث عن قصة أبكت الرئيس الراحل عرفات وهي لامرأة جاءت تطلب منه معالجة ابنها الوحيد الذي كان  يعاني مرضاً خطيراً، مبيناً أن أبواب مكتب الرئيس كانت مفتوحة لجميع أبناء وفئات الشعب الفلسطيني على مدار الساعة وأنه كان يقدم مساعدات لجميع أبناء الشعب المتواجدين في الداخل والخارج دون استثناء.

وأضاف النوباني، عملت طيلة وجودي في مكتب الشهيد أبو عمار في رام لله، حيث كانت وظيفتي مديراً عاماً لمكتب المراجعات والمتابعة في القضايا المتعلقة بالمساعدات، لاسيما الإنسانية منها والصحية والتي تتعلق بكل المراجعين الخاصين بمكتبه، وكنت أدرس كافة الحالات التي ترفع إلى الرئيس وأرفعها له للتوقيع، حيث لم يرفض مطلقاً أي مساعدة تتعلق بالجانب الإنساني ولم يحصل أن رفض الرئيس الراجل أي مساعدة إطلاقاً طيلة فترة عملي معه سواء أكانت مساعدات تعليمية أو صحية أو زواج....إلخ.

وأكد النوباني "كانوا في السكرتارية يسألوني وين بريدك أبو عمار بيقول وين ما طلعش البريد بصرخ علينا وين البريد الإنساني وأنا فوراً كنت أعد الكشوفات المتعلقة بالجوانب المختلفة وأرفعها له"مضيفاً أن أبو عمار كان يغضب إذا لم يأته بريد المساعدات الإنسانية المتعلقة بالتعليم والصحة والدراسة وكافة الجوانب الحياتية للمواطنين والحج والعمرة والأرقام الوطنية والهويات وكل ما يتعلق بذلك كل يوم،  وكان المراجعون يؤمون مكتب المراجعات، والنقطة الأهم كانت متابعة هذه المعاملة لدى الدوائر والمؤسسات الرسمية الموكلة إليها بدقة وشفافية وسرعة".

وأردف النوباني وحتى لا يعجز المراجع الذي لا يتواجد بشكل يومي والذي يكون قادماً من الخليل وجنين أو غيرها من المحافظات، يقدم المعاملة وندرسها ونرفعها للشهيد أبو عمار، الذي بعطي الإشارة عليها للصرف والتغطية مباشرة دون تردد، في ذلك الوقت لم يكن مديريات في المدن وكانت فقط وزارة الصحة برام لله، وكان هناك متابعة معها، " وهذا الجانب كان أبو عمار مركزاً عليه ويقول مش مهم أوقع المعاملة المهم الفريق اللي عندي يتابع إنجاز المعاملة عشان المواطن مايظل يستنى".

وقال النوباني "نحن كنا نخشى أن يأتي أحد من أصحاب المعاملات والمراجعين ويشتكي لأبو عمار أن المعاملة لم تنفذ أو لم تنجز، في هذا الوقت كنا سنعاقب صراخ وزعل وكنا ننفذ دون تردد لأننا نخشى من أي شكوى من المواطنين لأبو عمار ضدنا".

وأوضح النوباني أن أبناء الشهداء لهم المكانة الخاصة عند أبو عمار، وتستطيع أن تقول أنا كنت أرفع خمسة أو ستة كشوف يومياً لأبو عمار للتوقيع والكشف الواحد عدد أسماء المقدمين يزيد عن عشرين أو ثلاثين مساعدة بشكل يومي وجميعها موافقة سريعة من أبو عمار دون تردد، منها ما يتعلق بالعلاج غير المحدد جغرافيا".

وكما تعرفون في ذلك الوقت الكادر الصحي كان قليلاً والخدمات الطبية عليها طلب كثير وبالتالي العمليات التي كانت مطلوبة بحاجة لمراكز متطورة، فأنا كنت أضع الكشوفات للذين بحاجة لعلاج وأحدد أن هذا علاجه في الأردن أو في أي مكان، والمصفاة والفلترة تكون في وزارة الصحة، كنا نتعامل مع دائرة العلاج بالخارج والدائرة ملزمة بتنفيذ تعليمات الرئيس، ويتم تحويله إلى الأردن أو مصر على عجل، وفي بعض الحالات الأمور تحتاج لبريطانيا أو ألمانيا لمراكز متطورة أكثر، ويتم إرسال الحالة إلى هناك.

وبين النوباني أن القطاع الثاني عند أبو عمار كان يركز بشكل كبير على الطلاب ولا أعتقد بأن طالباً دخل الجامعة في فترة أبو عمار إلا واستفاد من مساعداته الطلابية، سواء مساعدات عينية مادية أو منح جامعية، وحتى الطلبة الذين حصلوا على منح بتلك السنوات كانوا من أبناء الشهداء والجرحى والمحتاجين وكان أبو عمار لا يبخل عليهم وكان يصرف تذاكر السفر والمساعدة المالية لأول مرة سفر لأي طالب يذهب للدراسة خارج فلسطين.
كان أبو عمار الأب الحاني للطلبة، وكان يأمرنا بصرف تذكرة السفر ذهاباً وإياباً و3000 دولار للطالب لأي طالب يريد السفر للدراسة، وكان يخلق جواً في العائلة للطلبة ويشعرهم أن هناك أباً أكبر يوفر المساعدة لهم والكثير ممن تخرجوا ويعملون في الوطن وخارجه يعرفون ذلك جيداً.

وبالنسبة للشهداء، كان أبو عمار لا يتوانى في مساعدة ومشاركة أي بنت شهيد أو ابن شهيد يريد أن يتزوج ويرسل دعوة لأبو عمار، فكان يكلف مدير مكتبه بشراء قطعة ذهب وأن يقدمها باسم أبو عمار لهم لأنه في حالة حصار ولم يتمكن من الذهاب للحفل، وكان يرسل مدير مكتبه لتقليد العروس قلادة ذهبية بمبلغ جيد وكان يشارك أهالي الشهداء أفراحهم وأحزانهم دائماً ولم يتأخر عنهم في أي يوم.

وأكد النوباني أن الحديث عن الجانب الإنساني يطول في حياة وفترة أبو عمار فهناك أمثلة عديدة ومبكية وأبو عمار طيلة عمله لم يقل لا لأي مساعدة إنسانية أو علاجية حتى لو طالبها كان يعيش في أمريكا أو بريطانيا.

وبين النوباني "كنا نعمل مع أبو عمار من الثامنة صباحاً إلى الثانية والنصف فجراً لم نشعر بالتعب وكان فخراً أن نعمل مع الشهيد الخالد والرمز أبو عمار".

وأشار النوباني إلى أنه في فترة حصاره الأخير بعد أن تم قطع كل المال والمساعدات الإنسانية وتهديد بقطع الرواتب طلب أمريكا قطع المساعدات عن اسر الشهداء والجرحى ولم يكن في الخزينة أي شي وكان الاقتراح أن يوقف القسم أي كتب خاصة بالمساعدات الإنسانية لأبو عمار وحينها جائتني امرأة من إحدى قرى نابلس تبكي متأثرة، حيث كان لديها ابن وحيد وهو مريض ومصاب بالكبد وهو بحاجة لزراعة كبد، ويحتاج للسفر إلى ألمانيا للعلاج، وكان هناك تعميم عدم رفع أي شيء بالصرف المالي لأبو عمار بخصوص المساعدات الإنسانية، وحينها حاولت مساعدتها بالرغم من التعليمات بعدم رفع كتب مساعدة لأبو عمار لأن الخزينة فارغة ولم أستطع ذلك.

"قلت لها وين زوجك.. زوجها أسير 11 عاماً تزوجها وما ينجبوا ولجؤوا لزراعة الأنابيب التي كانت على نفقة الرئاسة، حيث تولى أبو عمار هذا الأمر وكان يومياً يسأل عن كشف زراعة الانابيب وتكفل بالعملية من الألف إلى الياء".

طلبت هذه المرأة القادمة من قرى نابلس مساعدة بزراعة كبد لابنها الوحيد، وتأثرت حينها لأنني لا استطيع رفع مساعدة لأبو عمار، وكان يوم جمعة صباحاً هذا الموضوع قد حصل، سألت الرجل والد الطفل المريض بتصلي أو لا قلي بصلي وصلتو لأبو عمار مشان يصلي مع أبو عمار صلاة الجمعة، حيث كانت من عادة أبو عمار أنه يسلم على كل المصلين بعدما تخلص صلاة الجمعة، وصل الرجل لأبو عمار وحكى له قصته وبكلام مصري قال أبو عمار" بنعالجو منعلجوش ليه" وقام بضمه وبكى أبو عمار حينها على قصة هذا الطفل ووالديه، وجاب الطبيب الخاص به وقال الطبيب لأبو عمار إن نسبة النجاح في العلاج 5%  فرد عليه أبو عمار "هو أنت تحيي العظام وهي رميم ولا ربنا" وذهب الطفل لألمانيا وكانت تكلفة العملية 170 ألف يورو وعمل العملية.

 وأضاف النوباني " كانت كل الأبواب مفتوحة ولم تكن هناك أسوار أمام الجميع في عهد أبو عمار كل مواطن كان يريد أن يتصور مع أبو عمار الأبواب مفتوحة ومن لديه مشاكل اجتماعية مستعصة ياتي إلى أبو عمار وكان يحلها، ومن عنده ضائقة مالية وبدو يتزوج ييجي عند ابو عمار ويعطيه مساعدة زواج.. كان أباً حانياً للجميع".

وبين النوباني في حديثه أن أبو عمار لم يكن مسؤولاً عن المقيمين في الضفة وغزة فقط، بل كان يعالج الجميع من لبنان سوريا مصر الأردن، وكنا نستقبل البريد من جميع الجاليات الفلسطينية بالخارج وأبو عمار أقر مبدأ صرف مساعدات الزواج ومحدد بمبلغ مالي وأي طلب يقدم لأبو عمار كمساعدة للزواج كان يصرفها فوراً الناس كانوا ينظرون لأبو عمار ليس كرئيس بل كأب ويلجؤون له وكان مصلحاً اجتماعياً وإذا تعثرت مشكلة عند المحافظ كان أبو عمار يحلها وفي تلفون واحد يحل أي مشكلة، لم يكن هناك أصلاً مشكلة في قضايا الحجيج ولا في أي جانب وعنده أبناء الشهداء والجرحى أولوية كاملة وأبو عمار كان نظامه أبوة وحنان والآن انتقلت هذه الأمور لنظام المؤسسات، سواء الصحية أو الإنسانية أو المالية.