قراءة في مذكرات د. نبيل شعث: حياتي من النكبة الى الثورة (3-5) بقلم د.مازن صافي

قراءة في مذكرات د. نبيل شعث: حياتي من النكبة الى الثورة (3-5) بقلم د.مازن صافي
خاص دنيا الوطن- بقلم د.مازن صافي
كتبت في الحلقة الأولى نبذة قصيرة عن مولد  د.نبيل شعث، وفي الحلقة الثانية تحدثنا عن بداية رحلة حياته، وهواياته فيها، وكتابته عن تداعيات مآسي شعبه في نكبة 1948، وما تبعها من معاناة اللاجئين في الدول العربية، وعلاقته بالاخوان المسلمين، ودراسته الجامعية في مدينة الاسكندرية وبدء حياته السياسية، وسفره الى الولايات المتحدة الأمريكية وحصوله على درجتي الماجستير والدكتوراة.

واليوم في الحلقة الثالثة نكتب قراءاتنا عما سجله عن أحلامه التي وجدها في السيرة الذاتية الكفاحية للقس مارتن لوثر وتأثره بخطابه التاريخي " لدي حلم" I have a dream، كما يتحدث عن تأثره بالرئيس الأمريكي الشاب جون كنيدي وإغتياله، وارتباط ذلك بوصية والده له حين بلغ الثانية عشر من عمره" عليك بالدفاع عن الحق والوقوف بجانبه مهما كان الثمن"، ويقول أن هذه التأثيرات قد وظفها في كتابته لخطاب الرئيس ياسر عرفات في خطابه التاريخي أمام الأمم المتحدة 1974م.

وأما عن التحاقه بحركة فتح، وقيامه بتنفيذ كافة المهام التي أوكلت له، يقول أن انطلاقته في العمل السياسي الطلابي كانت في أمريكيا، وأن ابن عمته "زهير العلمي" هو أول من قام بتنظيمه في حركة فتح وتعريفه أن شعار فتح "النضال طريق التحرير" وأن حصوله على العضوية في الحركة جاء بعد مرحلة إختبار، نجح فيها وعرف من زهير لاحقا أن مؤسس وقائد ورئيس الحركة هو ياسر عرفات "مستذكرا والده أن ياسر عرفات "رئيس فلسطين القادم"، ويكتب في مذكراته ان بداية عمله في الحركة كانت في المجلة التي عبرت عن رؤية وأفكار حركة فتح "فلسطيننا:نداء الحياة" حيث عمل مندوبا لها أثناء دراسته في أواخر العام 1959 بأمريكا، وقد أدى قسم الانتماء والالتزام للحركة أمام مسؤوله الحركي الأول زهير العلمي، الذي تحدث عن سرية الحركة وأن وسيلتها الكفاح المسلح باعتباره الطريق الحقيقي الفاعل والوحيد لتحرير فلسطين.

ويذكر أن انطلاقته الحركية السياسية القوية كانت في أغسطس 1963م، وقد دخل المعترك السياسي من خلال رئاسته لمنظمة الطلاب العرب في الولايات المتحدة الأمريكية، وعمل على تشكيل  تحالف فتحاوي ناصري قوي، ومتصديا للعبثيين ومنتصرا عليهم، وان أول مهمة كُلف بها في الحركة كانت ترجمة بياناتها ونشرها وتوزيعها، ومقابلته للوفود الأوروبية والضيوف الأجانب وتعريفهم بعدالة القضية الفلسطينية.

وعن تجربة الثورة الجزائرية واستقلالها ودورها في نجاح الثورة الفلسطينية، يذكر أن انطلاقة حركة فتح كانت من وحي الثورة الجزائرية الناجحة، وقد قدمت بعد استقلالها أول دعم سياسي لفتح، وقد فتح فيها أول مكتب وابواب التدريب والكلية العسكرية لكوادر حركة فتح، بينما جاء اول دعم عسكري من سورية وفتح في شرق مخيم اليرموك اول قاعدة عسكرية للثورة الفلسطينية في 1965م، وانطلقت العمليات العسكرية الفلسطينية من الحدود السورية ضد اسرائيل، ويعتبر أن انطلاقة فتح في الـ1965 كانت انطلاقة رمزية وأن الانطلاقة العسكرية الحقيقة قد انطلقت في معركة الكرامة 1968م ودخول الآلاف من المتطوعين من العرب والفلسطينيين للانضمام الى تنظيم حركة فتح وممارسة الكفاح المسلح.

يسجل الدكتور نبيل شعث في مذكراته ان اتفاق القاهرة بين م.ت.ف ولبنان في 11/1969 سمح للكفاح المسلح الفلسطيني ان ينطلق من الأراضي اللبنانية موجها لاسرائيل، وتبع ذلك اعتراف لبنان سياسيا بالمنظمة، واحتضان الشعب اللبناني للثورة الفلسطينية، كما لم يفعل شعب آخر في تاريخنا المعاصر، ويسجل لعبد الناصر قيامه بالدور المركزي الرئيسي لشرعنة هذا الكفاح المسلح وفتح ابواب موسكو للقائد ياسر عرفات ، وتلا ذلك إعلان السوفيت ان فتح حركة تحرر وطني وان الفلسطينيين شعب له الحق في تقرير المصير، ومن هنا بدأت اسرائيل في اعتبار م.ت.ف خطرا جسيما وان حركة فتح باتت تشكل ظاهرة تهددها.

ويقول أنه كان أثناء دراسته في أمريكا يرفض التجنس، وزواج العرب من أمريكيات، لكي لا يؤثر هذا على فكرة العودة للوطن، ولكنه لاحقا اقتنع أن القضية الفلسطينية صعبة وطويلة الأجل، وان هجرة العقول لها أكثر من سبب ولا يتركز في التجنس والزواج فقط.

ويذكر أنه من البدايات الأولى فكر في حلول للقضية الفلسطينية وكان يمتلك الشجاعة للتعبير عن أفكاره التي طرحها لاحقا في كثير من المناسبات والمؤتمرات سواء على مستوى العلاقات والأفراد أو في اجتماعات ومؤتمرات حركة فتح، والفكرة تتمثل في أن الحل الممكن يتمثل في إقامة الدولة الديمقراطية الفلسطينية اللاطائفية التي تضم المسلمين والمسيحيين واليهود، حيث يقول أن مشكلتنا ليس مع اليهود بسبب دينهم ولكن مشكلتنا مع الاحتلال الإسرائيلي والصهاينة من اليهود، ومارس وفق كل ذلك العدالة التدريسية فلا يذكر في مراحل دراسته أو تدريسه بالجامعات أن قام بالتمييز بين طلابه على أساس العرق او الدين او المذهب او الطائفة وكان دوما ناجحا ومحبوبا من طلابه الأجانب والعرب.

يتبع في الحلقة الرابعة ..