صاروخ مكة

صاروخ مكة
بقلم: عبد الله عيسى
رئيس التحرير 


كنت أعتقد أن مرحلة شنيعة من التاريخ الإسلامي قد طويت، والتي تمثلت بقصف مكة المكرمة والكعبة المشرفة على يد الحجاج بن يوسف الثقفي في إطار الحرب التي دارت بين الخلافة الأموية في دمشق وعبد الله بن الزبير نجل أسماء بنت أبي بكر.

وفي حينها، وبعد أن نصب الحجاج المنجنيق على جبل مقابل مكة، ذهب عبد الله بن الزبير إلى والدته أسماء بنت أبي بكر، وقال لها: "خذلني الناس حتى أهلي وولدي، وأخشى إن خرجت لهم أن يمثلوا بجسدي فقالت مقولتها الشهيرة: (أخرج إليهم.. إن الشاة لا يضيرها سلخها بعد ذبحها، وخرج إليهم فقُتل).

وأمر الحجاج بن يوسف الثقفي بصلب عبد الله بن الزبير، بعد أن قطع رأسه وأرسله إلى الخليفة الأموي، وقال لن أسمح بدفنه إلا إذا توسلت لي أسماء بنت أبي بكر.

وبعد أيام ذهبت أسماء بنت أبي بكر إلى حيث كان ولدها مصلوباً، وقالت مقولتها الشهيرة أيضاً، (أما آن لهذا الفارس أن يترجل)، وبلغت مقولتها الحجاج، فقال: (لا أنتظر من أسماء بنت أبي بكر أكثر من هذا، وأمر بدفن عبد الله بن الزبير).

وكان عبد الله بن الزبير من أكثر الناس تقوى وورعاً، حيث كان يصلي في ساحة الكعبة المشرفة، والطيور تستقر على كتفيه ولا تنفر منه لكثرة خشوعه.

بعد هذه الحادثة التي رواها التاريخ، وبعد الفعل الشنيع الذي أقدم عليه الحجاج بن يوسف الثقفي، كنا نظن أن الصفحة قد طويت، وأن زمن الاعتداء على الكعبة المشرفة قد ولى إلى غير رجعة، وأنه لا يوجد بيننا من يتجرأ على بيت الله الحرام والكعبة المشرفة، وكنا نعتقد أن الناس تخشى أن تؤذي قبر ولي من أولياء الله الصالحين، فكيف بالكعبة المشرفة ومكة المكرمة؟

حتى إن الحادثة التي رواها الرسول صلى الله عليه وسلم، عن قيام رجل من الحبشة بهدم الكعبة ونهب محتوياتها وكنوزها فإن ذلك يتم في آخر الزمان، وقبل قيام الساعة، ومن فضل الله تعالى، أن الله يكون قد قبض أرواح كافة المسلمين في كافة أنحاء العالم، فلا يشهد أي مسلم هذا الحادث المؤلم.

ومؤخراً، تعرضت مكة المكرمة لقصف بصاروخ "سكاد" انطلق من اليمن على يد جماعات الحوثي وعلي عبد الله صالح، ولم نفهم الغاية السياسية والعسكرية من هذا القصف الصاروخي، حيث لم تحقق جماعات الحوثي من هذه العملية سوى استنكار العالم الإسلامي كله.

إننا نتمى على جامعة الدول العربية، أن تشكل وفداً عربياً للتدخل لدى دول الخليج واليمن لنزع فتيل الحرب، بدلاً من استمرار محاولات جماعة الحوثي وعلي صالح استفزاز مشاعر المسلمين في كافة أنحاء العالم.

التعليقات