لا يجوز شرعًا .. نشر صور الموتى أو المرضى عبر مواقع التواصل.. آفات خطيرة تنشر الفساد وتكشف الأعراض

لا يجوز شرعًا .. نشر صور الموتى أو المرضى عبر مواقع التواصل.. آفات خطيرة تنشر الفساد وتكشف الأعراض
خاص دنيا الوطن- عمر اللوح 
لا يزال أيمن يتذكر عندما نشرت صورة لوالدته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" قبل عام تقريباً قبل دخولها غرفة العمليات، وهي ممددة على السرير، مما أظهر جزءاً من عورتها ولم يكن يعرف ذلك إلا عندما أوعز له بعض الأصدقاء، مما دفعه الى حذف الصورة بعد مرور ثلاثة أيام على نشرها.

ويقول أيمن لــ " دنيا الوطن" إن ما دفعنا لنشر صورة والدتي هو من أجل التعاطف مع حالتها الصحية والدعاء لها بأن يشفيها الله تبارك وتعالى من المرض، وأن تعود بصحة وعافية كما كانت بالسابق، خاصة أن عمليتها كانت لاستئصال ورم حميد، ولم أكن أعرف أن جزءاً من جسمها قد ظهر بالصور لأنها كانت في حالة إرباك وإحباط بسبب ما كانت تعاني منها والدتى. 

 ويكمل أيمن، ولكن بعد خروج والدتي من العملية وتعافيها من الألم فتحت صفحتي عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك لأشكر كل من دعا لها فوجدت عدداً من الرسائل من الأصدقاء تدعوني لحذف تلك الصورة لإظهار شيء من عورتها، فما كان مني إلا أن حذفتها، مشيراً إلى أنه أيقن أنه أخطأ خطأً كبيراً ولا يجوز شرعاً لأن الصورة كشفت جزءاً من العورة. 

ويشار هنا إلى أن الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ينشرون صوراً لأشخاص من الأصدقاء والأقارب، ممن يكون قد تعرض لحادث سير أو سيدخلون غرفة العمليات لإجراء عملية جراحية أو هم تحت العملية، أو ممن ماتوا وتكون تلك الصور قد كشفت عورة ذلك الشخص، وخاصة إذا كانت فتاة، ويكون بذلك وقع في محظور شرعي، مما يسبب العديد من المشاكل.

سببت مشاكل

لم يكن أيمن وحده الذي وقع في الخطأ، بل كان خليل أيضاً وهو يقول لــ" دنيا الوطن" نشرت مجموعة من الصور لصديقي قبل دخوله غرفة العمليات بعدما تعرض لحادث سير مروع بعد اصطدام دراجته النارية بشاحنة كبيرة، مما تسبب بكسور في قدميه ويديه بالإضافة إلى أن جسده كان ممتلئاً بالدماء فقمت بنشر أربع صور له على "الفيسبوك" وهو بحالة سيئة. 

وبعد خروجه من المستشفى وجد تلك الصور منشورة، مما أزعجه وسبب له إحراجات كثيرة.
ويتابع مما دفعه للاتصال بي وحدث مشادة كلامية بيننا، وقمت فيما بعد بحذف الصور، ويكمل خليل قصته لــ "دنيا الوطن" تسبب هذا الأمر بقطيعة بيننا ثم تطور الأمر وأخذت منحنى أكبر من خلال نشره بعض منشورات على "الفيسبوك" يشتمني بها. 

ويواصل شعرت بالندم لنشري تلك الصور، وحاولت إصلاح العلاقة بيننا ولكن بلا جدوى بعد أن كنا صديقين لسنوات طويلة تنتهي العلاقة بنشر صورة وبعد استمرار القطيعة لعام ونصف تدخل أحد الأخوة الأفاضل وأعاد الأمور لطبيعتها ووجه خليل رسالة عبر "دنيا الوطن" مطالباً فيها بعدم نشر صور أحد بطريقة غير لائقة ولا حضارية ولا تمت لأخلاق الإنسان بصلة، حتى لا يقع في مشاكل هو في غنى عنها، بالإضافة إلى أنها تتنافى مع الشريعة الإسلامية.  

ثقافة دخيلة

ويرى محمود الجمل، أن نشر مثل هذه الصور يتنافى تماماً مع الدين الإسلامي الحنيف، متابعاً في بداية الأمر كان بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي ينشرون صورة الشخص الميت أو المصاب أو من ينوي الدخول لإجراء عملية جراحية وتكون شكل تلك الصورة غير لائق وهذا باعتقادي لا يجوز.  

ويستدرك الجمل بالقول: بداية نشر مثل هذه الصور كانت بشكل مخجل من ناشرها ولكن مع مرور الوقت أصبحت عادة لدى الكثير ويضيف هذه الظاهرة لها دلالات ونكسات كبيرة في المستقبل القريب بحيث تصبح ثقافة دخيلة على المجتمع الفلسطيني، مشيراً إلى أنها لا تمت للأخلاق بصلة.  

وأردف الجمل قائلاً: نشر تلك الصور يجب أن يستند إلى قاعدة أخلاقية بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية، ويكون ذلك من خلال نشر تغريدة نعي الميت أو الدعاء للمريض بالسلامة دون نشر أي صورة له وهو على سرير الموت أو عند دخوله العملية وخاصة إذا كانت امرأة.

غباء

في حين يرى أحمد النخال، أن نشر صور الموت أو المرضى بصورة مخلة يعتبر من أكبر أنواع الغباء لدى الشخص الذي يقوم ينشر تلك الصورة، ويعتبر النخال أن هذا الأسلوب من الفضول وحب الشهرة الزائدة، حيث يريد ذلك الشخص من نشر تلك الصورة نوع من الشهرة ولا يعنيه حرمة الشخص الذي نشر صورته.

ويكمل النخال لــ "دنيا الوطن" أن هذا الأسلوب الذي يتبعه العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي يجب أن يتوقف لأجل احترام حرمة الميت أو المريض، مبيناً أن هذا الفعل يعتبر من العادات السيئة في المجتمع ومنافية للأخلاق والآداب العامة.

لا يجوز شرعاً ولكن

من جانبه، أوضح أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر بغزة الأستاذ الدكتور مازن صباح، أنه لا يجوز شرعا نشر صور أشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي ولا حتى غيرها بصور مخلة تظهر عورة الإنسان، حيث لوحظ في الآونة الأخيرة نشر صور لأشخاص موتى أو آخرين عند دخولهم لإجراء عملية الجراحية، ما أدى إلى إظهار شيء من عوراتهم فهذا حرام. 

 ويضيف إن الله تبارك وتعالى قال في كتابه العزيز: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ" وتكريمه في حياته ومماته، فيجب علينا أن نظهر الإنسان بأحسن صورة له لا بأن يكون وهو على سرير الموت أو إظهار جزء من العورة له فهذا ينافي تعليم الدين الإسلامي  من منطلق القرآن الكريم والسنة النبوية. 

ويستدرك الدكتور صباح بالقول: لــ "دنيا الوطن" لذلك يقع الكثير من الناس في أخطاء بسيطة، حيث يعتقد البعض أنه عندما ينشر تلك الصورة تكون بطريقة عفوية ولا يعرف العقوبة الشرعية من ذلك فلذا ينبغي على جميع رواد مواقع التوصل الاجتماعي وغيرهم عدم نشر تلك الصور بتاتاً لأي شخص صورة مخلة.

ويواصل الدكتور صباح حديثه قائلاً: ولكن إذا نشرت تغريدة تدعو إلى الدعاء للميت أو المريض دون نشر صور له وهو على سرير المرض أو داخل غرفة العمليات فهذا لا حرج فيه، وأفاد وحتى إذا نشرت صور الشخص ولكنها تكون صور جميلة غير التي تظهر أنه ميت أو في غرفة العمليات فلا حرج في ذلك أيضاً.