هيلاري كلينتون: الرئيس الأمريكي المقبل

هيلاري كلينتون: الرئيس الأمريكي المقبل
ناجح شاهين

ليس من السهل أبداً التنبؤ ب "المزاج" الشعبي في آخر لحظاته. لكننا منذ البداية توقعنا أن الحزب الديمقراطي سيرشح هيلاري بينما سيرشح الحزب الجمهوري ترامب. اليوم نرجح بقوة أن كلينتون هي الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة الأمريكية. لماذا؟
بسرعة نقول إذا تساوت كل النقاط –ونزعم أنها متساوية- فإن كلينتون ستفوز بسهولة لأنها امرأة؛ لأنها المرأة الأولى التي ستدخل البيض الأبيض رئيساً لا زوجة للرئيس. لقد "أنجزت" الولايات المتحدة "شكلياً" مساواة السود عن طريق وصول خريج هارفارد الأسمر ميشيل حسين أوباما إلى البيت الأبيض في تمثيلية هزلية لتحقيق السود "أخيراً" أكبر رمزية شكلانية للمساواة، ألا وهي الوصول إلى الرئاسة ذاتها.
الآن الولايات المتحدة لم يبق لديها ما ينتقص من جمال لوحة الديمقراطية الأعرق في العالم الحديث إلا عدم وجود امرأة في منصب الرئيس. ولا بد أن هذا الأمر يلهب الآن خيال الناس البسطاء في نواحي القارة الواسعة المترامية الأطراف التي تدعى الولايات المتحدة. لكن كلينتون نفسها تمتاز بأمور واضحة في نظر الجمهور تجعلها جذابة على نحو لا يستهان به:
1. كلينتون تتمتع بجاذبية جمالية واضحة منذ كانت زوجة البلي بوي PLAYBOY بيل كلينتون، كانت شريكته الشابة الحسناء على امتداد فترتي رئاسته وما قبلها.
2. كانت هيلاري ضحية نزوات الفتى الوسيم اللعوب "بيل". ولكنها تحملت من "أجل العائلة"، أو هذا ما يحب الأمريكي العادي أن يصدقه، على الرغم من أن "الخبراء" يعرفون أنها تحملت الإهانات المختلفة من أجل أن لا تخسر امتيازات "شراكة" شخص "ناجح" مثل "بيل".
3. تمثل هيلاري نجاح المرأة الأمريكية أكاديمياً وسياسياً، وتعبر عن طموحات "اليسار الليبرالي النسوي" في حصون الشمال الأكاديمية خاصة من قبيل كولومبيا وهارفارد وبرنستون وبنسلفانيا. ولذلك تتلقى بالطبع مساندة غير مشروطة هنا، خصوصاً أنها تواجه شخصاً يتفوق في رعونته حتى على جورج بوش الابن نفسه.
لكن الأمر لا يقتصر على ذلك بل يتجاوزه إلى مستوى التحالفات العميقة مع رأس المال الضخم الذي يدير المجمع الصناعي العسكري: كلينتون لا تخفي أبداً غزلها الصريح الموجه نحو هذا الفريق الذي يقرر شروط اللعبة الان أكثر من غيره على ما يبدو، وذلك بوعدها الواضح بمواصلة الحرب المقدسة ضد "الإرهاب" إلى أن يأذن الله أمراً كان مفعولاً. وهذا بالطبع يشكل استمراراً لوصفة الرئيس الأسمر الحاصل على جائزة نوبل بأن تشن الحرب على داعش والإرهاب عموماً مدة تزيد على ثلاثين سنة. ويبدو لنا في هذا السياق أن وصفة الحرب في هذا العصر "الحزبي" هي من نصيب الحزب الديمقراطي ربما لأن الحزب الجمهوري الذي يستند بوضوح أكبر إلى مجمعات رأس المال النفطي من بين مجمعات أخرى ليس تواقاً إلى المزيد من الحرب، ويبدو أنه في حاجة الآن إلى استراحة ما تسمح ببيع الغنائم التي تم الاستيلاء عليها بجهود بوش المباشرة ثم بجهود الإسهام في مشروع الربيع العربي بشكل مباشر أو غير مباشر.
هيلاري كلينتون هي الشقراء الناعمة اللطيفة الذكية الناجحة الجذابة، رمز النسوية، ورمز المحافظة الأسرية، وأمل المجمع الصناعي العسكري، وأخيراً عاشقة "إسرائيل" التي سترمم ما ألحقه أوباما من أذى مزعوم بعلاقات الولايات المتحدة "إسرائيل".
هيلاري ستفوز بالضربة القاضية على ترامب الغوغائي الذي لا يعرف حتى كيف يكون متطرفاً. مبروك للولايات المتحدة رئيساً ناعماً أخر على طريقة أوباما، ومنظفات الغسيل القوية: ناعم "على" الإعلام، شديد ومتوحش وفعال ضد العرب والروس والصينيين والفقراء داخل بلاده وخارجها.