أهالي مبعدي كنيسة المهد يتذكرون أبناءهم ويطالبون بعودتهم

أهالي مبعدي كنيسة المهد يتذكرون أبناءهم ويطالبون بعودتهم
مبعدي كنيسة المهد
خاص دنيا الوطن - ديانا قطوش 
بدأت حكاية الإبعاد انطلاقاً من هذا التاريخ الذي مثل تغييراً جذرياً على حياة 39 فلسطينياً، وجدوا أنفسهم في رقعة أخرى من هذه الأرض، حيث لا حول لهم ولا قوة، رقعة بعيدة عن مسقط رأسهم، بعيدة عن أسرهم عن أرضهم عن ذكرياتهم، إنهم مبعدو كنيسة المهد الذين تشتتوا بين قطاع غزة، وبعض الدول الأوروبية.

 جاء هذا الإبعاد وفقاً لاتفاقية فلسطينية إسرائيلية نصت على إبعادهم لمدة عامين، من أجل إنهاء حصار كنيسة المهد وسط بيت لحم الذي استمر نحو 40 يوماً، فكانت الكنيسة ملجأ للمقاومين الذين احتموا وتحصنوا فيها، في الوقت الذي شن فيه الاحتلال حربه على مدينة السلام والمحبة وفرض حصاراً خانقاً وهو ما عرف باجتياح الأربعين يوما، أو عملية "السور الواقي " في ربيع عام 2002.

 مضى أكثر من أربعة عشر عاماً على الغياب والإبعاد وطال الغياب، ومضت السنون سنة تلو سنة لكن أمل العودة والرجوع لم ينضب أو يجف. 

" يا رب أشوف ابني قبل ما أموت، مضلش بالعمر قد ما مضى" بهذا الدعاء والكلمات المحملة بالأماني بدأت الحاجة فتحية كنعان (70 عاماً) حديثها مع "دنيا الوطن" حيث امتلأت عيناها بالدموع المحملة والآلام والآهات، تحمل بين يديها المرتعشتين صورة لفلذة كبدها فتحي كنعان المبعد إلى قطاع غزة. 

عبرت الحاجة فتحية عن اشتياقها الكبير لابنها فهمي حيث إنها لم تره منذ 8 سنوات، فسلطات الاحتلال لم تسمح لهم بزيارته عن طريق معبر إيرز سوى مرتين وبعدها لم تمنحهم تصاريح دخول إلى قطاع غزة، مشيرة إلى أنها لا تستطيع الوصول إلى القطاع عن طريق مصر بسبب تقدمها بالعمر وصعوبة ومشقة الرحلة والسفر.

 ولم تكف والدة المبعد كنعان، عن الدعاء والصلاة إلى الله بأن يعود فهمي والتي وصفته بالابن البار إلى حضنها مضيفة "نرجو من الله عودة ابني، بكفي غياب ونناشد كل من يملك حلاً لهذه القضية بأن يحل  قضية المبعدين ومنهم ابني كنعان وتأمين عودتهم إلى بيوتهم وإلى عائلاتهم". 

 ووجهت كنعان مناشدة خاصة للرئيس محمود عباس من أجل التدخل لحل قضية المبعدين وعودتهم، موضحة "أريد الاطمئنان على ابني سواء بعودته إلى بيت لحم أو إلى الأردن لكي أتمكن من زيارته ورؤيته". 

وقالت الحاجة فتحية " أولادنا لم يقترفوا جريمة وليسوا إرهابيين حتى يبقوا 14 عاماً بعيدين عنا، 14 عاماً مضت وكل الوعود لم ترجع ابني إلى بيته".
ومن جانبها، أشارت المواطنة عواطف كنعان زوجة المبعد كنعان، إلى حجم المعاناة التي تمر بها وأولادها الستة بالانتقال من بيت لحم إلى قطاع غزة سواء كان تعبا جسديا، أو إنهاكاً مادياً للأسرة، مما اضطرها إلى بيع ممتلكات العائلة الشخصية من مصاغ ذهبي من أجل تغطية مصاريف السفر.

 وأضافت المواطنة كنعان، نحن قلقون على حياة فهمي فهو يعاني من وضع صحي صعب، حيث أجريت له عملية قلب وتغيير شرايين وصمامات، بالإضافة إلى أنه يعاني الآن من مشاكل بالغة بالغضروف".

 وتناشد السيدة كنعان سيادة الرئيس أبو مازن من أجل إيجاد حل لقضية المبعدين، ولو كان أبسطها انتقال الزوج للعيش بالأردن، موضحة أن كنعان انتقل على مسؤوليته الشخصية إلى مصر بتاريخ 15-10-2016.

 وبينت المواطنة عواطف أن فهمي ومبعدي كنيسة المهد تعرضوا لكل أشكال المعاناة والعذاب خلال الـ 14 سنة الماضية خصوصاً خلال الحروب المتتالية التي شنت على قطاع غزة خلال أعوام 2008 و2012 و2014 ناهيك عن معاناة الانقسام والحصار وتأثير كل هذه الظروف عليهم.
وإلى الجنوب من محافظة بيت لحم وتحديداً في مخيم العروب للاجئين، حيث تقطن عائلة االمبعد إلى قطاع غزة مؤيد جنازرة.

 من لجوء إلى لجوء ومن معاناة إلى آهات وعذابات تعيشها عائلة جنازرة مع استمرار إبعاد ابنها مؤيد، تقف أم مؤيد أمام صورته وفي قلبها الكثير من الحسرة والوجع على فراق ابنها الذي أبعد عن بيته وعائلته ولم يتجاوز 18 عاماً وكان أصغر المبعدين.

 تقول والدته في حديث لمراسلة "دنيا الوطن"، أضحت قضية المبعدين قضية منسية، نحن نعيش حالة من الإحباط والحزن على غياب مؤيد فنحن لم نره إلا مرة واحدة، لكنه اليوم تزوج وأنجب أطفالاً ولم نستطع رؤيتهم، أطفاله لا يعرفوننا ولم نلتق بهم".

 وتضيف "مضى 14 عاماً ونحن ننتظر عودتهم لكن لا أحد يعمل من أجل عودة أولادنا إلى بيوتهم الكل يتحدث ويتحدث بدون فعل، نحن فقط من يشعر بألم الفراق". وتطالب والدة جنازرة بضرورة التحرك من أجل حل قضية المبعدين، الذين أبعدوا ظلما مطالبة كل المسؤولين والمؤسسات والهيئات ذات العلاقة بالتدخل. 

وبدورها، تشتكي أمجاد جنازرة، أخت المبعد جنازرة، من سوء الأوضاع الاقتصادي والحياتية التي يعيشها شقيقها الموجود في غزة، خصوصاً أن راتبه الذي يتقاضاه من السلطة الوطنية لا يكفي فهو متزوج ولديه 4 أطفال. 

وتشير أمجاد إلى معاناة زيارة مؤيد في قطاع غزة، لاسيما أنه يتطلب ذلك الحصول على تصاريح خاصة تسمح لهم بالسفر مروراً بالأردن ثم مصر وصولاً إلى قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي، "هذه رحلة شاقة ومكلفة جداً، أخر زيارة كانت في عام 2010، ومنذ ذلك التاريخ لم نحصل على أي تصريح يسمح لنا بزيارته".

 وتؤكد أمجاد جنازرة، أن هناك غياباً إعلامياً كبيراً عن قضية المبعدين.

ومن جهته، قال راعي كنيسة المهد للروم الأرثذوكس الأب عيسى ثلجية: إن كنيسة المهد هي كنيسة للجميع، فهي مهد المسيح عليه السلام،  تستقبل الجميع مسيحياً كان أو مسلماً وهي كنيسة المحبة والسلام.

ويضيف الأب عيسى أنه وأثناء الحصار المفروض على مدينة بيت لحم  كانت الكنيسة هي المكان الوحيد الذي يستطيع المقاومون الاحتماء به،  حيث أصبح المسلمون والمسيحون يداً واحدة داخل الكنيسة، حيث عمت أجواء التآخي داخل الكنيسة فهم تجمعوا بمكان واحد إن كان بالصلاة أو العبادة أو الحياة الاجتماعية التي كانت موجودة بالكنيسة.

ويؤكد الأب ثلجية على ضرورة حل قضية المبعدين، وعودتهم إلى البلاد فهم الذين دافعوا وضحوا وقاوموا لتبقى  فلسطين حرة.