هدم المنازل وطرد العوائل.. محنة نازحي كركوك

هدم المنازل وطرد العوائل.. محنة نازحي كركوك
عناصر من الجيش العراقي
رام الله - دنيا الوطن
ألقت عملية الاقتحام التي نفذها مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية الجمعة الماضية لأحياء واسعة بمحافظة كركوك شمالي العراق، بظلالها سلباً على النازحين الفارين من محافظات الأنبار (غرب)، وصلاح الدين ونينوى (شمال)، إلى جانب العرب من أهالي المحافظة.

التداعيات هذه تزامنت مع تحذيرات صدرت من الأمم المتحدة الأربعاء الماضي من أن معركة الموصل قد تنجم عنها أزمة نزوح هي الأكبر خلال السنوات الأخيرة.

فعلى مدى الأيام الثلاثة الماضية تحدثت تقارير محلية عن قيام قوات "الأسايش" الكردية بحملة واسعة لطرد النازحين وغالبيتهم من العرب السُنة من المحافظة على خلفية أحداث الجمعة.

ما تناقلته التقارير المحلية، أكده مسؤول تركماني اليوم، الأربعاء، والذي أشار إلى تلقيه شكاوى عديدة من نازحين تركمان تلقوا أوامر بترك المحافظة.

وقال حسن تورهان عضو المكون التركماني في البرلمان العراقي، لـ"الأناضول"، "وصلتني خلال الأيام الماضية شكاوى عديدة من نازحين تركمان من قضاء تلعفر ويتواجدون في كركوك، بتلقيهم أوامر من القوات الأمنية بترك المحافظة بسبب الأحداث التي شهدتها كركوك".

وأضاف تورهان "الموضوع سنعرضه كمكون تركماني على رئيس البرلمان سليم الجبوري اليوم خلال زيارته إلى المحافظة لاتخاذ الإجراءات اللازمة".

وتابع: "تهديد النازحين بترك المحافظة أمر مرفوض".

ويتواجد نحو 600 ألف نازح في محافظة كركوك غالبيتهم من العرب السُنة فروا من مناطق جنوب كركوك الخاضعة تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية ، ومحافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار.

وشّن مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية بينهم انتحاريون وقناصون، الجمعة الماضية هجمات منسفة على ، مديرية شرطة كركوك، ومركز شرطة العدالة، ومركز شرطة دوميز، ومقر حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ومحطة كهرباء الدبس.

الجبوري يرفض

من جهته، عبّر سليم الجبوري رئيس البرلمان العراقي، الاربعاء، عن رفضه لـ"عمليات" هدم المنازل وطرد العوائل من المحافظة".

وقال الجبوري خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده بمبنى محافظة كركوك الذي وصلها صباح اليوم، إن "إدارة كركوك (المحافظ) لم تصدر أي قرار بهدم المنازل أو ترحيل النازحين، لكن عمليات هدم المنازل وطرد الأسر غير مرضية ولا يمكن القبول بها".

وأضاف الجبوري أن "المحافظات التي استقبلت النازحين سيكون لها الأولوية بدعمها ضمن الموازنة الاتحادية للعام المقبل".

وأشار إلى أن "قضية النازحين قضية وطنية ولا يمكن لأي طرف أن يتخلى عن مسؤوليته تجاهها".

وتابع الجبوري: "أبناء كركوك بكافة أطيافهم ومكوناتهم وقفوا بوجه الهجمة الإرهابية الأخيرة التي شهدتها المحافظة وتعاونهم المثمر مع الأجهزة الأمنية فيها".

بدوره، قال شوان طه عضو كتلة التحالف الكردستاني، الأربعاء: "ماحصل في كركوك على مدى الأيام الماضية يتعلق بإجراءات أمنية لحماية المحافظة بعد الهجوم الذي شنه تنظيم الدولة الإسلامية .

وأضاف طه لـ"الأناضول": "لا وجود لعمليات تهجير قسري من كركوك تطال العرب السنة أو النازحين المتواجدين في المحافظة، ودليل ذلك أن محافظات الإقليم استقبلت مئات الآلاف من النازحين من العرب السنة وحتى الآن هم يتواجدون فيها دون أي معوقات".

وتابع: "ماحصل في كركوك خلال الأيام الماضية هو إعادة تنظيم أمني لوضع النازحين، أعداد النازحين في كركوك كبيرة، وهناك عدم تنسيق مع الأجهزة الامنية بخصوص أماكن تواجد النازحين وأعدادهم".

وأكد طه أن "بعض الأطراف صعدت من الموضوع لأهداف سياسية".

وتسيطر قوات (البيشمركة) التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني، وقوات (الأسايش) التابعة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، على محافظة كركوك التي يقطنها خليط من الكرد والتركمان والعرب.

وفيما تخلو كركوك من أي قوات تتبع الجيش أو وزارة الدفاع العراقية، تسيطر قوات البيشمركة على محيط المحافظة التي يقطنها خليط من الكرد والتركمان والعرب، وداخلها تنتشر الشرطة الاتحادية وقوات "الآسايش" (قوات الأمن التابعة للإقليم الكردي).

وتعتبر كركوك من المناطق المتنازع عليها بين بغداد والإقليم الكردي بحسب المادة 140 من الدستور العراقي.

معركة الموصل

ومع دخول معركة الموصل يومها العاشر تزداد المخاوف وتتصاعد التحذيرات تجاه مأساة النازحين المتوقعة في العراق، قالبلد الذي يعاني من 3.3 مليون نازح يشكلون عشر سكان البلاد ينتظر نحو مليون نازح أو أكثر من سكان الموصل خلال الأيام والأسابيع القادمة.

قالت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية اليوم الاربعاء إن نحو 10 آلاف شخص نزحوا من مناطق سكناهم منذ بدء الحملة العسكرية لاستعادة مدينة الموصل (شمال) من تنظيم الدولة الإسلامية .

وفر النازحون من المناطق التي جرى استعادتها من قبل القوات العراقية والكردية من تنظيم الدولة الإسلامية في محيط مدينة الموصل على مدى الأيام العشرة من الحملة العسكرية.

وقالت وزارة الهجرة في تصريح صحفي تلقت الأناضول نسخة منه، إن "آخر احصائية للنازحين من الاقضية والنواحي والقرى التابعة لمحافظة نينوى منذ انطلاق عمليات تحريرها بلغت 9795 آلاف نازح وبواقع 1670 الف عائلة نازحة".

وأضافت الوزارة انها وزعت النازحين على مخيمات جدعة في القيارة (60 كيلومترًا جنوب الموصل)، ديبكة في قضاء مخمور (نحو 50 كيلومترا جنوب شرق الموصل)، الخازر (37 كم شرق الموصل) ومخيم زيلكان في قضاء الشيخان على بعد 45 كيلومترًا شمال الموصل.

وأشارت إلى أنها اتخذت التدابير اللازمة لإيواء النازحين واحتواء أزمة النزوح حال تدفق أعداد كبيرة.

وتقول الوزارة إنها هيأت مخيمات تستوعب 250 ألف نازح وإنها تنسق مع محافظة دهوك بإقليم الإدارة الكردية في الشمال لتشييد 12 ألف وحدة أخرى لإيواء النازحين في منطقة النركزلية.

وفي 17 أكتوبر/تشرين أول الجاري، انطلقت معركة استعادة مدينة الموصل (مركز نينوى) من تنظيم الدولة الإسلامية، بمشاركة نحو 45 ألفاً من القوات التابعة للحكومة العراقية، سواء من الجيش، أو الشرطة، فضلا عن "الحشد الشعبي" (شيعي)، و"حرس نينوى" (سني) إلى جانب قوات البيشمركة وإسناد جوي من التحالف الدولي.

تحذيرات أممية

وفي 19 أكتوبر/تشرين أول الجاري حذرت الأمم المتحدة من أن عملية تحرير مدينة الموصل العراقية من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، قد تنجم عنها أزمة نزوح هي الأكبر خلال السنوات الأخيرة.

وقال المتحدث بخصوص العراق وسوريا في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ماثيو سالتمارش، في حديث للأناضول، إن العراق به 3.3 مليون نازح وهو ما يمثل عشر سكان البلاد.

وأضاف المتحدث أن منظمات المجتمع المدني تحذر من أن مليونا أو أكثر من سكان الموصل قد ينزحون عن ديارهم، متوقعا أن يصبح 700 ألف شخص في حاجة للمأوى والغذاء والماء والخدمات الطبية، في الأسابيع الأول من عملية تحرير الموصل.

وأفاد سالتمارش أن المفوضية أنشأت حتى الآن 5 مخيمات في محيط الموصل تسع لـ 45 ألف شخص، وتخطط لإنشاء 11 مخيما إضافيا خلال الأسابيع المقبلة، تتسع لـ 120 ألف شخص.

وقال إن المفوضية وشركاءها مستعدون لإنشاء مزيد من المخيمات على وجه السرعة، إلا أن المسؤولين العراقيين يقيدون وصولهم إلى الأراضي المناسبة لإنشاء مخيمات آمنة ومناسبة.

وأضاف أن المفوضية ستوفر كذلك 25 ألف خيمة تسع لـ 150 ألف شخص، لتوزيعها على العائلات التي تقيم خارج المخيمات.

وأفاد المتحدث أنه في حال توفر الموارد الكافية سيكون بإمكان المفوضية إيواء 570 ألف شخص.

وأشار أنه تم جمع 95 مليون دولار فقط من الميزانية التي حددتها المفوضية للموصل والتي تبلغ 196.2 مليون دولار.

وقال إن المفوضية تلقت معلومات بنزوح 350 عائلة مكونة من ألف و900 شخص، من قرية هود جنوبي الموصل، إلى القيارة وبإقامتها في إحدى المدارس هناك، مضيفا أن أعداد النازحين تتغير يوما بعد يوم.

وأعلنت منظمة الهجرة الدولية، أنها تقوم بإنشاء أماكن إيواء عاجلة لـ 70 ألف شخص في محيط الموصل.

ووفقًا لإحصاءات المنظمة فإن 10 ملايين شخص في العراق بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وتتخوف المنظمة من أن يصل هذا العدد بنهاية العام الجاري إلى 12 أو 13 مليونًا.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية أنها أنهت استعداداتها لتقديم المساعدات العاجلة والعلاج إلى 350 ألف شخص في الموصل.

وحذر المقرر الخاص للامم المتحدة المعني بالنازحين داخليا، شالوكا بياني، في وقت سابق، من أن مليون شخص سينزحون من الموصل بسبب عملية تحريرها من تنظيم الدولة الإسلاميةوفقا لأسوأ السيناريوهات، كما سيحتاج 700 ألف شخص للإيواء العاجل.

ودعا بياني جميع الأطراف المشاركة في العملية إلى احترام القوانين الدولية المتعلقة بجميع المدنيين خاصة النساء والأطفال وكبار السن والمعاقين، قائلا إن جميع المقاتلين المشاركين في العملية مجبرون على التقيد بالمعايير المتبعة في هذا الخصوص.

التعليقات