لماذا " تُزاحم" المرأة الفلسطينية الرجل في قيادة السيارة؟

لماذا " تُزاحم" المرأة الفلسطينية الرجل في قيادة السيارة؟
صورة توضيحيه
خاص دنيا الوطن - محمود الفطافطة
شهدت السنوات القليلة الماضية ارتفاعاً ملحوظاً ومتنوعاً في عملية إقبال المرأة الفلسطينية على تعلم قيادة المركبات الخصوصية، فضلاً عن نجاحها في اجتياز المتطلبات التي تؤهلها لأن تُصبح مدربة سياقة.

وفي الوقت الذي تناضل فيه المرأة في بعض دول العالم، لا سيما في عالمنا العربي، وتحديداً الخليجية منها، كالسعودية على سبيل المثال، للسماح لها بالحصول على رخصة سياقة، استطاعت المرأة في فلسطين تحقيق درجات مرتفعة في هذا المجال، وذلك بعد أن تفككت العديد من قيود المجتمع وعاداته والتي لا تنسجم مع الدين أو تتلاءم مع العقل والقانون.

اقبال غير مسبوق

فالمرأة الفلسطينية، حسب ما يشير نقيب مدربي السياقة بشير الشيخ، تستحوذ على ما بين (60-70%) من النسبة العامة للمتقدمين للحصول على رخصة قيادة السيارة، ويعزو الشيخ هذا الاهتمام النسوي إلى عدة أسباب، يجملها في ثلاثة: أولها: تصاعد نسبة التوظيف للمرأة في مجالات العمل المختلفة، وهذا ما يمكنها من الذهاب والإياب لمقر عملها أو غيره بنفسها، فضلاً عن استقلاليتها المالية التي تحفزها للإقدام على تدريب السياقة.

أما العامل الثاني، فيتمثل في انتشار واقتناء عائلات كثيرة للسيارات، الأمر الذي يؤدي إلى تشجيها في الخوض في هذا المجال، والسبب الأخير يكمن في(الغيرة أو التنافس الإيجابي) بين النساء،لا سيما بين زميلات العمل أو المهنة الواحدة.

تفوق نظري ومتوسط تطبيقي

ويصف الشيخ الذي يحاضر في علم السياقة (المرأة المتدربة) بأنها هادئة الطبع والحركات أثناء القيادة، وإن شابها بعض من الارتباك أو عدم الجرأة، مبيناً في الإطار ذاته أن المتدربات من النساء يتفوقن في عملية اجتياز الامتحان النظري (التؤوريا) في حين يُبطئن (نسبيا) في النجاح بامتحان العملي، وهذا مرده إلى افتقاد الكثير منهن مسبقاً إلى المعرفة أو المهارة في السياقة.

من جانبه يقول نائب مدير شؤون الفاحصين السابق يوسف الديك: إن ما بين (100-120) إمرأة من محافظة رام الله والبيرة يتقدمن شهرياً لتعلم السياقة، منهن (60%) يقطن الريف، علاوة على وجود أكثر من (40) امراة قد اجتزن امتحان خاص بمدربات السياقة، وهن الآن مؤهلات للقيام بهذا العمل، إلى جانب التحاق عدد آخر من النساء في دورات تدريبية تتعلق بهذا الشأن.

المتزوجات أكثر!

وبخصوص الحالات النسوية المتقدمة لتعلم القيادة، أوضح الديك أن النسبة الأكبر منهن متزوجات، والسبب يرجع إلى رغبة المرأة في الاستقلالية في الكثير من قضايا الحياة، ومسألة قيادة السيارة إحداها، إلى جانب التخلص من تعارض الوقت ما بين عمل الزوج وفترة احتياج الزوجة لقضاء حاجة عبر السيارة.

وبالنسبة إلى نوعية رخصة القيادة التي ترغب المرأة في حيازتها، يبين المهندس مروان عايش مدير مدرسة للسياقة، أن معظم النساء يتقدمن للحصول على رخصة قيادة لسيارة خصوصية نظراً لعملهن، مشيراً في الصدد ذاته إلى أن نسبة نجاح المرأة في الامتحان النظري تفوق 90%، بينما في الامتحان العملي فتقترب إلى (50%)، وهذا ناجم عن قلة التعليم المسبق ومشاعر الإرتباك التي تصاحب المرأة أكثر مما هو حاصل لدى الرجل.

لماذا يتدربن؟

وللمتدربات بالتأكيد قسط من الملاحظة بشأن هذه القضية، حيث ترى ربا عبد الكريم أبو سالم أن قيادة السيارة تمنح المرأة مزيداً من الثقة بنفسها والاحترام لمجتمعها الذي يشجع ذلك، منوهة إلى أن سبب تعلمها للسياقة يعود إلى بعد المسافة ما بين بيتها ومقر عملها.

أما نجود أبو خلف، فتذكر أن قيادة السيارة حق للمرأة كما هو للرجل، ومن الواجب أن تتعلم أعداد كبيرة من النسوة قيادة السيارة لما لذلك من أهمية قصوى في قضاء مستلزمات الحياة وتيسير أمورها.

وبهذا، فإن قيادة المرأة للسيارة حق لها، وفائدة للمجتمع، فكثيراً من النساء اللاتي يقدن سيارات كن سبباً في إنقاذ أرواح كادت تلفظ أنفاسها. 

كما أن العادات البالية التي كانت تنظر للمرأة بأنها خلقت للبيت وتلبية شؤون من فيه قد تراجعت كثيراً، لأن المفاهيم والأفكار لأبناء مجتمعنا تطورت بشكل واعٍ ومسؤول.