وظيفة شاغرة ..

وظيفة شاغرة ..
احمد حسن الزعبي

غار أبو يحيى من المحلات التموينية الضخمة و “المولات” الكبيرة بسبب ترتيب الرفوف وجمال عرض البضاعة وكثرة الموظفين الذين يقومون بعمليات ترتيب وتنظيف وتصنيف السلع على مدار الساعة ، فأراد أن يطوّر دكانه المتواضعة ويعيّن موظفاً لمساعدته في أمور المبيعات والتوزين ومسح علب السردين من الغبار وهو يتفرّغ شخصياً للتوجيهات الحكيمة والجلوس على “الكاش” رغم أن كل زبائنه يشترون بالدَّين..المهم كلما مرّ زبون عابر من أمام الدكان كان يسأله “مش خابرلي..أجير ابن حلال حاب يشتغل”..فيرد الآخر: ” والله غير أدوّر لك”..
خلال أيام قليلة ، البلد كلها صارت تعرف أن أبا يحيى يبحث عن أجير لدكّانه من وراء عبارة “مش خابرلي”..طبعاً لم يتحمّس أي من السامعين عن الوظيفة الشاغرة لأن أولاد البلد على دراية تامة أن الدكان بكل موجوداتها وبهاراتها ومعلباتها لا تكفي جائع واحد فكيف لها ان تحتمل موظف ومدير ومراقب وموجه وكاشير في نفس الوقت ، في نهاية الإعلان عن “مش خابرلي” حضر شاب وحيد ممن” لم يستكملوا متطلبات النجاح” في التوجيهي قاصداً ان يتم تعيينه في الوظيفة “العليا” لدى الخال “ابو يحيى”..
دخل الشاب الدكان نظر إلى زوايا المحل كان العنكبوت الذي يتربع فوق نصبات البقالة تقريباً من نفس جيل الحجي ويحمل نفس الطباع فلا خيوط ولا شباك “عواطلي شيلة بيلة” ..نظر الفتى إلى أباريق الوضوء المغبرة..والى أكياس البقوليات المتقاعدة..ثم سلم على المالك وقال له : “مرحبا عمي..سمعت بدك موظف”؟..
أبو يحيى أشار له بيده أن يدخل من وراء الدفّ وهو “يغمض عين ويفتح أخرى” كطرقة لتمحيص القامة التي أمامه ..رمى قلم “البيك” من يده بعد أن أثخن ورقة كروز الدخان برسم دوائر متداخله غير مفهومة من قلة الشغل ثم سأله:
–    ابو يحيى: ابن ليمن أنت؟
–    الشاب: ابن محمد
–    ابو يحيى: محمد مين..؟
–    الشباب: محمد العودة..
–    ابو يحيى: هسع بندفك بالخمسة كيلو..مين محمد العودة ولك؟..
–    الشاب: محمد عودة الامزط..
–    ابو يحيى: أمك فريال؟
–    الشاب: فريال مرة عمي خالد..أني ابن انتصار..
–    ابو يحيى: منين خوالك؟
–    الشاب: جدي أبو زكي دعدورة!.
–    ابو يحيى: بتدخن؟
–    الشاب: لا
–    ابو يحيى: عندك روحة جيّة..طلعات عبرات..دشارة..همالة لف دوران..ايدك خفيفة..؟؟
–    الشاب: لا والله عمي..أني قاعد بالدار.
–    ابو يحيى: بتصلي؟
–    الشاب: الحمد لله..
–    ابو يحيى: بتسمع غناني.؟
–    الشاب: خفيف
–    ابو يحيى: بتحضر بدوي؟
–    الشاب: بموت عليه..
–    ابو يحيى: عمرك سرقت زغاليل..فلّيت بـ”صوص”..انهزمت بــ”بيضة”..قدحت بس حجر؟!
–    الشاب: مش فاهم؟
–    ابو يحيى: خلص روح روح ..بسأل عنك..وبرد خبر لجدك هاليومين..
–    الشاب: ول هي باقية وظيفة دولة..كلني شقفة شغيل..
–    أبو يحيى: ولا… شو بتفكرني الحكومة….اليوم أعيّنك.. ثاني يوم أروحك..حبيبي هاي دكانة قد الدنيا.. مش حيا الله..!!..قبّ من هون…يسعد شدوق عودة الأولاني!.

[email protected]

عن "الرأي"