بالفيديو : محمد عبدو .. آخر صانعي أهلة المساجد في فلسطين

بالفيديو : محمد عبدو .. آخر صانعي أهلة المساجد في فلسطين
محمد عبدو .. أخر صانعي أهلة المساجد في فلسطين
خاص دنيا الوطن - علاء الهجين
 يمسك الرجل الخمسيني محمد عبدو مطرقته الحديدية بيده اليمنى، يبدأ بالطرق عدة ضربات على لوح نحاسي؛ لصناعة هلال جديد لمئذنة مسجد؛ ليكون جل اهتمامه إخراج عمل فني وهندسي خالص، فهو يحتاج لجهد وتركيز كبيرين.

وعندما تكون عيناه منصوبتان وفق هلاله لا يتحدث مع أحد،  تبدو على ملامحه علامات الجد حتى ينتهي من عمله ويخرجه بالشكل المطلوب والجذاب، ثم يجلس على كرسيه ويبتسم، ويبدأ بالحديث مع الأخرين.

وتصنع أهلة المساجد من معدن النحاس فقط، فهو لا يصدأ نتيجة تعرضه المستمر للهواء، على عكس معدن الحديد، لذلك فإن ورش الحدادة في القطاع لا تنتجه، وفق عبدو.

ولد عبدو بمدينة غزة، ويقطن حاليا في حي الشيخ رضوان، وتعلم بمدارسه لغاية الصف التاسع الأساسي، لكن الحظ لم يكن حليفه في الدراسة، فهجرها وتوجه إلى صنعة أبيه وجده.

يوضح عبدو، أن أباه وجده عملا واحترفا هذه المهنة، فورثها عنهما، وبدأ بتعلمها وهو بنهاية العقد الثاني من عمره، وأتقنها بعد ثلاث سنوات، وحتى اللحظة أكمل (32 عاماً) وهو يعمل بها".

ويؤكد أنه يقوم بصنع أهلة مساجد قطاع غزة بكافة أنواعها وأشكالها وأحجامها، وأيضا يصنع صبابات القهوة النحاسية بشتى أشكالها، ومنها التي يوضع بداخلها الفحم لتظل القهوة ساخنة لساعات طويلة، وغالبا ما يستخدم تلك الصبابات باعة القهوة الجائلين في الأسواق ومواقف السيارات، كذلك يقوم بصناعة القدرة النحاسية التي تستخدم في المطاعم لطهي الأرز".

ويؤكد أنه بات وحيداً في هذه المهنة منذ وقت طويل، مشيراً إلى أن أبناءه رفضوا تعلم هذه الصنعة كونهم يريدون التركيز على مستقبلهم الدراسي.

ويضيف" كان سوقنا الأول الضفة الغربية، أما في قطاع غزة، فإننا نشهد ركوداً كبيراً، قد يمر علينا عدة أشهر دون أن ننتج شيئاً".

ومنذ أكثر من عشر سنوات، أوقفت السلطات الإسرائيلية تصدير غالبية المنتجات والبضائع من غزة إلى الخارج، إلا أنها سمحت مؤخراً بخروج شحنات صغيرة من البضائع.
ويرى مراقبون اقتصاديون، أنها لن تترك أثراً إيجابياً على الاقتصاد المدمر في القطاع.

وبحسب وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، فإن الاحتلال دمّر خلال عدوانه على قطاع غزة 64 مسجداً بشكل كلي، إضافة إلى تضرر 150 مسجداً بشكل جزئي.
ويتطرق" بداية عملنا كانت داخل مصنع صغير جداً لم تتجاوز مساحته ثلاثة أمتار مربعة، مسقوف بألواح من "الزينكو" فكنت برفقة أبي وأخي نعمل بداخله، ومع مرور الوقت تطور عملنا وضاق المكان علينا، وبعد تفكير مطول  قررت أن أعمل وحدي، وبحثت عن مكان أكبر، وبنهاية المطاف وجدت محلاً بمنطقة الفواخير الواقعة بالقرب من سوق فراس وسط مدينة غزة وإلى الآن أعمل في هذا المكان" .

ويوضح عبدو أنه يوقد النار على الفحم الحجري حتى يشتد لهيبها، ويضع قطع النحاس عليها كي تلين، ويقوم بثنيها وتكوين الشكل الذي يريد.

ويؤكد أنه يشعر بالسعادة العارمة كونه يصنع أهلة مآذن بيوت الله، وأنها تدخل عليه مالاً وفيراً يستطيع به إعالة أسرته المكونة من سبعة أفراد.

ويضيف: "طول الأهلة التي أصنعها يبلغ ما بين المتر والثلاثة أمتار، حيث تختلف المقاسات وفقا لطول وحجم المئذنة، فالتي يبلغ طولها 50 متراً تحتاج الى هلال يبلغ طوله ثلاثة أمتار ليتناسب معها".

ويتابع " تبدأ أسعار الأهلة التي أصنها من 1300شيقل لتصل إلى 4000 شيقل، وفقاً لمقاس الهلال ونوعية النحاس والمواد المستخدمة في صناعته".

ويقضي النحاس الذي يعمل في ورشته الصغيرة، التي صبغت جدرانها باللون الأسود الصادر عن دخان الفحم الحجري، قرابة ثماني ساعات، ينهي خلالها أعماله بمفرده وأحياناً بمساعدة ابنه.

ومنذ أكثر من عشر سنوات، وبالأخص منذ أن تولت حركة حماس زمام الأمور بغزة، أوقفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تصدير غالبية المنتجات والبضائع من غزة إلى الخارج، إلا أنها سمحت مؤخراً بخروج شحنات صغيرة من البضائع.