مهنة مغمسة بالدم .. دبغ الجلود بين متاعب العمل بها وعذابات تصديره للضفة

مهنة مغمسة بالدم .. دبغ الجلود بين متاعب العمل بها وعذابات تصديره للضفة
دبغ الجلود
خاص دنيا الوطن - عمر اللوح

تعتبر مهنة دبغ الجلود من أكثر المهن الممتعة والشاقة في آن واحد، فهي كالذي يشتري السمك وهو داخل البحر (دنيا الوطن) طرقت باب أيمن الشوا، أحد التجار بمهنة الجلود، والتي ورثها عن أبيه وجده.
ويسعى الاحتلال الإسرائيلي جاهداً إلى تدمير الاقتصاد الفلسطيني بكافة الطرق والوسائل بهدف تركيعه وإخضاعه لسيطرته من خلال التحكم بالموارد الاقتصادية والعمل على إقصائها ويكون ذلك من خلال فرض سيطرته على الضفة الغربية والحصار المفروض على قطاع غزة والتحكم بكافة الموارد التي يتم تصديرها من خارج القطاع ومنها تصدير الجلود إلى الضفة الغربية.

جلود العجول فقط

يقول الشوا: هي مهنة وراثية تناقلت من جد إلى آخر، وإن شاء الله سوف يتوارثها أبنائي من بعدي إلى ما لا نهاية ويتابع لــ (دنيا الوطن) قائلاً: رغم أن هذه المهنة تعتبر مهنة مغمسة بالدم ولكنها مهنة منتشرة في دمائنا ولايمكن تركها، بالإضافة إلى أن متاعبها لا تحصى وخسائرها تقدر بالآلاف ولكن أشعر بالمتعة والفرح وأنا أعمل بها ولا يمكن أن أتركها مهما جار الزمن علينا.

ويكمل: نحن لا نصدر إلي الضفة، وإذا صدرنا فنصدر فقط جلود العجول وعن سؤال "دنيا الوطن " لماذا لا تصدر جلود الخرفان فيقول منذ 12 عاماً لا يتم تصدير جلود الخرفان لأن غزة تشتهر بالعجول والضفة بالخرفان بحيث أن نسبة ذبح العجول في غزة تتجاوز 93 % والخرفان 7% والعكس بالضفة.

معاناة لا توصف

وعن معاناتهم في تصدير الجلود إلى الضفة، قال الشوا خلال السنوات العشر الماضية التي عانى منها قطاع غزة نتيجة الحصار الإسرائيلي المفروض عانينا الكثير وخسرنا مبالغ مالية طائلة وللأسف لا أحد يشعر بمعاناتي ومع ذلك مستمر في العمل بهذه المهنة التي لا مجال لتركها أبداً لأنها تحمل موروثاً حضارياً كبيراً بالنسبة لعائلتي وأجدادي.

ويبين أنه في الآونة الأخيرة كانت هناك بعض التسهيلات من الجانب الإسرائيلي بحيث يتم نقل الجلود من غزة إلى الضفة الغربية، مضيفاً أتمنى أن تبقى هذه التسهيلات مستمرة خلال السنوات القادمة لأنه في حال مماطلة الاحتلال في نقل الجلود من غزة إلى الضفة سوف يتسبب ذلك بكارثة كبيرة وخسائر باهظة.

جلود العجول تستعمل للأحذية

ويواصل الشوا حديثه لـ (دنيا الوطن) جلود العجل يتم من خلالها تصنيع كافة الأحذية ويتم تصديرها إلى دول عديدةإ بالإضافة إلى أنه يتم تصنيع الشنط وأشياء أخرى، وجلود الخروف يتم تصنيع الملابس النسائية منها، مشيراً إلى أنها تحمل ماركات عالمية.  

وأشار إلى أنها مهنة تضر من الناحية الصحية وتتعب الإنسان كثيراً ويعيش من خلالها ما بين الأمل والإحباط، خاصة أنها ترتبط بالمعابر الإسرائيلية، وأي حدث قد يحدث قد يؤدي إلى إغلاق المعبر.  

ويتابع مدة دبغ الجلود في فصل الصيف ستة شهور وفي الشتاء من تسعة إلى عشرة شهور، وقال: إن التجار في الضفة يتمتعون بحرية أكبر من كافة النواحي  مع العالم الخارج، وخاصة عن طريق العقبة في الأردن الشقيقة، بالإضافة إلى ميناء أسدود.

لا مقارنة

وقال الشوا: لا يمكن المقارنة بين العشر سنوات التي عانينا منها ونتج عنها الحصار والحروب المتكررة وما قبلها، حيث كان بالسابق يتم التصدير بشكل سريع من غزة إلى الضفة مع وجود بعض العراقيل ولكنها أفضل بكثير من سنوات الحصار، ويتابع والحروب الثلاثة التي تكبدنا فيها خسائر كبيرة من خلال قصف مصانعنا وإتلاف الجلود لانتهاء صلاحيتها.

ويضيف ولكن نسبة ذبح العجول أفضل بكثير خلال الحصار لأن الكثير من المؤسسات الإقليمية  والدولية العاملة في غزة تقوم سنوياً وخاصة في عيد الأضحى المبارك بذبح آلاف العجول، وبذلك تكون كمية الجلود كبيرة جداً، ولكن ما الفائدة إذا لم يتم تصديرها إلى الضفة، وقال في الوقت الحاضر يتم إخراج ثلاث نقلات كل يومين، واحدة منها إلى الضفة. 

مفخرة اقتصاديا

وأشار الشوا إلى أن مهنة الجلود تعتبر من المهن التي تمثل ركيزة أساسية بالاقتصاد الفلسطيني على مستوى شطري الوطن، ففي غزة يتم شراء الجلود وبيعها إلى مصانع الأحذية في الضفة، والأحذية التي تصنع من الجلود في الضفة تصدر خارج البلد وبالتالي توفر مصدر دخل للفرد والدولة، بالإضافة إلى أنها تسوق لمنتجات الدولة وتظهر أنها دولة صناعية وتتميز بالعديد من الصناعات، ويكون اسم دولة فلسطين من الدول الراقية في التصدير وخاصة الأحذية.

وقال كان عدد المصانع الموجودة في قطاع غزة ثلاثة، والآن تقريباً لا يوجد إلا أنا لأنها تضررت وخسرت هذه المهنة خسارة كبيرة جداً، وبين أنه عندما يشترى من اللحامين الجلود لا يكون قرار الشراء سهلاً بالنسبة له كتاجر، بل يكون مجازفة ومخاطرة كبيرا لأنه قد لا يتم تصديرها إلى الضفة وبالتالي تنتهي صلاحيتها وتتلف.