سيادة المطران عطا الله حنا لدى لقائه وسائل الاعلام الكنسية التشيلية : " نطالب بأن يسمع الصوت المسيحي في عالمنا المنادي بتحقيق العدالة والسلام في فلسطين الارض المقدسة "

رام الله - دنيا الوطن
التقى سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس اليوم مع ممثلي وسائل الاعلام الكنسية في تشيلي المرئية والمسموعة والمقروءة والذين وجهوا لسيادة المطران عدة اسئلة حول القضية الفلسطينية وحول الحضور المسيحي في فلسطين والمنطقة العربية وحول قضايا الحوار بين الكنائس والاديان المختلفة وفي مستهل هذا اللقاء كانت لسيادته هذه الكلمة التي ننشر بعضا منها :

قال سيادة المطران عطا الله حنا في مداخلته امام وسائل الاعلام الكنسية بأننا نتمنى من الكنائس المسيحية في العالم الارثوذكسية والكاثوليكية وغيرها بأن تلتفت الى فلسطين الارض المقدسة وان تنظر الى آلام ومعاناة شعبها في ظل الاحتلال والممارسات الظالمة التي يتعرض لها .

بعد شهرين تقريبا سيحتفل العالم المسيحي بعيد الميلاد المجيد هذا الحدث الخلاصي الذي تم في مدينة بيت لحم المقدسة ونتمنى من الكنائس المسيحية شرقا وغربا في هذه المناسبة المجيدة ان تتذكر شعبنا الفلسطيني وان تلتفت الى معاناته وظروفه وما يتعرض له هذا الشعب من استهداف يطال كافة مفاصل حياته ، فلتكن مناسبة الميلاد وفترة التهيئة لعيد الميلاد مكرسة للصلاة من اجل فلسطين ومن اجل تحقيق العدالة والسلام في هذه الارض المقدسة ، كما ونتمنى من الكنائس العالمية ان تذكر سوريا الجريحة المتألمة والمستهدفة بفعل الارهاب وان نصلي معا وسويا من اجل السلام في سوريا وفي العراق واليمن وليبيا وفي سائر انحاء مشرقنا العربي الذي يعصف به الارهاب والعنف والقتل والتهجير وامتهان الكرامة الانسانية .

فلنصلي معا وسويا من اجل المطارنة المخطوفين في سوريا التي قضيتهم هي قضيتنا جميعا واختطافهم وتغييبهم بهذه الطريقة البشعة انما هي مسألة يجب ان يهتم بها الجميع وخاصة الرئاسات والقيادات الدينية في عالمنا .

فلنعمل معا وسويا من اجل تحقيق العدالة والسلام في فلسطين الارض المقدسة وسلام فلسطين هو سلام منطقتنا وعالمنا ، المسيحيون في فلسطين هم دعاة سلام ومحبة واخوة وتلاق بين الانسان واخيه الانسان ، فنحن جماعة تؤمن بانجيل المحبة ، والكراهية والحقد ليست موجودة في قاموسنا وهي غريبة عن ثقافتنا وبعيدة عن مبادئنا واخلاقياتنا ، نحن جماعة تنادي بتحقيق العدالة ونصرة الشعب الفلسطيني المظلوم الذي قضيته هي قضيتنا جميعا ، انها قضية المسيحيين والمسلمين ، انها قضية الفلسطينيين والعرب ، انها قضية كافة احرار العالم بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية او المذهبية او العرقية او الثقافية .

لا يمكن لشعبنا الفلسطيني ان يقبل ببقاء الاحتلال ولن يرفع شعبنا الراية البيضاء ويستسلم للمستعمرين المحتلين لارضه ولقدسه ومقدساته ، نحن جماعة تؤمن بثقافة المحبة والسلام والاخوة ولكننا في نفس الوقت لن نتنازل ولن نخضع للظالمين الذين يعاملوننا كالغرباء في وطننا ونحن لسنا غرباء ولن نكون غرباء في وطننا فلسطين الارض المقدسة .

الكنائس المسيحية في القدس وقفت دوما الى جانب الحقوق العربية الفلسطينية في هذه الارض المقدسة ، لقد كانت كنائسنا ومازالت وستبقى منحازة للمظلومين ومدافعة عن حقوقهم وساعية لرفع الظلم عنهم ، نحن منحازون لشعبنا الفلسطيني ولقضيته العادلة ، ولا توجد هنالك قوة في هذا العالم قادرة على اقتلاعنا من جذورنا الوطنية ومن انتماءنا الروحي الايماني والانساني .

المسيحيون الفلسطينيون هم مسيحيون 100% وفلسطينيون 100% ولن يتخلوا عن مسيحيتهم المشرقية التي بزغ نورها من فلسطين ولن يتخلوا عن انتماءهم للشعب العربي الفلسطيني الذي يسعى الاعداء لتصفية قضيته.

يريدوننا ان نتخلى عن قضيتنا الوطنية وان نشطب فلسطين والقدس من قاموسنا ، يريدوننا ان نتوقف عن دفاعنا عن قضية شعبنا ، يزعجهم الصوت المسيحي الوطني الفلسطيني المنادي بالعدالة ورفع الظلم عن شعبنا لكي يتمكن من تحقيق امنياته وتطلعاته الوطنية ، وكل هذه المحاولات ستبوء بالفشل لان جذورنا عميقة في تربة ارضنا المقدسة كشجرة زيتونها ، فتاريخنا هو تاريخ هذه الارض المباركة ، وايماننا وتراثنا وهويتنا الروحية مرتبطة بهذه البقعة المقدسة من العالم التي اسمها فلسطين ، نحن ننتمي الى الامة العربية الواحدة التي يسعى الاعداء لتقسيمها وتجزئتها ولكن صوتنا سيبقى صوتا مناديا بالوحدة والاخوة والتلاقي بين ابناء الامة العربية الواحدة لكي نكون اقوياء في دفاعنا عن قضية فلسطين وعن كافة قضايا امتنا العربية .

لن يكون خطابنا خطابا طائفيا فنحن لا نؤمن بالطائفية ، لن يكون خطابنا خطابا يشتت ويفكك مجتمعاتنا فليست هذه رسالتنا ومبادئنا ، سيبقى خطابنا خطاب محبة واخوة وسلام مستندا الى قيمنا الانجيلية ومبادئنا واخلاقياتنا الروحية السامية ، وسيبقى خطابنا خطابا موحدا نابذا للفرقة والفتن التي لا يستفيد منها الا اعداءنا .

سيبقى الصوت المسيحي الفلسطيني العربي صوتا وطنيا بامتياز فنحن نحب وطننا ونعشق ارضنا ، فكل حفنة تراب من ثرى فلسطين تعني بالنسبة الينا الكرامة والهوية والانتماء والتشبث بالارض .

لقد تضائل عدد المسيحيين في فلسطين وقد وصلنا اليوم الى نسبة ال1% وهذه انتكاسة كبيرة ليس للمسيحيين لوحدهم وانما لكل الشعب الفلسطيني ، فتراجع الحضور المسيحي في فلسطين هو خسارة لكل فلسطين ، ولذلك فإنه تقع على الجميع مسؤولية الحفاظ على الحضور المسيحي، ونحن لا ننظر الى مصير المسيحيين في فلسطين بمعزل عن الشعب الفلسطيني ، فمصيرنا واحد وهويتنا واحدة وقضيتنا الوطنية هي قضية الشعب الفلسطيني الواحد الذي لا يقبل القسمة على اثنين ، ولذلك فإن تحقيق امنيات وتطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية واستعادة الحقوق السليبة هي التي ستصون الحضور المسيحي وهي التي ستجعل الكثيرين مما تركوا وطنهم مرغمين ان يعودوا اليه ، لانني لا اعتقد ان هنالك مكانا اجمل من فلسطين الارض المقدسة في عالمنا .

اقول للعالم ولقادة الغرب الذين يتحكمون بمصائر الشعوب: اوقفوا تصدير اسلحتكم الفتاكة والمدمرة الى منطقتنا واوقفوا ارسالكم لثقافة الارهاب والعنف والموت الى بلداننا لان شعوب منطقتنا تريد ان تحيا بسلام ، نحن لا نريد الحروب ولا نريد ان تمتهن كرامة الانسان في وطنه ولذلك وجب ان تتوقف كافة مظاهر الارهاب والعنف والتطرف والتخلف والكراهية التي تجتاح منطقتنا .