بالفيديو .. "إيدز النخيل" بحاجة إلى 4000 مصيدة فرمونية في قطاع غزة و إلا!

بالفيديو .. "إيدز النخيل" بحاجة إلى 4000 مصيدة فرمونية في قطاع غزة و إلا!
خاص دنيا الوطن_ ريم عبد الرحمن

يقع المزارع في غزة بين مطرقة الحصارالإسرائيلي ومنع دخول المبيدات وسنديان الآفات الزراعية التي قد تفتك بمحصوله السنوي كآفة سوسة النخيل التي انتشرت بشكل كبير جدًا في قطاع غزة، متسببة في إتلاف آلاف أشجار النخيل، الأمر الذي ينذربكارثة بيئية قد تلحق بأشجار النخيل ومحصول البلح، فإلى متى يبقى المزارع ومحصوله تحت تهديد هذه الحشرة الفتاكة؟

 سوسة النخيل

حول هذا الموضوع المثير للقلق، يقول المهندس الزراعي محمد حسين خبير المكافحة المتكاملة في لقاء مع (دنيا الوطن): "سوسة النخيل الحمراء هي عبارة عن حشرة خطيرة تصيب أشجار النخيل وتتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة، وسميت بهذا الإسم نظراً للون الأحمر الذي يغلب على هذه الحشرة وتسمى أيضاً سوسة النخيل الهندية لأن الموطن الأصلي لها الهند قبل مئة عام، و تسمى أيضاً العدو الخفي لأنها تنشط بجميع أطوارها داخل النخلة وتسمي إيدز النخيل لما لها من خطورة كبيرة على أشجار النخيل".

البداية 

أما فيما يتعلق ببداية انتشار هذه الحشرة، فيسترسل حسين بقوله: "وجدت هذه الحشرة في قطاع غزة بدايةً عام 1999 إذ تم اصطياد حشرة في إحدى المصائد الفرمونية التي كانت موضوعة على الشريط الحدودي مع مصر في منطقة المواصي في رفح و سجلت كأول حشرة من نوعها في فلسطين ومن ثم لم يتم صيانة المصائد بسبب الظروف الأمنية السيئة آنذاك (انتفاضة الأقصى). وفي عام 2011 انتشرت هذه الحشرة بشكل كبير جداً بداية في دير البلح في مشتل سنابل ثم إلى العديد من مناطق قطاع غزة إلى أن وصلت الإصابة في فترة من الفترات إلى أكثر من 80% حسب تصريح وزير الزراعة لدى حكومة غزة.

"حالياً وبعد المكافحة تم خفض نسبة الإصابة إلى 30-40% من خلال الإدارة المتكاملة للآفات الزراعية ومن خلال استخدام المصائد الفرمونية التجميعية كأحد عناصر الإدارة المتكاملة للآفات، حيث تم في البداية توزيع 500 مصيدة ثم وصل العدد إلى 2800 مصيدة موزعة في جميع مناطق قطاع غزة" على حد قوله.

ويؤكد المهندس حسين، أن كثيراً من المؤسسات الدولية ساهمت في مكافحة هذه الحشرة، خاصة الصليب الأحمر ومنظمة الغذاء والزراعة ومؤسسة "أوكسفام" إيطاليا كمساعدة ودعم لوزارة الزراعة من أجل مكافحة سوسة النخيل الحمراء، وحالياً الإصابة بدأت تنخفض بدرجة كبيرة.

كيفية الإصابة

في إجابته حول كيفية الإصابة يجيب حسين: " تتزاوج الحشرة فتضع البيض على الأماكن الضعيفة من النخلة وهذه المناطق هي الفسائل الهوائية الموجودة على النخلة أو من خلال إحداث جروح في النخلة نتيجة لعملية تخريم النخيل أو من خلال الإصابة ببعض حفارات الساق التي تصيب أشجار النخيل.

و يضيف, "بعد عملية التزاوج تضع الأنثى 250- 300 بيضة، يفقس البيض بعد فترة متحولاً إلى يرقات صغيرة تبدأ بالعيش داخل جذع النخلة، وتبدأ بحفر ألياف النبتة الداخلية وبالتالي تحدث أنفاقاً داخلية وتتسبب في تجويف ساق النخلة إذا لم يتم اكتشاف الإصابة مبكراً، وفي العمر اليرقي الأخير تكون اليرقة قد نضجت ليصل طولها إلى 5 سم وعرضها 2 سم، ثم تلف نفسها بألياف النخلة وتتحول إلى طور آخر يسمى طور العذراء وهذا الطور هو الطور الساكن في حياة الحشرة، وبعد أسبوعين تتحول إلى حشرة كاملة وتبدأ في التزاوج داخل النخلة مكونة أعداداً كبيرة من اليرقات داخل النخلة".

خسائر هذا الموسم

عن خسائر هذا الموسم يقول المهندس حسين: "لدينا عدد كبير من النخيل وحسب إحصائية وزارة الزراعة هناك ما بين 200- 250 ألف نخلة موزعة على طول قطاع غزة وتتركز زراعة النخيل في المنطقة الوسطى".

"هذا العام الإنتاج من النخيل وفير لكن تكمن المشكلة في ضرورة ألا يعتمد المزارع على نفسه فقط في عملية المكافحة وإجراء عملية المتابعة باستمرار ومراقبة النخل، وفي هذه المرحلة تحديداً يتوجب دعم المزارع حتى نستطيع خفض الإصابة إلى درجة كبيرة، فالقيمة الاقتصادية للنخلة قليلة نسبياً، لذلك المزارع بحاجة إلى دعم من قبل المؤسسات الدولية ووزارة الزراعة وإلا سيفقد محصوله" و إذا لم تتم متابعة مصائد سوسة النخيل الحمراء وزيادة عددها لتصل من 3500-4000 مصيدة على مستوى قطاع غزة، يمكن لضرر هذا الآفة أن يزداد في السنوات القادمة" على حد قوله.

المكافحة

أما حول كيفية المكافحة فيشير حسين إلى أن, " المكافحة تكون بالمصائد الفرمونية التي تجمع الذكر والأنثى. في بعض المناطق وبعد وضع المصائد تم تجميع 600 حشرة في المصيدة الواحدة و لذلك كلما انخفض عدد الحشرات إلى ما دون خطر الضرر الاقتصادي كلما تمكنا من السيطرة على الحشرة.

وأكد أنه حين تكون الإصابة شديدة تتم إزالة النخلة وإعدامها بالكامل، أما لو كانت الإصابة سطحية فتتم معالجة النخلة والسيطرة على الحشرة، وفي حالة الإصابة السطحية تعالج النخلة بأقراص الفوستوكسين والتي هي عبارة عن أقراص تتحول من الحالة الصلبة إلى الحالة الغازية تتغلغل داخل ألياف النخلة وهو غاز سام يقضي على أطوار الحشرة الموجودة داخل النخلة، كما تتم المكافحة أيضاً بالمواد الكيماوية باستخدام أجهزة الحقن التي هي عبارة عن ملزمة من الحديد يتم وضعها حول جذع النخلة فوق موضع الإصابة بـ 20 سم ويتم إدخال المبيد داخل جذع النخلة من خلال عملية اللف الحلزوني لعملية الإبادة.

دور وزارة الزراعة

ويؤكد المهندس، أن وزارة الزراعة بغزة تقوم بدور كبير جداً في مكافحة سوسة النخيل لكن للأسف فإن إمكانيات الوزارة محدودة جداً نتيجة الظروف الأمنية التي يعيشها قطاع غزة إذ لا تستطيع الوزارة إرسال مهندسين زراعيين في عملية الإرشاد ووقاية النبات، وبالتالي الإرشاد يكون ضعيفاً.

هناك أيضاً دعم من الصليب الأحمر الدولي لوزارة الزراعة سواء بإمدادها بالفرمونات أو المصائد أو محتويات المصائد بشكل كامل، بالإضافة إلى إمداد الوزارة ببعض المبيدات للحد من الإصابة بسوسة النخيل.

المزارع

حول هذه المعاناة يقول المزارع سليمان أبو مزيد صاحب بيارة نخيل في منطقة الزوايدة وسط قطاع غزة: "المزارع الغزي يحتاج جهات تساعده ألا يكفي عدم التصدير؟ الإمكانيات في الضفة الغربية أكبر بكثير من إمكانياتنا في غزة، وشجرة النخيل ثروة قومية يجب الاهتمام بها ورعايتها".

و يضيف: "نحن كمزارعين تكلفنا النخلة ما يقارب السبعين شيقل، أحياناً يظل البلح على الشجر لعدم التصدير وعدم وجود مصانع للدبس أو العجوة أو غيرها من منتجات البلح، ونتعرض لهجمة شرسة من سوسة النخيل لدي 600 نخلة في البيارة معظمها أصيب بالسوسة وهذا يدمر المزرعة بأكملها ونحتاج من يدعمنا سواء من وزارة الزراعة أو جهات دولية لتوفير المبيدات والمصائد لمحاربة هذه السوسة".

أما فني النخيل أيسر أبو هداف، المتخصص في المصائد الفرمونية، فيعلق على الموضوع بقوله: "نحتاج في غزة 4000 مصيدة فرمونية والموجود لدينا فقط 1200 ولنا أن نتخيل المعاناة، نحتاج دعماً كبيراً للسيطرة على هذه الحشرة وإلا سنخسر كثيراً".

ختاماً: لمواجهة هذه الآفة الزراعية التي تنذر بكارثة بيئية وشيكة، على المؤسسات الدولية ومنها الصليب الأحمر ومنظمة الفاو وأوكسفام إيطاليا دعم وزارة الزراعية في غزة للمحافظة على المصائد الفرمونية لمكافحة سوسة النخيل وخفض ضررها دون المستوى الاقتصادي.