الحضانة .. تُشعر المربيات بالأمومة وتكسب مالكيها وتقلق الأمهات .. والطفل هو الضحية!

الحضانة .. تُشعر المربيات بالأمومة وتكسب مالكيها وتقلق الأمهات .. والطفل هو الضحية!
خاص دنيا الوطن- علاء الهجين

تضطر المواطنة فتحية سلمي (34 عاماً) من حي الزينون كل إشراقة شمس صباح لاصطحاب طفلها الذي لم يتجاوز السنتين إلى إحدى الحضانات اللاتي تؤوي عدداً من أبناء الموظفات في القطاع، والتي تبعد عن منزلها حوالي مائتي متر؛ لتضعه هناك قبل أن تذهب إلى عملها.

سلمي لم تكن ترغب أن تعاني كل تلك المعاناة, لكنها أجبرت على فعل ذلك كونها مضطرة أن تخرج لعملها كمدرسة بإحدى المدارس الحكومية بغزة، إضافة لعدم وجود مكان آخر يمكن أن يستوعب طفلها من الأقارب، كونها تقطن بعيدة عنهم.

والحضانة هي ذلك المكان الذي يؤوي الأطفال حديثي الولادة من أبناء الموظفات، واللاتي تنشغل عنهم والدتهم لساعات أثناء تأديتها واجبها الوظيفي.

وتعاني العديد من موظفات قطاع غزة من أزمة إيجاد مكان آمن يؤوي أبناءهن أثناء فترة عملهن، الأمر الذي يشعرهم بالقلق والخوف طول ساعات الدوام,، فهن مضطرات للعمل نتيجة سوء الأوضاع المعيشية الذي يعاني منه أهالي القطاع منذ عشر سنوات.

تشير سلمي إلى أنها لا تشعر بالرضى وتبقى قلقة حينما تترك أطفالها لعدة ساعات أثناء فترة دوامها الوظيفي, لكنها مضطرة لفعل ذلك نتيجة تعطل زوجها عن العمل وهي المعيلة الوحيدة لأسرتها.

وتوضح أن شقيقتها كانت تساعدها برعاية طفلها عندما تغيب عن المنزل، وكانت تشعر بأمان أكثر، ولكنها تزوجت مؤخراً ولا يوجد أحد آخر يعتني بطفلها، وخاصة أنها تعيش في منزل مستقل عن عائلة زوجها.

من جانبها، تؤكد المواطنة العشرينية نهى إسماعيل أن حضانة قريبة من بيتها كانت تعتني بطفليها محمد ثلاث سنوات وعمرو سنة ونصف، وكانت تدفع لهم  400 شيقل شهرياً، وظلت حوالي شهرين على تلك الحالة، وباتت تلاحظ تراجعاً في صحة طفليها ونقص في الوزن وأحياناً تكون ملابسهم متسخة، وكثيراً ما تصيبهما نزلات معوية، فاقتنعت أن تلك الأمور حدثت نتيجة الإهمال وعدم الاهتمام الكافي برعاية طفليها من تلك الحضانة التي فضلت عدم ذكر اسمها، وفوراً تراجعت عن إرسالهما لتلك الحضانة.

وتضيف إسماعيل" بعد يومين تواصلت مع والدتي التي تعيش مع شقيقتي لوحدهما في منزل قرب منزلي, وطلبت منها أن تهتم وترعى الطفلين أثناء فترة العمل، فوافقت على الفور، وبت أوفر لها ما يحتاجانه، وأصبحت أشعر بالأمان والاطمئنان عليهما".

وبحسب الإدارة العامة للأسرة والطفولة التابعة لوزارة الأوقاف بغزة، فإن عدد الحضانات الحاصلة على ترخيص    87 حضانة، العاملة منها 30 حضانة والمتوقفة 57 حضانة.

أماني عمار مديرة روضة وحضانة في تل الهوا غرب مدينة غزة، توضح أن حضانتها تأسست عام 2008، وحصلت على ترخيص من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية التي تشرف على الحضانة كل فترة زمنية وتراقب وضعها العام من حيث مكان لهو الأطفال والنظام والمساحة المخصصة للعبهم.

وتشير عمار إلى أن حضانتها تتسع لحوالي 40 طفلاً، مقسمة لعدة أقسام حسب الفئات العمرية التي ترعاها الحضانة، كونهم لا يضعون الأطفال متفاوتي الأعمار مع بعضهم داخل قسم واحد، مضيفة أن حضانتها تضم الأطفال من عمر شهر لغاية أربع سنوات.

وكانت فكرة إنشاء الحضانة لمساعدة السيدات الموظفات والعاملات في رعاية أبنائهن أثناء فترة عملهن، موضحة أن بعض الأمهات يتصلن على هاتف على الحضانة أكثر من ثلاث مرات باليوم للاطمئنان على أطفالهن، وفق ما صرحت عمار.

وتؤكد أنها تشرف على الحضانة شخصياً ولا تعتمد على موظفيها كثيراً، خاصة في مجال نظافة الحضانة، وأنها تطلب من أمهات الأطفال خلع الأحذية قبل دخول الحضانة لكي لا يتعرض الأطفال للأمراض نتيجة الجراثيم العالقة بالحذاء من مخلفات الشوارع.

وتضيف" عند اختيار مربية الأطفال فإننا نخضعها لاختبار قبل توظيفها، وشرط أساسي أن تكون محبة للأطفال لكي تعتني بهم بأفضل طريقة ممكنة، ولا يشترط أن تكون المربية حاصلة على مؤهل علمي معين".

وتتابع" رسوم حضانة الأطفال تعتبر مناسبة جداً للموظفات، فإنها لا تتجاوز مائتي شيقل شهرياً".

 رندة نصر الله (22 عاماً)، والتي تعمل كمربية أطفال داخل الحضانة، تؤكد أنها تشعر بسعادة كبيرة عند رعايتها الأطفال، وتعتبر نفسها أماً لهم مع العلم أنها فتاة عزباء، فهي تهيئ نفسها لمرحلة الأمومة أثناء رعايتها للأطفال.

وتضيف" لم أجد صعوبة بالتعامل مع الأطفال، لأن الطفل عبارة عن صفحة بيضاء، والشخص الراعي له هو من يستطيع أن يشكله كما يريد".

ويشير قانون دور الحضانة إلى أن الإدارة العامة لشؤون الأسرة التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية في كل محافظة يقع على عاتقها الفحص والتحري وتفقد مدى التزام دور الحضانة بما هو منصوص عليه في لائحة تنظيم دور الحضانات الصادرة عن مجلس الوزراء للعام 2011.

من جهته، يؤكد رئيس مجلس إدارة التدريب المجتمعي د. درداح الشاعر، أن وجود الحضانة كبديل لرعاية الأم هو حل جزئي ولكنه غير منطقي, فلا يوجد أي شيء ممكن أن يحل مكان الأم من حيث رعاية أطفالها.

ويضيف الشاعر"تربية الطفل بعيداً عن رعاية والدته سيؤثر سلباً على حياته ومستقبله كونه لن يشعر برعاية كاملة وكافية للتأهيل المستقبلي، ومن الممكن أن يصبح الطفل عدوانياً عندما يكبر، ويكون خطراً على المجتمع بدل أن يكون من الأعمدة التي تبنيه".

ويتابع" وجهة نظري الشخصية كمتخصص اجتماعي أرفض فكرة الحضانات المنزلية نهائياً كونها لا تلبي الاحتياجات التي يطلبها الطفل، وخاصة حنان الأم التي تبعد عنه يومياً لأكثر من ست ساعات، وفي هذه الفترة العمرية يحتاج الطفل لوالدته أكثر من أي وقت آخر".