الشعبية في غزة تنظم حفل تأبيني حاشد للقائد المناضل حاتم الجيش " أبو نضال"

رام الله - دنيا الوطن
نظمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في محافظة غزة "منظمة الشهيد معين المصري" حفل تأبيني حاشد وفاءَ لروح الرفيق القائد المناضل حاتم الجيش " أبونضال" الذي رحل بعد مسيرة وطنية زاخرة بالتضحية والعطاء.

حضر الحفل جماهير غفيرة من المواطنين والوجهاء والمخاتير وعدد من الرفيقات والرفاق وقيادة الجبهة لفرع غزة وأعضاء المكتب السياسي للجبهة بالإضافة لحضور واسع لذوي الفقيد وأصدقائه وممثلو القوى الوطنية والإسلامية.

بدوره، رحب عريف الحفل الرفيق زكريا أبو عبيد بالحضور موجهاً التحية لروح الرفيق الراحل أبو نضال الجيش ولكافة شهدائنا الأبرار الذين قضوا على درب الحرية والاستقلال، داعياً الحضور للوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء ومن ثم سماع السلام الوطني الفلسطيني.

ورثا أبو عبيد الجيش قائلاً" من هذه القلعة الشماء وقبل أيام قليلة مر من هنا موكب جثمان فدائي مقاتل حُمل على أكتاف الرجال، مر من هنا مسرعاً جسد الراحل حاتم روبين الجيش (أبو نضال)، ولا زالت روحه تحلق في سماء هذا المكان الذي يجتمع فيه من أحبهم وأحبوه ومن أخلصوا للشعب و لقضاياه، من لا زالت سيرة و ظل أبا نضال لا تفارق مجالسهم ، نعم الآن ونحن في هذا المكان نستشعر روحه تحلق و ترسم بسمة على وجوه الثوار و الاحرار، تزينها قناديل السماء و يتناثر طيبها عبق الانتصار ومسك الحياة".

وفي كلمة باسم الجبهة الشعبية نقل عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية ومسئول فرعها في غزة الرفيق جميل مزهر تحيات أميننا العام الرفيق القائد أحمد سعدات والرفاق في منظمة السجون، والمكتب السياسي واللجنة المركزية للحضور ولذوي الفقيد.

وقال مزهر"نقف معكم اليوم لتأبين رفيق صلب عاجزون عن تعداد مناقبه ونضالاته، رفيقاً مثالاً برزت فيه صفات الشجاعة والجرأة والاقدام والتفاني ونكران الذات، رفيقاً تكاملت فيه العديد من الصفات فاستطاع أن يجسد الإحساس النضالي بكل جوانبه، فكان بحق نموذجاً متكاملاً مؤمناً بقضية شعبه وبعدالة قضيته لأبعد الحدود".

 وأشار إلى أن الرفيق أبو نضال شكّل نموذجاً للمناضل الثابت في المواقف وللقيادي الملتزم بتعليمات الحزب، مؤكداً على أن فقدانه يعد خسارة كبيرة لحزبنا ولشعبنا.

وتابع مزهر القول" قدُر لي شخصياً أن ألتقي الرفيق أبو نضال منذ ثمانينات القرن الماضي، وأن نعمل معاً في أكثر من محطة ومجال عمل، مما أتاح لي أن أرى هذه الخصال العديدة داخل شخصيته الوطنية، ولا زالت تحضرني روحه المرحة في الاجتماعات وخارجها، بل أتخيلها الآن تمر أمامي كشريط".

على صعيد متصل لفت مزهر إلى أن القضية الفلسطينية تتعرض لأزمة حقيقية في أجواء إقليمية عاصفة ومصيرية، تزداد فيها معاناة شعبنا جراء استمرار الاحتلال في جرائمه وسياساته ومخططاته وسيطرته على مجمل مفاصل الحياة في ظل الانهيار والتخاذل العربي

واستنكر مزهر تهافت العرب لتقديم برقيات التعزية والمشاركة في جنازة القاتل والمجرم الفاشي " شمعون بيريس" الذي أنشأ المفاعل النووي، وأسس الاستيطان ومرتكب مجزرة قانا، قاتل الأطفال مشيراً إلى أن  هذه المشاركة تشجع على مواصلة القتل وارتكاب الجرائم بحق شعبنا، واستهتاراً بالشهداء وعذابات الأسرى، وفي ظل انقسام مدمر وأوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة.

وحول موضوع تأجيل الانتخابات البلدية أكد مزهر على أن السبب وراء ذلك هو عدم امتلاك الإرادة السياسية من قبل طرفي الانقسام للتقدم في خطوات جادة على صعيد إنهاء هذا الوضع الشاذ، وإنجاز اتفاق المصالحة.

وحمل مزهر طرفي الانقسام المسئولية عن استمرار الأوضاع الكارثية في القطاع والضفة بعد أن فشلت الجهود في اقناعهما بضرورة تغليب المصالح الوطنية على المصالح الحزبية الضيقة، ومراعاة ظروف شعبنا ومعاناته، وهو ما أثر على مجمل القضية الفلسطينية وأضاع شعبنا في الشتات، وأتاح للاحتلال الاستفراد بشعبنا، وتوسيع جرائم قتله وقوانينه العنصرية، ومحاولة تنفيذ مخططات حكومته اليمينية المتطرفة.

وأوضح بأن هناك فرصة حقيقية وجدية لإنجاز ملف المصالحة، واستعادة الوحدة، من خلال الدعوة لحوار وطني شامل بحضور الكل الوطني للاتفاق على استراتيجية وطنية تعيد بناء النظام السياسي عبر إجراء الانتخابات الرئاسية والمجلسين الوطني والتشريعي.

ودعا لضرورة مواجهة كل أشكال التدخلات في القضية الفلسطينية، سواء من بعض الدول العربية، أو من بعض الدول الإقليمية، أو الدولية على حد سواء مشيراً إلى أن هذه التدخلات أدت إلى غياب القرار الوطني المستقل الحاسم لحساب مطامع هذه الاجندات، وأدت الى انحراف البوصلة، وكانت سبباً رئيسياً في تأخير انجاز ملف المصالحة، واستعادة الوحدة.

ووجه مزهر نداءً لطرفي الانقسام قائلاً"أخوتنا في حماس.. أخوتنا في فتح اتركوا قطر... اتركوا فرنسا.. اتركوا تركيا... اتركوا الامارات والسعودية.. اتركوا اللجنة الرباعية الدولية والإدارة الامريكية.. غادروا مربع المراهنة على هذه الاجندات الخاسرة والتي تحاول فرض وصايا علينا .. وتعالوا لنحل مشاكلنا بأنفسنا وسط مخيماتنا والتفاف شعبكم ولنمتلك الاستراتيجية النضالية الفلسطينية الموحدة، ونحدد أركانها للمرحلة الراهنة وللمستقبل أيضاً، استراتيجية وطنية تقوم على أساس ضمان المشاركة الشعبية في صنع القرار، وهذا هو جوهر الديمقراطية".

ووجه مزهر في كلمته تحية على زوجة المناضل الشهيد أبونضال، مشيداً بنضالها جنباً إلى جنب مع رفيق دربها الشهيد، وملازمته في أشد الظروف قساوة، وتجسيدها نموذجاً للصبر والصمود والثبات، ونموذجاً نسوياً وطنياً تضحوياً مشرفاً، غرست وزوجها في أبنائهما حب الوطن والانتماء والعطاء.

وفي ختام كلمته أكد مزهر على أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ستبقى الحريصة على الوحدة الوطنية، وحارسة القلعة المتمسكة بالثوابت والمقاومة، والمدافعة عن حقوق ومعاناة شعبنا، وستبقى شوكة في حلق الاحتلال وأعوانه، ولن تنجح كل المحاولات في كسر إرادتها وعزيمتها متعهداً بالاستمرار على ذات المبادئ السامية التي تركها لنا الشهداء.

بدوره، ألقى نجل الراحل الرفيق المحامي محمد كلمة العائلة استذكر خلالها مواقف عايشوها مع والدهم الراحل،ولفت إلى أن والده كان نموذجاً للأب المثالي الذي ضحى بالكثير من أجل سعادة أبنائه مؤكداً على أنه ترك فيهم أسمى القيم وأنشأهم على المبادئ والثوابت الوطنية متعهداً بالتمسك بها حتى التحرير، كما ألقى نجل الراحل الدكتور لواء قصيدة شعرية ألهبت مشاعر الحضور حملت اسم "ابن المخيم" رثا من خلالها والده.

تخلل الحفل عرضاً لفيلم وثائقي أعدته المنظمة من إنتاج المكتب الإعلامي للجبهة تطرق إلى مراحل حياة  المناضل الجيش وأبرز محطات نضاله منذ أن كان شبلاً وحتى رحيله.

 كما بثت أغنية خاصة بالراحل وسط هتافات من قبل الجماهير المشاركة تمجيدًا للشهداء والأسرى، كما وصل الحفل برقية عاجلة من الرفاق المناضلين في الضفة الفلسطينية والذين عايشوا الرفيق في السجن وفي عدد من محطاته النضالية.

وفي ختام الحفل كرمت قيادة الجبهة الشعبية لفرع غزة وقيادة المنظمة عائلة الراحل أبونضال الجيش مقدمة صورة تذكارية لذويه وسط تأكيدات من قبل الرفاق بالحفاظ على مسيرته وسيرته النضالية المشرفة و تقديراً لتضحياته وكل الشرفاء  أمثاله .

تجدر الإشارة إلى أن الرفيق "أبونضال" الذي رحل عنا تاركاً وراءه ارثاً طيباً، وحياة نضالية حافلة بالعطاء والتضحية، انخرط في صفوف النضال الوطني مبكراً بعد نكسة حزيران، وانتمى للجبهة وهو شبلاً، وشارك رفاقه في تنفيذ سلسلة عمليات ضد جنود الاحتلال، إلى أن تم اعتقاله، وحكم عليه مدى الحياة، وجسد داخل الأسر حالة صمود غير عادية، تبوأ خلالها مراتب قيادية، وبعد أن تحرر في صفقة عام 1985 لم يتخل عن دوره الوطني، على الرغم من اعتقاله بعدها أكثر من مرة، مستفيداً من تجربته النضالية الغنية، حتى أصبح كادراً وقيادياً متقدماً في الجبهة عمل في مختلف لجانها وهيئاتها الكفاحية والشعبية والتنظيمية والأمنية.