مركز الميزان يستنكر استمرار تحصين المجرمين ويطالب المجتمع الدولي بتفعيل أدوات المحاسبة الدولية وإنهاء حالة الحصانة والإفلات من العقاب

رام الله - دنيا الوطن
قررت النيابة العسكرية الإسرائيلية إنهاء التعامل مع الملفات وعدم فتح تحقيق جنائي لعدم كفاية الأدلة في (7) ملفات من أصل (11) ملفاً تمحورت حول جريمتي التعذيب والسرقة. وكان محامو مركز الميزان تقدموا بطلبات تحقيق للنيابة العسكرية حول تعرض (5) مواطنين للتعذيب وسوء المعاملة أثناء اعتقالهم من قبل قوات الاحتلال بالإضافة لـ (6) مواطنين تعرضت منازلهم للنهب والسرقة من قبل جنود الاحتلال، وذلك خلال العدوان الإسرائيلي واسع النطاق الذي شنته قوات الاحتلال في العام 2014. وذلك بعد أكثر من عامين من جمع الاستدلات وجمع الأدلة المادية والاوراق الثبوتية وسماع الشهود.

وتعود وقائع هذه الجرائم إلى الممارسات التي ارتكبتها قوات الاحتلال بعد 18 يوليو 2014 حيث شرعت في اجتياحها البري للمناطق الشرقية من قطاع غزة والذي شمل بلدة الشوكة في رفح وبلدات خزاعة وعبسان الكبيرة وعبسان الجديدة والقرارة ومنطقة الزنة في مدينة خان يونس والعديد من المناطق الأخرى وتخلله قصف عشوائي لمنازل المواطنين في تلك المناطق مما تسبب في فرار المواطنين قسرياً من منازلهم وتركها الي مناطق آمنة بالنسبة لهم. ونتج عن ذلك  قيام الجنود باقتحام بعض المنازل والعبث بمحتوياتها وسرقة أموال وحلي تعود ملكيته للمواطنين. هذا بالإضافة لقيام الجنود باعتقال عشرات من المواطنين المدنيين من منازلهم وإخضاعهم لأشكال مختلفة من التعذيب وسوء المعاملة والمس بالكرامة الإنسانية، وكانت تلك القوات تجبر السكان على التجمع في مناطق مفتوحة تحت أشعة الشمس في ظل الحر الشديد وحرمانهم من شرب الماء وإخضاعهم للضرب والإهانة والسب والشتم وتعصيب الأعين وتقيد الأرجل والأيدي وتهديدهم بالقتل من خلال إطلاق النار حول أرجلهم وعلي بعد أمتار وهم معصوبي الأعين ما تسبب في ترويعهم وإيهامهم بأنهم سيقتلونهم.

هذا وقد قام محامو مركز الميزان ببناء الملفات القانونية للحالات وتم تقديم طلبات تحقيق للنيابة العسكرية الاسرائيلية والتي بدورها أبلغت مركز الميزان بأنه تم فتح ملفات لكل حالة على حدا لفحص الادعاءات وقد تم تسليم كميات كبيرة من المعلومات من شأنها أن تثبت وقوع الجرائم وتشير إلى مرتكبيها ووقت وتاريخ ومكان ارتكابها. هذا وقد مثل (8) من الضحايا أمام الشرطة العسكرية لأخذ إفاداتهم في (14) جلسة جرت داخل معبر بيت حانون (إيرز)، وقدموا شهادات مفصلة حول ما تعرضوا له من تعذيب وما تعرضت له منازلهم من سرقات، فيما امتنع ثلاثة من الضحايا عن المثول أمام الشرطة العسكرية.

وبعد مرور أكثر من عام بعد آخر إجراء تم اتخاذه، تلقى مركز الميزان ردود من النيابة تفيد أنها انهت التعامل مع الملفات وأنها قررت عدم فتح تحقيق جنائي لعدم كفاية الأدلة.  

مركز الميزان لحقوق الإنسان يرى أن هذه الحالات، جاءت لتؤكد الاستخلاصات التي توصل إليها المركز وغيره من منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والإسرائيلية والدولية وكذلك الأمر لجان التحقيق الدولية المختلفة التي تشكلت للتحقيق في ادعاءات وقوع جرائم حرب، والتي تؤكد أن اسرائيل وبشكل متعمد تضع العراقيل في وجه التحقيقات بهدف توفير الحماية لقواتها، وبأنها غير مستعدة لإجراء تحقيقات جدية ومهنية ومستقلّة بشبهات ارتكاب جرائم الحرب، كما أنها لا تنوي إجراء أي محاسبة كما يقتضي القانون الدوليّ.

إن إغلاق سلطات الاحتلال ملفات التحقيق في ظل وجود أساس قوي وواضح لإدانة جنودها بارتكاب جرائم حرب يؤكد مرة أخرى عدم أهلية الجيش للتحقيق لأنه لا يجوز للمجرم أن يحقق مع نفسه وفي الوقت نفسه يدعي أنه يجري تحقيقات مهنية ترقى لمستوى المعايير الدولية.

مركز الميزان لحقوق الإنسان إذ يعرب عن استهجانه الشديد لسياسة الحصانة التي تكرسها سلطات الاحتلال واستمرار فشل المجتمع الدولي في اتخاذ خطوات ملموسة من شأنها أن تنهي حالة الإفلات من العقاب وتكرس مبدأ المحاسبة على انتهاكات القانون الدولي الإنساني، فإنه يطالب المجتمع الدولي بتفعيل أدوات المحاسبة الدولية وإنهاء حالة الحصانة والإفلات من العقاب، لضمان حقوق ضحايا انتهاكات قوات الاحتلال في العدالة والتعويض، ومعاقبة مرتكبي الانتهاكات ومن أمروا بها. والعمل على إنهاء الاحتلال وتمكين الفلسطينيين من التمتع بحقوقهم بما يشمل حقهم الأساسي كشعب في تقرير المصير.

مركز الميزان يشدد على مواصلته جهوده الرامية إلى فضح ما يجري من انتهاكات منظمة لقواعد القانون الدولي الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والعمل مع منظمات حقوق الإنسان في فلسطين والعالم من أجل تحريك المجتمع الدولي للتخلي عن صمته والتحرك وفاءً بالتزاماته القانونية، ولا سيما اتفاقية جنيف الرابعة، لضمان حماية المدنيين وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين.

كما سيواصل جهوده لوضع المحكمة الجنائية الدولية أمام التزاماتها القانونية واستمرار تزويدها بالحقائق التي تثبت تورط قوات الاحتلال بارتكاب جرائم حرب.