المطران عطا الله حنا يستقبل وفد كنسيا من بلاد اليونان

رام الله - دنيا الوطن
استقبل  المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس صباح اليوم عددا من المطارنة والاباء الكهنة والرهبان وحشد من الحجاج الاتين من بلاد اليونان الذين شاركوا في احتفال عيد الصليب الذي اقيم في كنيسة القيامة ، وقد رحب بهم  المطران عطا الله حنا في مدينة القدس والتي يزورنها في زيارة حج لاماكنها المقدسة .

شدد  المطران في كلمته على مكانة ومركزية مدينة القدس في التراث المسيحي باعتبارها حاضنة اهم المعالم المسيحية في العالم وفي مقدمتها القبر المقدس ، قال  بأن كنيسة القدس هي الكنيسة الام والكنيسة الاولى التي شيدت في العالم وذلك لان المسيحية انطلقت من هذه البقعة المقدسة وانتشرت في كافة اصقاع العالم ، ففي هذه الارض المقدسة عاش السيد المسيح من مهده الى لحده وبعد قيامته وحتى صعوده الى السماء وفي هذه المدينة المقدسة اجتمع الرسل القديسين حيث انطلقوا بعدئذ الى مشارق الارض ومغاربها لكي يبشروا بالكلمة الالهية ، ان زيارتكم للقدس هي عودة الى جذور الايمان فمن هنا كانت الانطلاقة وعندما تتجولون في هذه المدينة وفي هذه الديار المقدسة سوف تكتشفون بأن في كل زاوية وفي كل مكان هنالك مزار يذكرنا بالاحداث الخلاصية التي تمت في هذه الارض المباركة .

ان مدينتنا المقدسة هي حاضنة لاهم مقدساتنا المسيحية ولكننا نعتقد بأن كنيستنا هي ليست كنيسة حجارة صماء واماكن مقدسة تشير الى تاريخ مدينتنا المجيد فحسب بل ان كنيستنا هي كنيسة الانسان وهي كنيسة هذه الارض ، انها كنيسة وطنية بامتياز مرتبطة بهذه الارض المقدسة ، انها كنيسة البشر وليست كنيسة الحجر وهي كنيسة شاهدة على تاريخ هذه المنطقة وهذه البقعة المقدسة من العالم .

انها كنيسة عايشت وشاهدت ما ألم بشعبنا الفلسطيني من نكبات ونكسات ولذلك فإن صوت الكنيسة في بلادنا كان ومازال صوتا مناديا بالعدالة والسلام .

نحن منحازون لشعبنا الذي قضيته هي قضيتنا وآلامه هي آلامنا ومعاناته هي معاناتنا وتطلعه نحو الحرية هو تطلعنا جميعا .

ان ابناء كنيستنا في هذه الديار ينتمون الى هذا الشعب المناضل والمكافح من اجل الحرية وهم يرفضون الارهاب والعنف والكراهية والتعصب والتطرف والعنصرية ، نحن جماعة تبشر بقيم السلام والمحبة والاخوة وترفض ان يظلم الانسان لاي سبب كان .

ان انحيازنا لشعبنا الفلسطيني هو الانحياز للحق والعدل والقيم الانسانية والاخلاقية ، فإيماننا يدعونا دوما ان نكون الى جانب المظلومين والمعذبين والمتألمين في هذه الدنيا ولا يمكننا ان نكون الا منحازين لهؤلاء الذين وصفهم الانجيل بأنهم اخوة يسوع الصغار .

ان مدينتنا المقدسة يكرمها المؤمنون في الديانات الابراهيمية التوحيدية الثلاث انها مدينة تتميز بمكانتها الروحية وتاريخها وتراثها وعراقتها وبعدها الانساني والروحي والوطني ، انها مدينة مقدسة نعتبرها مدينة السلام ولكنها اليوم هي ابعد ما تكون عن السلام لانها مدينة يظلم فيها ابناء شعبها ويعاملون بطريقة فيها الكثير من الاجحاف والظلم والعنصرية والاستهداف ، انها مدينة ينتمي اليها الفلسطينيون ويعتبرونها عاصمتهم الروحية والوطنية ولكنها ايضا مدينة يستهدف فيها ابناء شعبنا في كافة مفاصل حياتهم ، تستهدف مقدساتهم ومؤسساتهم ويعاملون كأقلية او جالية في هذه المدينة المقدسة التي هي مدينتهم وحاضنة مقدساتهم.

نتمنى من الكنيسة الارثوذكسية اليونانية ومن سائر الكنائس الارثوذكسية في عالمنا ان يكون لها صوتها الواضح والجريء في الدفاع عن فلسطين الارض المقدسة وعن القدس المدينة المستهدفة ، نريد صوتا ارثوذكسيا مناديا بالعدالة والسلام ونصرة المظلومين والمتألمين في هذا العالم .

فأبناء شعبنا يتوقعون من القيادات الدينية في عالمنا ان يكونوا الى جانبهم وهم يتعرضون لهذا الاستهداف وان يؤازروا قضيتهم العادلة وسعيهم ونضالهم من اجل الحرية ، نتمنى من كنائسنا الارثوذكسية في العالم ان تلتفت الى فلسطين التي يسعى البعض لتهميش قضيتها ، كما ان البعض الاخر يتجاهل ما يحدث في مدينة القدس من انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان ، نتمنى من الكنائس المسيحية العالمية ان تكون منحازة الى جانب العدالة ونصرة المظلومين والمتألمين بعيدا عن اللغة الدبلوماسية المنمقة ارضاء لهذا الطرف او ذاك ، فهدفنا الاساسي يجب ان يكون ارضاء الله ومواقفنا يجب ان تكون مستندة الى ايماننا وقيمنا واخلاقنا ولا يجوز الرضوخ لاية ابتزازات من اي جهة كانت ، فقضية الشعب الفلسطيني هي قضيتنا جميعا ومن واجب كنائس العالم كافة ان تؤازر شعبنا وان تقف الى جانبه في قضيته العادلة وسعيه الهادف الى الانعتاق من الاحتلال وتحقيق امنياته وتطلعاته الوطنية .

نتمنى ان يكون هنالك تعاون بين المرجعيات الدينية من كافة الاديان في عالمنا لكي نعمل معا وسويا من اجل نبذ مظاهر العنصرية والتطرف والكراهية التي تشوه صورة الانسانية وتسيء للقيم المبادىء السامية التي تنادي بها دياناتنا ، علينا ان نتوحد وان نتعاون في خدمة انسان هذا العصر .

علينا ان نعمل معا وسويا من اجل عالم جديد تسوده قيم المحبة والاخوة والسلام بعيدا عن الارهاب والتطرف والكراهية .

نلتفت واياكم الى سوريا هذا البلد الذي نحبه جميعا ومن دافع عن فلسطين دافع عن سوريا ودافع عن كافة الشعوب المظلومة في عالمنا ، نتمنى السلام لسوريا وعودة مطارنتها المخطوفين وكافة المخطوفين ، نتمنى السلام لهذا البلد العريق الذي فيه فتحت عينا بولس الرسول فتحول من كاره وحاقد على المسيحية الى مبشر ومناد بقيمها ورسالتها ، نسأل الله ان ينير القلوب والعقول وان يزيل الغشاوة عن الابصار فيدرك انساننا انه مخلوق لكي يكون اداة خير وحياة ورقي وبناء لا ان يكون اداة موت وحقد ودمار وخراب ، وما اكثر اولئك الذين يدمرون ويخربون في منطقتنا ويسعون لنسف كل ما هو حضاري وانساني في مشرقنا العربي ، كفانا حروبا ودمارا وقتلا وتخريبا ، كفانا موتا ودماء وحزنا ودموعا ، كفانا ما حل بنا من نكبات ونكسات وتشريد ودمار وخراب ، ان شعوبنا تريد ان تعيش بسلام ويحق لفلسطين ان تكون في سلام وان تكون سوريا والعراق وغيرها من البلدان العربية في امن وسلام .

اننا نشكر الكنيسة اليونانية على ما قدمته للنازحين واللاجئين اليها هربا من الحروب والقتل في منطقتنا ، نشكر كل من كفكف دموع طفل حزين وكل من قدم قطعة خبز لطفل جائع وكل من قدم ابتسامة محبة واخوة لانسان حزين ومتألم ، فالذي يقدم ويعطي لهؤلاء انما ينال بركة ونعمة من السماء لاننا نعتقد بأن المعطي يسبغ عليه الرب الاله بكثير من مراحمه وبركاته ونعمه ، نصلي من اجل السلام في سوريا