بائعات البسطات حكايا تروى في ثنايا القدس

بائعات البسطات حكايا تروى في ثنايا القدس
خاص دنيا الوطن - شروق طلب

 تقاسيم وجوههن وتجاعيدهن تحكي الحكاية ، ففي القدس حكايا كثيرة، ولبائعات البسطات حكايا تروى بين ازقة واسوار القدس ، اختلفت حكاياهن الا ان معاناتهم واحدة في نهاية الامر ، ففي القدس حتى الابنية تعاني .

والمعاناة تبدأ صباحا عندما يحملن بضاعتهن من التين والصبر والزعتر وما توفر في حقولهن التي تتواجد في اراضيهن وفي الغالب التي تكون مهددة بالمصادرة لصالح الاستيطان ، وكل ذلك للحصول على لقمة عيش كريمة .

فما يمشي في شارع صلاح الدين لترى الخمسينية ام أسامة التي اتت من بتير قضاء بيت لحم لتبيع الزعتر والميرمية والنعنع وبعض العنب التي التقطتها من حاكورتها الصغيرة " انا من بتير باجي كل يوم من الساعة 5 بطلع من البيت وبمر عن  حواجز مختلفة لاوصل للقدس عشان أأمن لقمة ولادي، بحضر من المساء النعنعات والمرميات والزعترات وبلقط العنبات عن الشجرة من حاكورتي ، والصبح بعد آذان الفجر بتيسر على القدس، وما بصل القدس الا الساعة صايرة 9 ، وبحط البسطة  عند القوسة في شارع صلاح الدين ، وياما الجيش اجوا بخيولهم وببساطيرهم داسوا على بسطتي وبسطات الحجات حدي"

وأضافت " حتى لو ما بجيب مصاري كتير بس اهم اشي كرامتي وكرامة ولادي، والله االشغل مش جايب همه بس شو بدو يسوي الواحد بدوو يصبر ويتحمل ، والرزق على الله "

" انا أرملة وعندي اربع ولاد وبنتين وكلهم في الجامعات ويا دوب ملحقة عليهم مصاريف ، بس هذا قدر الفلسطيني يضلوا مشرد ومشنطط بكل الدنيا"

وافادت ام اسامة عن مضايقات الاحتلال لها " انا اكثر من مرة اجت الشرطة وطواقم البلدية حسبي الله فيهم قلبوا البسطة على الارض وصاروا يدعسوا عبضاعتي ، والحجات حدي نفس الاشي .

وما ان تسير في شوارع القدس لتذهب الى باب العامود حيث ترى الحجة ام حسين السبعينية التي تبيع الصبر واالتين ، " انا جاية من قضاء رام الله قصتي قصة وحكايتي حكاية انا أرضي وراء الجدار الفاصل ومهددة تتصادر بس انا مصرة على اني ازرعها واوخذ زراعتها ابيعها ، فمن الفجر بروح بوخذ الفواكه  وبحمل حالي وبطلع "

اضافت ام حسين " من الصبح ببقى عقلنديا بحط اغراضي مع شوفير الباص وبطلع عن الحاجز طبعا بقعدلي ساعتين ونص وانا بستنى عالحاجز، علمك طلعة عمال "

وأضافت ام حسين " والله لولا لقمة العيش لا بطلع ولا عبالي ، انا صارلي 20 سنة ببسط بنفس المحل ، زي ما تقول صرت انا والحجارة رفقة ، كأنه الحجارة بتحكي وبتعرفني وحفظت انا مين "

وأفادت" ما بتنعد أكم مرة اجوا الجيش وقلبوا بضاعتي ودعسوا عليها وطردونا يمكن من 20 سنة 60 مرة اذا مش اكثر تعرضت لهيك اشي "

وأردفت بالقول " انا بحب القدس وبحب ابيع فيها والله لو شو ما يسوا في رح اضلني ابيع فيها ، عقد ما الله اعطاني عمر ، والله احساس كتير قوي انك تكون في القدس وقاعد عحجارتها وبين اسوارها ، الله يطعم كل الناس زيارتها ، لانه اللي ما زار القدس خسر نص عمره "

وفي أزقة السوق تمشي وتردد قول الشاعر تميم البرغوثي " في القدس شرطي من الأحباش يغلق شارعا في السوق.. رشاش على مستوطن لم يبلغ العشرين ..قبعة تحيي حائط المبكى ..وسياح من الإفرنج شقر لا يرون القدس إطلاقا ..تراهم يأخذون لبعضهم صورا مع امرأة تبيع الفجل في الساحات طول اليوم..

" حتى تقابلك مجموعة من بائعات االبسطات في طريق الواد فالحاجة يمنى ترتصف حجارة البلدة القديمة وتنادي" يلا يا بنت تعالي خذي العنب"

الحاجة يمنى ذات ال88 ربيعا تبيع العنب في طريق الواد ومعروفة بخفة دمها بين الباعة المجاورين لها فتارة تراها تمازح اصحاب المحلات لمجاورة وتارة اخرى تمازح المشترين منها العنب " عنب حلو زيك ، تعال خذ الحلو"

لكنها  تخفي وراء ضحكاتها  وخفة دمها قصة تدمي القلوب" انا من الخليل ، ابني استشهد الو 3 سنين في مواجهات مع الجيش ، عندي 3 اولاد واحد اسير بسجن الرملة واثنين الله يحميهم بالجامعة وبصرف عليهم والحالة الاقتصادية سيئة كتير ، أبوهم مقعد وما بقدر يشتغل ، بس الحمد لله الله كريم ، ورزقتنا عليه والله ما بقطع حدا"

وتضيف الحاجة يمنى " انا الصبح بطلع عالساعة 5 ونص وبقصد باب الكريم ، والله بيسرها ، بمرق عن 3 حواجز يوم ما يكون الوضع رايق ، بس والله ما رح يقدروا يمنعونا نصل القدس ويمنعوا رزقتنا عنا "

وفي نهاية المشوار في اسواق القدس ترى ان لكل منهن حكاية ، ولكن برغم الالم في الحكاية ،  والمعاناة التي تحياها بائعات البسطات الا انهن وباصرار دائم يصلن للقدس رغم أنف الاحتلال ، وبجمالية يزين القدس .