تسمية الحفيد على إسم الجد ... عادات و تقاليد فلسطينية أم بوابة للخلاف؟

تسمية الحفيد على إسم الجد ... عادات و تقاليد فلسطينية أم بوابة للخلاف؟
خاص دنيا الوطن ريم السويسي

تعيش الأسرة الغزية على امتداد رقعتها الجغرافية مساحة من الاختلاف في نمط الحياة و سلوكياتها, فهناك القبلية و هناك الاستقلالية الفكرية و الثقافية, لكنها جميعاً تتوحد على الاحترام و الطاعة للوالدين تلك التي ورثوها عن أجدادهم الكنعانين اذ كان للأب "الجد" أنذاك سلطة قوية و مكانة رفيعة.

احدى سلوكيات هذه الطاعة و الاحترام تتمثل في اطلاق اسم الجد على الحفيد المولود, فهل هي نوع من العادات و التقاليد أم نوع من التبجيل و الاحترام؟ و هل تعد ذات منظور اجتماعي إيجابي أم أنها تتسبب بإحداث بعض المشاكل العائلية؟

استطلاعاً لأراء الشارع الذي انقسم بين مؤيد و معارض للفكرة, فالطالبة من جامعة الأزهر, 22, عاماً متزوجة تقول حيال الأمر, " أنا لست مع أو ضد هذه الفكرة فالأمر قد يكون نوع من تخليد الزوج لاسم أبيه ليس إلا فيصبح اسم الحفيد و كأنه بديل عن وجود الجد. أستطيع القول أنه من المقبول تسمية الحفيد على اسم جده في حال كان الاسم المطلق على الحفيد مقبول و جميل لكن في حالة كان الاسم غريب أو من الأسماء القديمة الثقيلة اللفظ فأنا بصراحة ضد".  

طالب اخر من نفس الجامعة يؤكد أنه ضد الفكرة كلياً و السبب أنها مجرد عادة لا مبرر لوجودها. بعد زواجي لن أطلق اسم أبي على ابني فأنا حر ولا أحد يمكنه أن يفرض علي اسم ابني خاصة أننا نعيش في ثورة من الأسماء الجديدة الجميلة فلماذا أضطر الى تسمية ابني على اسم والدي", على حد قوله.

مواطن ثالث, أب يبلغ من العمر 40 عاما, يتحدث عن رأيه بالموضوع بقوله, "طبعا أنا ضد الفكرة و ذلك لأننا نعيش في القرن الحادي و العشرين فالأسماء القديمة أصبحت لا تناسب العصر الذي نعيش فيه خاصة بعد الانفتاح الذي نعيشه و الغزو الفكري الذي نتعرض له يومياً فالأسماء الجديدة المستوردة أصبحت نوعاً من الموضة و البرستيج".

و بناء على ما سبق, فإن الاسم المطلق على الطفل قد لا يكون قديماً فقط بل قد يسبب له احراجاً سواء في محيط البيت أو في المدرسة فيضطر أهله الى تسميته باسمين أحدهما يستخدم في البيت و الأخر يستخدم في المدرسة.

الجد محمد الحصري, 55 عاماً, يتحدث عن تجربته بالقول, " لقد أطلق ابني اسمي على ابنه و لا أجد في الأمر أي مشكلة فأنا سأورثهم مالاً فكيف لهم ألا يسموا و يخلدوا اسمي؟ لكنني بصراحة لم أسمي على اسم والدي فوالدي اسمه "ديب" و وجدته اسماً ثقيلا نوعاً ما فلم أسمي ابني على اسم جده".

في بعض الأحيان لا يقف الأمر عند تسمية الحفيد باسم الجد بل يتعداه الى ضرورة أن يطلق كل الأبناء اسم الجد على أبنائهم فتجد في البيت الواحد مثلاً أربعة أحفاد لهم نفس الاسم- اسم الجد كنوع من التكريم و التبجيل للجد.

المرشدة النفسية سحر معين, تعلق على هذا الأمر بقولها, "لا يشكل هذا الموضوع في وقتنا الحالي انتشاراً كبير كالسابق, في الماضي كان هذا الامر منتشر أكثر و فيه نوع من الإلزام لكن حالياً فقد انخفض هذا الإلزام و السبب هو الانفتاح و التطور الفكري لدى الشباب, بالإضافة الى كون الزوجة كانت قديماً مسالمة بشكل أكبر من وقتنا الحالي فكان الأمر لا يشكل لها معضلة أما حالياً فقد تعترض الزوجة على الإسم اذا كان ثقيل اللفظ أو غريب أو قديم خاصة في حال كانت موظفة و متعلمة و عاملة".

و تؤكد بأنها مع الفكرة لو كان الإسم المراد اطلاقه على الحفيد مقبولاً و لا غرابة فيه أما لو كان العكس فهي تفضل تغييره لأن الأمر قد يؤثر على نفسية الطفل لاحقاً فيشعر بأنه منبوذ بسبب اسمه الذي قد يعرضه لنوع من التهكم من أقرانه في المدرسة أو المنزل".

من جهة اخرى, تسبب اصرار الزوج على تسمية إبنه على اسم أبيه بخلاف كبير بينه و بين زوجته التي رفضت الإسم لكونه قديماً, و حتى اعداد التقرير فإن الزوجان على أبواب الطلاق نتيجة هذا الخلاف.

و عن هذه القضية التي يطرحها المحامي النظامي أحمد المغربي من المركز الفلسطيني للديمقراطية و حل النزاعات, يقول, " تعاملنا من قضية خلاف نتيجة اصرار الزوج على تسمية إبنه الأول على اسم والده فما كان من الزوجة الا أن رفضت لأن الإسم قديم و احتدم الخلاف بينهم, حاولنا التوسط و حل القضية لكننا لحتى الأن لم نفلح في رأب الصدع الذي تسبب فيه الاسم في ترك الزوجة بيت الزوجية و مكوثها لدى أهلها حتى الأن, الأمر الذي قد يفضى الى الطلاق بسبب اصرار الزوج و تعنت الزوجة".

أما عن رأي القانون, فيضيف المغربي بأن التسمية حسب القانون تعود للأب و لا يحق للأم منفردة أن تسمي الابن حتى لو كانت منفصلة عنه. أصل هذا الموضوع يعود الى العادات و التقاليد اذ لا مبرر قانوني أو شرعي يحكم هذه الاشكالية".

يقول المثل الشعبي "رضا الأب من رضا الرب" فكثير ممن يتمسكون بمضمون هذا المثل و يعتبرون أن تسمية الاحفيد على اسم الجد هو نوع من التبجيل و الاحترام في حين يراه الكثيرون مجرد عادات و تقاليد بالية لا تمت للإحترام بصلة لا من قريب و لا من بعيد, فتظل القضية معلقة بين مويد و معارض.

يذكر أن المجتمع الغزي هو مجتمع قبلي بالدرجة الأولى و بالتالي تعطي العادات و التقاليد حجما أكبر مما تستحق سواء على مستوى الفرد أو العائلة.