بالصور .. تل ارميدة وشارع الشهداء ... مسرح للموت لطرد السكان وتهويد المنطقة

بالصور .. تل ارميدة وشارع الشهداء ... مسرح للموت لطرد السكان وتهويد المنطقة
خاص لدنيا الوطن – رائد الاطرش

عشرات العائلات الفلسطينية لازالت متمسكة بمنازلها الواقعة في شارع الشهداء وحي تل ارميدة وسط مدينة الخليل، رغم كل الاجراءات الاحتلالية بحقهم و المضايقات المتكررة من قبل جنود الحواجز واقتحامات المستوطنين لبيوتهم و الاعتداء على اطفالهم وتحويلهم لمجرد ارقام عدا عن الاحتجاز على الحاجز العسكري المقام على المدخل الشمالي لشارع الشهداء والذي يعتبر المدخل الوحيد للوصول لمنازلهم بعد اغلاق المنطقة بالكامل بالحواجز و البوابات الحديدة.

لا عدسة الكاميرا ولا احرف اللغة تستطيع وصف ونقل الواقع المرير والصعب جدا ً الذي يصل حد الاذلال لتلك العائلات التي آمنت بقدسية الحفاظ على منازلهم والعيش فيها رغم الصعوبة المطلقة للحياة هناك خوفا ً من السيطرة عليها و تهويدها وهو المخطط الاسرائيلي الواضح لتلك المنطقة.

حاولنا الدخول لشارع الشهداء عبر الحاجز العسكري المقام على مدخلة الشمالي الا ان جنود الاحتلال منعونا من العبور بدعوى اننا لسنا من سكان المنطقة وهي منطقة عسكرية مغلقة يمنع غير القاطنين فيها من العبور اليها سواء طواقم صحفية او طبية او اقرباء للعائلات القاطنة في المنطقة ما يعزز الشعور للأهالي بانهم في سجن اكبر مساحة من السجون الاسرائيلية المعتقل فيها مناضلي الشعب الفلسطيني.

حواجز شارع الشهداء وتل ارميدة اعدم الاحتلال عندها عشرات الشبان والفتيات، وكانت الشهيدة هديل الهشلمون اول من اعدم برصاص جنود الاحتلال قبل عام بدعوى محاولتها تنفيذ عملية طعن الا ان شهود العيان و الصور التي وثقت الاعدام اثبتت ان الشهيدة الهشلمون فقط لم تفهم اللغة التي تحدث بها الجنود فأعدموها عند محاولتها التراجع ومغادرة الحاجز جراء الرعب الذي دبه الاحتلال في نفسها.


 بعد حادثة اعدام الهشلمون، وبداية احداث الهبة الشعبية او "انتفاضة الاقصى" أعاد الاحتلال بناء الحاجز العسكري بطريقة جعلته اشد قمعا ً واكثر تحكماً بالعابرين من خلاله ليصبح كالمعابر التي تفصل بين الدول، وكأن قلب المدينة مدينة اخرى لدولة اخرى وجنسيات اخرى.

الناشط بديع دويك منسق تجمع مدافعون عن حقوق الانسان يقول لمراسل دنيا الوطن، بان ما يميز هذه المرحلة من الاغتيالات عن سابقتها بأن مربع الاغتيالات اصبح اوسعا نطاقا، حيث لأول مرة يتم اغتيال الشاب الشلودي خارج مربع الاغتيالات التي عادة تكون داخل تل الرميدة وشارع الشهداء اما هذه المرة فلقد كانت على احدى الحواجز التي تصل ما يسمى H1 مع H2 ، وكما يعرف البعض بان هناك حالات محاولات طعن حقيقية ولكن اسرائيل حتى تثبت روايتها استغلت حالات الطعن هذه لتضخيمها وحتى تجر الشباب الاكثر حماسة لسحبهم الى هذا المربق وقتلهم بدم بارد دون ان يتسببوا بجرح ولو جندي واحد، وبذلك عملت اسرائيل على قتل اصحاب الرؤوس الحامية قبل ان تطور وضعيتها لحمل سلاح اكثر فتكا.

ويبين الناشط دويك، " في نفس الوقت نحن كفلسطينيين نخسر هذا الاحتياط من الشباب الذي يجب ان يعيش ليستمر في المقاومة لا ان يستشهد بدم بارد" فالهدف الاستراتيجي الاوسع الذي تعمل اسرائيل عليه وقد بداته بالفعل منذ سنوات عبر خطة متدحرجة هو احكام السيطرة بشكل مطلق على المنطقة التي تقع ما بين ما تسمى مستوطنة "تل يشاي" مرورا ً بشارع الشهداء وحارة جابر وصولا ً الى وادي الحصين ووادي الغروس حيث مستوطنة "كريات اربع" وغيرها من المستوطنات الاخرى. وبذلك ترتبط المستوطنات عبر هذا الخط مُشَكلة كتلة استيطانية واحدة بعد وصلها ببعضها البعض، وهو ما يسمى بالحي اليهودي المرتبط عبر بوابة "كريات اربع" الخلفية عبر الطريق الالتفافي بالقدس مباشرة.

ويضيف دويك المتواجد دائماً في شارع الشهداء وحي تل ارميدة لتوثيق الاعتداءات الاسرائيلية على السكان،  وهنا خارطة الاغتيالات تأخذ نفس مضيفة اليه مستوطنة "عتصيون" حيث تم تصفية بعض الشهداء هناك ايضا، وبذلك تتخلص اسرائيل من الوجود الفلسطيني داخل هذا الخط حتى تصبح المنطقة يهودية بالكامل.


 ويقول الحاج مفيد الشرباتي – احد سكان شارع الشهداء – لمراسل دنيا الوطن عبر الهاتف، ان 170 عائلة لازالت تعيش في شارع الشهداء وتل ارميدة الا ان بعض العائلات اضطرت للعيش في مناطق اخرى من مدينة الخليل وخرجت من المنطقة جراء التهديدات الاسرائيلية والمضايقات المستمرة بحق الاهالي فأصبح بالمنطقة قرابة الـ 80 بيت مهجور بلا سكان.

ويضيف الشرباتي، بعد اعدام الشهيدة الهشلمون منذ عام يعاني اهالي المنطقة من الاغلاقات والتفتيش المهين والاذلال للكبير و الصغير في المنطقة الا انه منذ اسبوعين اشتدت الاجراءات في المنطقة وعاد الاحتلال لاعتبارنا مجرد ارقام ندخل الى منازلنا فقط من خلال ارقام يضعها على بطاقات الهوية وكل من هو مِن خارج المنطقة يمنع من الدخول اليها، اضافة لتدريبات جيش الاحتلال التي يراها اطفالنا يومياً على اعدام الفلسطيني واهانته عند عبور المنطقة.

الاحتلال يطالب الاطفال بإعمار تقل عن 16 عام بحمل بطاقة هوية حتى يتمكنوا من الدخول لمنازلهم، "وبكل العالم لا يوجد طفل يحمل هوية"، يقول الشرباتي.

وعن التنكيل الاسرائيلي بحق السكان يوضح الشرباتي ان الجنود المتواجدين على الحاجز يفتشون كل شيء حتى الخبز يُفتش، ولا نستطيع ادخال اسطوانات الغاز بسهولة ولا المواد الغذائية او غيرها، كل شيء يتم تفتيشه اضافة لاحتجازنا بعض الاحيان لساعات على الحاجز حتى يتدخل الارتباط الفلسطيني لحل المشكلة والدخول لمنازلنا.

يضطر الارتباط الفلسطيني و مجموعة من المتضامنين الاجانب من مرافقة طلاب المدارس من المنطقة صباحا ً وبعد مغادرتهم المدرسة لتأمين وصولهم الى مدارسهم وبيوتهم، والجديد ان الاحتلال وضع خطوط يجبرنا على الوقوف عندنا لتفتيشنا بعد مرحلة التفتيش على الحاجز والاكثر اذلالاً اننا نفتش تفتيشا ً عاريا ً.

أهالي تل ارميدة وشارع الشهداء يشكلون اسطورة في الصمود و التصدي لإجراءات الاحتلال بحق المنطقة وتركهم وحدهم بدون تعزيز لهذا الصمود الاسطوري سيزيد عدد العائلات التي ستخرج من المنطقة وتنتقل الى العيش في مناطق اخرى من الخليل رغم الاهتمام الذي توليه محافظة الخليل لهذه المنطقة بالذات.