المطران حنا: فلسطين هي عنوان للبطولة والشهامة والنضال من اجل الحرية

المطران حنا: فلسطين هي عنوان للبطولة والشهامة والنضال من اجل الحرية
رام الله - دنيا الوطن
استقبل سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس اليوم وفدا حقوقيا من جمهورية جنوب افريقيا من مدينة كيب تاون ودربن وجوهانسبورغ وقد ضم الوفد 30 شخصية من جنوب افريقيا من مناصري ومؤيدي القضية الفلسطينية وهم عدد من ممثلي الكنائس ومن المؤسسات والهيئات الحقوقية الرافضة للعنصرية والمناصرة لقضايا العدالة والسلام في العالم .

وقد ابتدأت زيارة الوفد لمدينة القدس اليوم بجولة داخل كنيسة القيامة حيث قدم سيادة المطران بعضا من الشروحات والتوضيحات حول تاريخ هذا المكان المقدس ، كما اقيمت صلاة خاصة امام القبر المقدس ، ومن ثم توجه الجميع الى الكاتدرائية المجاورة حيث استمعوا الى محاضرة سيادة المطران عطا الله حنا : 

حيث وضع سيادة المطران الوفد في صورة الاوضاع الراهنة في مدينة القدس وما يتعرض له المقدسيون من استهداف يطال كافة مفاصل حياتهم كما وضع سيادته الوفد في صورة الاوضاع الفلسطينية بشكل عام ، شاكرا الوفد على زيارته التضامنية ومشيدا بالمواقف التاريخية لجنوب افريقيا تجاه القضية الفلسطينية حيث كان القائد الكبير المناضل نلسون مانديلا يؤكد دوما في خطاباته وفي كلماته على عدالة القضية الفلسطينية ، ولا يمكننا ان ننسى كلمته عندما خرج من سجنه حيث قال بأن حريتي لن تكتمل الا من خلال حرية الشعب الفلسطيني ، ولذلك فإن شعبنا الفلسطيني يكن للقائد الكبير نلسون مانديلا ولكافة اصدقائنا في جنوب افريقيا يكن كل التقدير والاحترام والوفاء على هذه المواقف التضامنية المؤازرة لشعبنا والمنادية بحريته وانعتاقه من الاحتلال .

في جنوب افريقيا انهار نظام الفصل العنصري بفضل نضال وكفاح شعبكم وصموده وثباته وسعيه الدائم من اجل الحرية وانعتاقه من هذا النظام الفاشي الذي كان سائدا في بلادكم ، اما عندنا في فلسطين فما زالت العنصرية قائمة واستهداف شعبنا متواصل والاسوار والحواجز العسكرية العنصرية تحيط بنا من كل حدب وصوب والفلسطيني محروم من حرية التنقل من مكان الى مكان ليس لسبب اخر سوى انه فلسطيني يدافع عن وطنه وعن قضية شعبه ، الفلسطينيون محرومون من ابسط حقوقهم وهم مضطهدون في بلدهم ويعاملون كالغرباء في ارضهم المقدسة ، فمدينة القدس عاصمتنا الروحية والوطنية يعامل فيها الفلسطيني وكانه عابر سبيل و كأنه ضيف في دولة اسرائيل في حين اننا لسنا ضيوفا في دولة اسرائيل ، ولسنا نحن الذين اتينا الى اسرائيل بل اسرائيل هي التي اتت الينا ونكبت شعبنا عام 48 وما زالت تداعيات النكبة والنكسة ماثلة امامنا حتى اليوم ، الفلسطينيون في القدس ليسوا ضيوفا عند احد وهم في مدينتهم وفي اكناف مقدساتهم ، فالقدس لنا وستبقى لنا رغما عن كل السياسات الاحتلالية القمعية الظالمة بحق شعبنا ، انهم يقتلون شبابنا بدم بارد ويعتقلون ابناءنا ويزجون بهم في السجون في محاولة بائسة محكوم عليها بالفشل وتهدف الى اسكات شعبنا وجعله يضعف ويتراجع ويخاف امام قمع المحتل وعنصريته وهمجيته .

بالرغم من كل آلام شعبنا وجراحه ومعاناته سنبقى منتصبي القامة ندافع عن تاريخنا وعن جذورنا وهويتنا وانتماءنا لهذه الارض ، فالفلسطيني في القدس وفي سائر ارجاء هذا الوطن جذوره عميقة في تربتها كشجرة الزيتون التي ترمز الى السلام ولكنها ترمز ايضا الى الصمود والثبات والتمسك بالارض ، هكذا هم الفلسطينيون مسيحيون ومسلمون هم ثابتون في انتماءهم لهذه الارض المقدسة ومتعلقين بكل حبة تراب من ثراها المقدس ، ونحن نعلم ان قوى الشر في عالمنا تتآمر على شعبنا وتتآمر على قدسنا ، اذ يريدنا الاعداء ان نتنازل عن كل شيء وهذا لن يحدث على الاطلاق ، مهما خططوا لتصفية قضيتنا والنيل من وجودنا وثباتنا وصمودنا ومهما سعوا لتهميش قضيتنا من اجل تصفيتها وشطبها فإن شعبنا سيبقى صامدا ثابتا ابيا في الدفاع عن قدسه ومقدساته وعن قضيته الوطنية العادلة .

يريدوننا ان نيأس وهذا لن يحدث ، يريدوننا ان نخاف وان نتراجع وهذا لن يحدث ، يريدوننا ان نشطب قضيتنا الوطنية وان ننسى القدس وهذا لن يحدث ، فشباب فلسطين هم كأبائهم واجدادهم ليسوا اقل انتماء ودفاعا عن وطنهم وشعبهم وقضيتهم العادلة .

نحن دعاة سلام ولكن السلام الذي ننادي به هو سلام العدالة وتحقيق امنيات وتطلعات شعبنا ، فسلامنا هو ليس سلام الاستسلام والتنازل عن الحقوق ، وليس سلام الخوف بل الثبات والتمسك بالثوابت الوطنية ، فقضية فلسطين هي ليست قضية معروضة للمساومة في مزادات علنية هنا وهناك ، انها قضية شعب يعشق الحرية والكرامة ، انها قضية شعب يعيش ظلما تاريخيا ومن حقه ان يسعى من اجل ان يزول عنه هذا الظلم لكي يعيش بحرية وكرامة في وطنه .

المسيحيون الفلسطينيون ينتمون لوطنهم وهو وطن يرتبط بايمانهم وتراثهم الروحي فالمسيحية انطلقت من هذه الديار وبزغ نورها من هذه الارض المقدسة لكي ينير ظلمات هذا العالم ، المسيحيون الفلسطينيون يفتخرون بانتماءهم لهذه البقعة المقدسة من العالم التي فيها تجسدت محبة الله للانسانية وهي بقعة تحتضن هذا التراث الروحي والانساني والحضاري المتميز ، المسيحيون وان كانوا قلة في عددهم في بلادنا الا انهم ليسوا اقلية فنحن جزء اساسي من مكونات هذا الشعب وجمال وبهاء فلسطين لن يكون الا من خلال هذا التلاقي وهذا الحضور المشترك وهذا التفاعل بين ابناء الامة الواحدة والشعب الواحد .

فلسطين هي عنوان للبطولة والشهامة والنضال من اجل الحرية ولكنها ايضا هي عنوان الوحدة الوطنية والعيش المشترك والتآخي الاسلامي المسيحي حيث ستبقى فلسطين متميزة بوحدة ابناءها وتلاقيهم ، اما الاصوات النشاز التي نسمعها بين الفينة والاخرى فهي لا تمثل اصالة شعبنا وتاريخه وتراثه وهويته .

المسيحية في مشرقنا العربي تُستهدف بفعل الارهاب والتطرف والتخلف واولئك الذين يستهدفون المسيحيين يستهدفون كافة المواطنين ويريدون اشاعة الفوضى الخلاقة في منطقتنا خدمة للاجندات الاستعمارية العنصرية الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية ، ان كل ما يحدث في منطقتنا العربية هدفه فلسطين ، انهم يدمرون الوطن العربي ويسعون لتفكيكه واضعافه خدمة لاولئك الذين يريدون تمرير مشاريعهم في القدس ، انهم يريدون الهاء امتنا العربية بصراعات دينية مذهبية وقبلية لكي يتسنى للمستعمرين الجدد تمرير مشاريعهم في بلادنا وفي منطقتنا .

لن يتخلى المسيحيون العرب عن انتماءهم لهذا المشرق العربي ، ولن يتخلوا عن حضارتهم وتاريخهم وتراثهم وايمانهم تحت اي ظرف من الظروف ، فآلامنا واحزاننا كثيرة ولكننا لن نفقد الامل لان الله معنا ولن يتركنا وهو خير نصير لكل انسان معذب ومتألم في هذا العالم .

قدم سيادته للوفد وثيقة الكايروس الفلسطينية متحدثا عن مضامينها واهدافها .