بالافتراض من حيث المبدأ

بالافتراض من حيث المبدأ
كتبت د يُسر الغريسي حجازي

هنالك خطر من عواطف الانسان، بسبب ان العاطفة تجسد الإنسانية وتمنح الاتصال بين البشر. لكن السؤال هو كيف نتعلم أن نسيطر على غرائزنا واندفاعتنا عندما نكون غير راضين علي وضع معين أو لدينا خيبة امل في حياتنا الخاصة الي كيفية إدارة التحديات في المجتمع، وتطويق العصبية في العمل.  

  انها مسألة الالتزام المهني، وتطبيق نظام العقوبات في داخل المؤسسات يخفض من حدة التشويش والرشقات النارية في عملية الغضب في مكان العمل. ومع ذلك، هذه الانفجارات من الغضب ليست سوى اساءات غير اخلاقية، وعدم مهنية  

انها التجريبية والنهج الذاتي الذي تحدث عنه هيوم. كما انها تجاوزات العاطفية والسلبية، وينظر إليها على أنها انبعاثات بغيضة ورفض قاطع للواقع. في علم الاجتماع، تحدد عواطف الابعاد الاجتماعية والثقافية، والتي يتم تقييمها وأخذها بعين الاعتبار في صياغة خطوط جديدة داخل المؤسسات. وان هذا الجانب الجديد من القواعد الاجتماعية، يساعد على تحسين العدالة في العمل، وترسيخ الاحترام المتبادل على أساس عقلاني. ان جميع الأنشطة في أي قطاع مؤسساتي، تضع العواطف في اختبار قاس. انظر الي الخوف والفرح، حتى الي الغضب، والاستياء، وتصوروا شعور العامل لما يتعرض لسوء المعاملة.

 "انجلوا سواريز، " العواطف في العمل" 1/2003 (رقم 9)، ص. 9-18"   

ان التحركات في العمل معقدة ومتنوعة، وذلك لأن هناك وظائف يصعب للغاية قضاء ساعات طويلة في نفس الوضعية، مثل العمل على الهاتف، أو عمل الطبيب الذي يجب عليه التركيز طول الوقت، من شان تشخيص المرض وتقديم الرعاية اللازمة للمرضي.

كل موظف في عمله يتعرض الي شدة عواطفه، وهو المدخل المباشر إلى افعال حماسية، مثل حدوث هيستيريا. وبعد ذلك يتم مناقشة الوضع برمته وتحليل العواطف، ثم تخفيفها، ووضع النزاعات جانبا

الحقيقة هنا هي تمثيلا رائعا لمنطق العقل، الذي يجلب شكل الهوية الفعلية بالطريقة الذاتية. وفقا لكانط، ان أشكال الهوية الموضوعية تجدد تنظيم العمل، فطنة العمال، والسبب. اما التكرار من شأنه أن يسمح بالاتفاق العام والوحدة بين الموظفين. كما يتم تخفيض أشكال الهوية إلى الموضوعية، بسبب ان الأفراد يجلبون سبب واحد فقط. في تلك اللحظة، يتجه الحس السليم نحو الجانب الصحيح، والشكل لنفسه. ووفقا للفيلسوف الفرنسي دولوز، يجب على الفرد ان يتنازل من أجل أن يكون جزءا من الفطنة السليمة، لذلك هو بأي حال من الأحوال الفردية المتعارف عليها، والشكل من الشيء نفسه يعمل لتنظيم الاختلافات العقلية

في حين يتم الوصول الي المنطق، تظهر عبارات جديدة لإرضاء جميع الموظفين، ثم ينظر إلى إمكانية العلاقة بين القدرة المدركة وغير المدركة. وأخيرا، تتم تصورات التغيير اعتمادا على قواعد ممكنة  وإمكانيات ينظر إليها على انها عالم ممكن على سبيل المثال، لما تظهر تعبيرات الوجه الغير خائف أو الغاضب  في الواقع، ملامح الوجه تساهم في تفسير العواطف وفهم الاخرين

انه نظام متماسك يتدخل في العمل العاطفي، ويقمع الحالات الغير منضبطة. وتشير العديد من الدراسات أن الخيارات التنظيمية تمنع الجمود في العمل  

ومع ذلك، فإن العمل العاطفي تكاملي عند التعبير الودي واللطيف، وعند إخفاء المشاعر، يسعى تعبير الوجه الي النزاهة. وعلاوة على ذلك، فإن العمل العاطفي هو الفارق عند التعبير عن التهيج والعداء، وذلك يثبت  شعور عدم الارتياح(وارتون وإريكسون، 1993)

لا ننسى التقسيم الجنسي الذي يتطلب المزيد من السيطرة على العواطف، لأن الرجال تميل إلى القساوة في حالة عدم احترام قواعد العمل بشكل جيد، على عكس النساء اللواتي تسيطر غضبها أفضل من الرجال

هناك فرق بين الرجال والنساء، وعواطفهم غير متكافئة. ومن هذه اللحظة تم خلق اللغة المتحيزة والصور النمطية التي وصفت النساء بالضعيفات   

ومع ذلك، فإن النساء كريمات ورحيمات، وأكثر إنتاجية من الرجال لأنهن لديهن القدرة على إتقان مشاعرهن، وإيجاد حلول سريعة ودون مشاكل

ويمكن اعتبار هذا ضار بالمرأة بسبب ان طبيعتها تتأرجح بين طيبة القلب والحس السليم لعواطفها.

لذلك، شرعت الصور النمطية في التقسيم الجنسي للعمل العاطفي، والذي اعتبرت ان معظم الرجال تنتمي إلى المنطق، وأن النساء تتكيف مع الاعمال المنزلية، والانجاب.

كما يجب أخذ بعين الاعتبار الفوارق الاجتماعية والعرقية في العمل العاطفي، والموظفين ذات البشرة الملونة يعانون من العنصرية، والمسلمين الذين يقوموا بصلاتهم بين فواصل العمل يتعرضون للاستهزاء  

هذه التمييزيات لها تأثير على القرارات، في نطاق نظام التوظيف والمراكز الاجتماعية. كما ان هذه القوالب النمطية تقلل من شان الناس واوضاعهم الاجتماعية، وشوهدت هذه الاختلافات أيضا في كل مجتمعات العالم  

ان هذه الاختلافات تصنف الموظفين وفقا لمكانتهم الاجتماعية، وكذلك النساء، اللواتي تتعرض الي العزلة والإذلال

ولوحظت هذه الاختلافات أيضا في العلاقات الأسرية، وتطويرها وفقا لأعضاء الأسرة من خلال الهيمنة الذكورية

وعلاوة على ذلك، ان القواعد الاجتماعية مهمة في إدارة العواطف من أجل إنشاء بنية اجتماعية مفيدة، تتناسب مع التنمية البشرية

أظهر تقرير التنمية البشرية لعام 2015, أن عدم المساواة هي السبب في استمرار الفقر والصراع، وعدم استقرار الشعوب والمناخ. وأن هذه العناصر هي حواجز حقيقية للتنمية البشرية والتماسك الاجتماعي. 

وفي البلدان الديكتاتورية العالية، تظهر الاحصائيات ان الشباب، والنساء، والمعاقين والمهمشين أكثر عرضة للاستغلال، ولوحظ ان استراتيجيات الخدمة العامة لا تكفي ولا تدفع حتى الى التقدم البشري.

ليس هناك علاقة بين العمل والتنمية البشرية، لأن التمييز والعنف عقبة بين الأداء والتنمية البشرية. ويدين تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تسرب الأطفال من المدارس واجبارهم على العمل، وكذلك وجود الفوارق بين الموظفين في الرواتب والعلاوات. على سبيل المثال، يظهر التقرير ان النساء العاملات محرومات من العلاوات ورواتبهن متدنية في العمل. لا بد من وضع استراتيجيات وطنية، وتخصصات جديدة في العمل والمصادقة على الحقوق والمزايا للموظفين

ان هذه السياسات تعمل على التوازن والحماية الاجتماعية، وتقلل من الفوارق، في حين انها تساهم في تطوير عقد اجتماعي جديد واستراتيجيات متقدمة لمواجهة التحديات في العمل، وضمان تنمية بشرية حسنة